جولات كوشنر الشرق أوسطية لترويج مؤتمر البحرين التطبيعي

جولات كوشنر الشرق أوسطية لترويج مؤتمر البحرين التطبيعي
الأربعاء ٢٩ مايو ٢٠١٩ - ٠٩:١٨ بتوقيت غرينتش

يحاول "جاريد كوشنر"، صهر الرئيس الاميركي وشركاؤه، الترويج لخطة ترامب المعروفة بصفقة القرن، حيث بدأ بجولات شرق أوسطية يحاول من خلالها التركيز على الوجه الاقتصادي لصفقته، مستغلا الحصار المفروض والوضع المعيشي الصعب في قطاع غزة. مشروع كوشنر يجري عبر انشاء نسخة خبيثة اخرى من شركة «كوشنر وشركاه»..

العالم - تقارير

بحسب مسؤول في البيت الأبيض، يوم الثلاثاء، إن جاريد كوشنر، المستشار البارز للبيت الأبيض وصهر الرئيس ترامب، يقود وفداً أميركياً في جولة تشمل عدة محطات في الشرق الأوسط هذا الأسبوع لحشد التأييد لمؤتمر البحرين، الذي يوصف فلسطينياً بأنه المدخل الاقتصادي لتطبيق صفقة القرن، وتصفية القضية الفلسطينية، وقد أعلنت الفصائل والتيارات الوطنية مقاطعته.
وبدأ كوشنر وجيسون غرينبلات المبعوث الأميركي للشرق الأوسط والممثل الأميركي الخاص لإيران، برايان هوك، ومساعد كوشنر آبي بركويتس، جولتهم في الرباط، ومن المقرر أن يسافروا إلى عمّان والقدس وأن يصلوا إلى "إسرائيل" يوم الخميس.

وسيجتمع كوشنر بعد ذلك مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في لندن عندما يقوم الأخير بزيارة دولة إلى بريطانيا الأسبوع المقبل.

والجولة تشبه تلك التي قام بها كوشنر وغرينبلات في فبراير/شباط لدول الخليج الفارسي بهدف حشد التأييد للشق الاقتصادي من ما تسمى "صفقة القرن".

احتجاجات على زيارة كوشنر

في الأثناء، اعتصم مئات المواطنين الأردنيين أمس الثلاثاء في الساحة المقابلة للسفارة الأميركية في منطقة عبدون غربي العاصمة الأردنية عمان، وسط طوق أمني كبير، وذلك احتجاجاً على زيارة كوشنر.

وأكد المشاركون في الوقفة الاحتجاجية، التي دعت إليها الحركة الإسلامية والحراكات الشعبية، رفض زيارة المبعوث الأميركي ورفض مسار "صفقة القرن" أو المشاركة في ورشة البحرين.

وردد المشاركون في الوقفة التي شارك فيها قيادات من الحركة الإسلامية وشخصيات نيابية ونقابية وحراكية هتافات أكدت رفض المساس بهوية القدس ورفض مؤامرات تصفية القضية الفلسطينية ونددت بزيارة كوشنر وطالبت بإغلاق السفارة الصهيونية والأميركية وإلغاء معاهدة وادي عربة.

ورأى متحدثون في الوقفة، أن الذهاب إلى مؤتمر البحرين يناقض بشكل مطلق اللاءات الملكية الثلاث، مشددين على أن مؤتمر البحرين هو مؤامرة على القضية الفلسطينية، ويمثّل مؤتمراً لبيع فلسطين.

ما هي حقيقة الأمر؟

يقود جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فريق تنفيذ صفقة ترامب الذي يضم جيسون غرينبلات، المحامي العقاري السابق لترامب، وديفيد فريدمان، السفير الأمريكي لدى "إسرائيل" ومحامي الإفلاس الخاص بترامب سابقاً، وذلك عن طريق تشكيل نسخةٍ أخرى خبيثة من شركة «كوشنر وشركاه»، من أجل صياغة تفاصيل مشروع إدارة ترامب، بحسب تقرير نشره موقع LobeLog الأمريكي.

