بومبيو بين برلين وبغداد وعينه على طهران..

رسائل متعددة تضمنها الغاء بومبيو زيارته المقررة لبرلين

رسائل متعددة تضمنها الغاء بومبيو زيارته المقررة لبرلين
الأربعاء ٠٨ مايو ٢٠١٩ - ٠٩:٢٩ بتوقيت غرينتش

يرسل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو رسائل متعددة من خلال تغيير مسار رحلته الثلاثاء من برلين نحو العراق وبصورة مفاجئة للدولتين. حيث وقبل موعد زيارته للعاصمة الألمانية بساعات، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الزيارة لن تتم بسبب ظروف طارئة مستجدة، الأمر الذي تلقته ألمانيا رسميا بهدوء بينما هو يحمل بطبيعة الحال رسائل واضحة لها.

العالم - مقالات وتحليلات

الغاء زيارة بومبيو أو تأجيلها لموعد يبدو غير معروف بعد، يظهر كمؤشر على تأكيد الولايات المتحدة على تصريحات وزير الدفاع الأمريكي الأخيرة مايك بنس والتي صعّد فيها ضد المانيا في ملف خط الغاز الروسي “نوردستريم2” كما حول انفاقها الدفاعي الذي تصر برلين على زيادته وفقاً للخطة التي اتفق عليها أعضاء الناتو في عهد الرئيس باراك أوباما.

ورغم تصريحات لبومبيو من العراق عن كونه هاتف نظيره الألماني هايكو ماس ليعبر له عن اسفه لعدم تمكنه من لقائه ولقاء المستشارة انجيلا ميركل، وان الأخير تفهم ذلك، الا ان المانيا بالضرورة فهمت الرسالة الامريكية جيداً.

جدول بومبيو المعلن كان يحمل أساسا اجتماعاً اخر يبحث حوارا بين الامريكيتين والذي يبدو انه الغي ايضاً في سبيل زيارة العراق المفاجئة مجدداً وعلى طريقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بهدف ارسال رسالة واضحة لإيران، التي بدورها تعلن منذ صباح الأربعاء 8 مايو/أيار انها ستوقف العمل بعدد من المواد في الاتفاق النووي.

بومبيو يزور العراق وبلا أي إعلانات لا من قبله ولا من قبل الحكومة العراقية، الا انه يبدو بكل الأحوال يتمّ ما بدأه مستشار الامن القومي جون بولتون قبل أيام من تهديدات ضد ايران، تضمنت ارسال ناقلة صواريخ الى المنطقة، وبالتزامن مع نشر وكالة رويترز انباء عن ارسال 4 قاذفات من طراز “بي-52 ” ستكون جزءا من القوات الإضافية التي ستُرسل إلى الشرق الأوسط للتصدي لما تقول واشنطن إنها “مؤشرات واضحة” على تهديد لقواتها من إيران.

وسائل الاعلام الامريكية نشرت انباء على كون الولايات المتحدة حصلت على معلومات تفيد بنية إيرانية لمهاجمة الجنود الأمريكيين في العراق، في الوقت الذي لم تعلن فيه ايران ولا واشنطن ذلك بصورة رسمية حتى اعداد هذا التقرير (9:00 صباحا بتوقيت برلين). إلا ان مجرد توجه بومبيو رجل الاستخبارات السابق والمعادي لإيران الى العراق قبيل اعلان طهران عن تعليقها بعض بنود الاتفاق النووي يعلن ان الولايات المتحدة بالدرجة الأولى تستعد لكل الاحتمالات، ويرسل سلسلة رسائل لبغداد تحت عنوان ان الولايات المتحدة لا تزال تحظى بحصة فيها بعد.

الرسالة للعراق، لو كانت كذلك وسواء يتفق معها العراقيون او لا تكون رسالة قاسية وتضع العراق بموقف صعب، في وقت يسرب فيه مسؤولون عراقيون سيناريو اخر، عن كون واشنطن تبحث اعفاء العراق من بعض العقوبات المفروضة على التجارة مع ايران، أي ان الإدارة الامريكية تحاول بحث سيناريو مختلف ايضاً عن التصعيد العسكري، وهو سيناريو وارد أيضاً، رغم قلة المعلومات والمؤشرات عليه.

بهذا الشكل فسيناريو “طبول الحرب” او التسوية كلاهما وارد على الإعلان الإيراني الجديد من واشنطن، خصوصاً بعدما حاولت إدارة ترامب عرض التباحث مع ايران سابقاً أصلا، بينما لم يستجب الإيرانيون.

بالدرجة الثانية ترسل واشنطن رسالة قاسية لبرلين التي هندست الاتفاق النووي الإيراني ولا تزال تحاول تحافظ عليه بكل الطرق، حتى انها بدأت- مع فرنسا- العمل على نظام تبادل تجاري مع ايران يجنبها التعنت الأمريكي في العقوبات.

برلين أيضاً وحتى اللحظة لم تصدر تعليقها على ما ورد من السلطات الإيرانية، التي ملّت من جانبها من المماطلة الأوروبية في إيجاد مخرج لها ولفك الحصار الاقتصادي عنها بعد مرور نحو عام على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني.

بكل الأحوال ما قام به بومبيو خلال 24 ساعة يبدو انه يعد المنطقة بتغييرات سياسية كبيرة وربما عسكرية وفق ما يراه المراقبون، خصوصا ووزير الدفاع الأمريكي يسانده بتصريحات إضافية تربط بين ايران ومزاعم "نشاط" مفترض في فنزويلا.

فرح مرقه – رأي اليوم