وبحسب التقرير الذي أعده جوش رويبنر، مؤلف ومحلل سياسي أمريكي، طريقة أداء شركة كوشنر وشركاه العقارية التي لم تتسم يوماً بالشفافية أو النزاهة، ففي العام الماضي 2018، طلب ممثلو المدعين العموميين في بلدة بروكلين الأمريكية معلوماتٍ من شركة كوشنر للتطوير العقاري، من أجل التحقيق في كونها «قدمت أوراق عمل مزورة بانتظام أدت إلى جني الشركة ملايين الدولارات في ثلاث سنوات» حين كان كوشنر يشغل منصب الرئيس التنفيذي للشركة.

محاولات تطفيش السكان طلباً لمزيد من المال

وزعم سكان حاليون وسابقون في بعض المساكن التابعة لشركة كوشنر إنَّ الشركة تعمَّدت تعريضهم لـ»عمليات بناء مكثفة شهدت ضجيجاً وحفراً وغباراً وتسرُّب المياه، يعتقدون أنَّها كانت جزءاً من المضايقات الرامية إلى إجبارهم على المغادرة وتمهيد الطريق لمستأجرين يدفعون أموالاً أكثر».

ويبدو أنَّ هذه النسخة الجديدة من شركة «كوشنر وشركاه» تعتمد نفس ممارساتها المشبوهة المعتادة، سعياً لإجبار الفلسطينيين على الخضوع للهيمنة الإسرائيلية الدائمة.

خطوات تنفيذ الخطة الخبيثة

ومهَّد كوشنر وشركاؤه الطريق بممارسة أقصى الضغوط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية على الفلسطينيين، لإضعافهم قدر الإمكان قبل تطبيق خطتهم.

فاعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمةً للاحتلال "الإسرائيلي" وفتح سفارتها هناك، وإغلاق سفارة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وإيقاف تمويل مهمة وكالة الأونروا والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الضفة الغربية وقطاع غزة، كلها خطوات محسوبة لمحاولة دفع الفلسطينيين إلى نقطة الانهيار قبل طرح ما يُسمَّى بصفقة القرن.

ويوم الأحد 19 مايو/أيار، أطلقت إدارة ترامب المرحلة الثانية من خطتها: وهي ورشة عمل اقتصادية دولية مدتها يومان في مملكة البحرين، من المُنتظر أن تُعقَد في الشهر المقبل يونيو/حزيران.

حق تقرير المصير يباع ويشترى!

وحسب تقدير كوشنر، تقرير المصير ليس مفهوماً سياسياً بل مفهوم اقتصادي، لذا فكوشنر لا يرى أنَّ تقرير المصير يتمثل في أن يمارس الشعب الأصلي السيادة في وطنه، بل في أن يحصل على آليات الحوكمة الجيدة.

إذ قال: «لن تروا أبداً الناس يبدأون في امتلاك حق تقرير المصير والحياة الأفضل التي يتحدثون عنها» حتى يحظى الفلسطينيون بـ»سيادة القانون، والشفافية، والقضاء على الفساد، وفرض حقوق الملكية بالفعل، ووضع الناس في مناخٍ يمكنهم فيه الاستثمار ويشعرون بالراحة تجاهه».

أي أنَّ حق «تقرير المصير» الشبيه بمفاهيم منتدى دافوس الاقتصادي هو تعويذة كوشنر، وحجته لحثِّ الدول على مساعدة فلسطين وتعويذته.

وبالنسبة لكوشنر وشركاه، «الهدف الأول هو تحسين حياة الشعب الفلسطيني» على حد قولهم، وليس تحقيق التحرر من الاحتلال الإسرائيلي، أو العدالة للاجئين، أو المساواة للمواطنين الفلسطينيين في الاراضي المحتلة، على ما يبدو.

ويرى كوشنر أنَّ النظر إلى القضية «من منظورٍ سياسي» هو طريقة عفا عليها الزمن، مضيفاً أنَّه يُفضِّل «التركيز على الشعب الفلسطيني.. بدلاً من إجراء مفاوضاتٍ سياسية».

ولا عجب في أنَّ السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية رفضتا حتى التفكير في المشاركة في ورشة العمل، إذ قال أحمد مجدلاني، وزير التنمية الاجتماعية وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إنَّ «أي فلسطيني سيشارك لن يكون إلَّا خائناً ومتعاوناً مع الأمريكيين و"إسرائيل"».

وفي الواقع، يبدو أنَّ إدارة ترامب لم تكلف نفسها عناء أخذ رأي السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية حول المبادرة.

إذ قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية: «لم يجر التشاور مع مجلس الوزراء بشأن الورشة التي أُعلن عنها، لا المحتوى ولا النتيجة ولا التوقيت»، وربما كان كوشنر وشركاه مشغولين جداً في التفكير في كيفية تحسين حياة الفلسطينيين لدرجة أنَّهم لم يُفكروا في ذلك.

المنظور السياسي لشريك كوشنر

ومن جانبه، كتب جيسون غرينبلات، أحد شركاء كوشنر، تغريدةً على تويتر انتقد فيها من يصفون «صفقة القرن» بأنَّها ذات طبيعةٍ اقتصادية فقط.

إذ قال: «إلى من يزعمون أن رؤيتنا تقتصر على السلام الاقتصادي فقط، أوضحنا أنَّ الرؤية الاقتصادية التي نقدمها لا يمكن أن تتحقق بدون العنصر السياسي، ولا يمكن للعنصر السياسي أن ينجح بدون الاقتصاد، فلا تصدقوا الشائعات بأنَّ الخطة اقتصادية فقط، لأنَّها ليست كذلك» على حد قوله.

وينبغي بالطبع أن نُصدِّق كلام غرينبلات، فلا شك في أنَّ هناك عنصراً ثالثاً وأخيراً لاستراتيجية كوشنر وشركاه بدونه لن يكون للعنصرين الأوَّلين أي معنى، فبعد محاولة إضعاف الموقف الفلسطيني، تحاول إدارة ترامب الآن أن تُحلِّي الوصفة السياسية المريرة التي سيحاولون حث الفلسطينيين على ابتلاعها بحوافز اقتصادية.

وبينما لم تتسرب تفاصيل موثوقة عن المعالم السياسية لرؤية الإدارة، فإنَّ الخطوط العريضة للسياسة تتضح عند النظر إلى أفكار كوشنر وشركاه، الذين يُعدُّون جميعاً داعمين أيديولوجيين وماليين للتوسُّع الإسرائيلي المتطرف، ومتعصبين لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي اعتمد في نجاحه مجدداً في انتخابات العام الجاري على تقديم تعهُّد بضمِّ كتلٍ استيطانية إسرائيلية.

لذا فمن المحتمل أن يطرح كوشنر وشركاؤه خطةً تمكن "إسرائيل" من ضمِّ معظم أو كل أجزاء المنطقة «ج» (التي تُمثِّل 60% من الضفة الغربية وتخضع لسيطرةٍ إسرائيلية كاملة)، وتُنشئ كياناً فلسطينياً صغيراً مجرداً من السيادة في أجزاء من الضفة الغربية، في ظل إعلان ترامب بالفعل استبعاد نقطتي القدس واللاجئين «من المفاوضات».

وليس هناك حاجةً إلى القول إنَّ أي مظهر من مظاهر هذا الاقتراح محكومٌ عليه بالفشل من المنظور الفلسطيني.

ومع ذلك، فمثلما لم تتفضَّل إدارة ترامب بالتشاور مع الفلسطينيين حول كيفية «تحسين حياتهم»، فإنَّهم يُعتَبرون كذلك طرفاً غير ضروري في العنصر السياسي للخطة.

ومن ثَمَّ، يتضح أنَّ «صفقة القرن» لا تهدف إلى إشراك الفلسطينيين في مفاوضاتٍ للحصول على حقوقهم السياسية، بل هي هدية لنتنياهو لتنفيذ خطته الرامية إلى ضمِّ الأراضي، ومحاولة دفن تلك الحقوق إلى الأبد.