مؤتمر البحرين، محاولة لتصفية القضية الفلسطينية

مؤتمر البحرين، محاولة لتصفية القضية الفلسطينية
الخميس ٣٠ مايو ٢٠١٩ - ٠٦:٢٧ بتوقيت غرينتش

رغم أن ما بات يعرف "بصفقة القرن" لم تعلن رسميا، فإن العديد من تفاصيلها تسربت خلال الشهور الماضية عبر وسائل إعلام عربية وغربية، وعلى لسان أكثر من مسؤول.

العالم - تقارير

وبحسب هؤلاء المسؤولين فإن الخطة ستكون شاملة، وتتجاوز الأطر التي وضعتها الإدارات الأميركية السابقة، وتتناول كل القضايا الكبرى بما فيها القدس والحدود واللاجئون، وتكون مدعومة بأموال من السعودية ودول عربية اخرى في الخليج أالفارسي.

وستحتضن العاصمة البحرينية يومي 25 و26 يونيو/حزيران المقبل مؤتمرا اقتصاديا يركز على الجوانب الاقتصادية ل"خطة التسوية الأميركية"، تشارك فيه أوساط أعمال إقليمية ودولية، إضافة إلى وزراء خارجية بعض الدول دون تحديد أسمائها.

فلسطينيا، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف إن رئيس السلطة محمود عباس سيطالب المشاركين في القمتين العربية والإسلامية بمقاطعة ورشة العمل الاقتصادية التي تخطط الإدارة الأميركية لعقدها الشهر القادم في البحرين.

وأضاف أبو يوسف "الرئيس (عباس) سيلقي خطابا أمام القمتين العربية والإسلامية في المملكة العربية السعودية، يطالب المشاركين فيهما بعدم المشاركة في ورشة العمل الاقتصادية التي تنظمها الإدارة الأميركية في البحرين ضمن صفقة العار الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية".

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية خلال جلسة الحكومة الأسبوعية في رام الله إن عباس "سوف يلقي خطابا يسطر فيه بوضوح الموقف الفلسطيني من المجريات السياسية في المنطقة، ويطالب العرب والمسلمين بالإيفاء بالتزاماتهم تجاه فلسطين، كما يؤكد أن فلسطين مفتاح التسوية في المنطقة وهي مركز الصراع".

من جانبها حذّرت الفصائل الفلسطينية الرئيسية من المؤتمر أيضا، وقالت في بيان صدر عن لجنة المتابعة التي تضم القوى والفصائل الفلسطينية الرئيسية إن "مؤتمر المنامة، ورشة عمل تصفوية تحت عنوان مضلل وهو (السلام من أجل الازدهار)، في محاولة من الإدارة الأميركية لتمرير المرحلة الأولى من مؤامرة صفقة القرن".

واعتبرت الفصائل -ومن ضمنها حركات فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية- أن مؤتمر المنامة يهدف لإشغال المنطقة بالقضايا الاقتصادية والإنسانية والفتن الطائفية، على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته.

وأكّدت الفصائل رفضها لعقد هذا المؤتمر، معتبرةً أن أي مشاركة عربية أو فلسطينية -سواء كانت رسمية أو شخصية- ستكون بمثابة الطعنة لقضية الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل الحرية والاستقلال الوطني.

وثمّنت الفصائل مواقف الدول والجهات الشخصيات -خاصة الفلسطينية- الرافضة للمشاركة في المؤتمر، وطالبت كل الجهات والدول التي تلقّت دعوات للمشاركة في الورشة الاقتصادية بالمنامة، بإعلان رفضها والامتناع عن المشاركة.

من جهته، حذّر الأمين العام لحزب الله لبنان السيد حسن نصر الله من أن يكون هذا المؤتمر الاقتصادي المزمع عقده في البحرين، خطوة في اتجاه توطين اللاجئين الفلسطينيين.

وقال السيد نصر الله في خطاب متلفز بمناسبة الذكرى الـ19 لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان، "نحن جميعا معنيون بتحمل المسؤولية التاريخية في مواجهة هذه الصفقة المشؤومة التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية".

ودعا إلى عقد لقاء عاجل بين المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين في لبنان لـ"وضع خطة لمواجهة خطر التوطين الزاحف والقادم"، وأضاف "أهم مسألة قد يؤدي إليها المؤتمر والتوجه الاقتصادي الذي يود نقاشه هناك.. أنه قد يفتح الباب عريضا وواسعا أمام مسألة توطين الإخوة الفلسطينيين في لبنان وبقية البلدان التي يوجدون فيها".

وقد اقترحت الإدارة الأميركية على المشاركين في ورشة العمل الاستغناء عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأممية (أونروا)، بحسب صحيفة إسرائيلية.

وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم" المقربة من رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والإدارة الأميركية "على المستوى العملي يجب الاستعاضة عن أنظمة وكالة أونروا في مجال التعليم وتوزيع الأغذية، ببرامج تطوير تنفذها منظمات غير حكومية دولية ولكن تديرها السلطة الفلسطينية نفسها"، وأضافت إن إدارة ترامب ستقترح إعادة تأهيل مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وبناءها كمدن وبلدات فلسطينية دائمة.

وسبق لمسؤولين فلسطينيين أن قالوا في الأشهر الماضية إن الإدارة الأميركية الحالية التي أوقفت الدعم المالي لوكالة أونروا، تسعى إلى حذف قضية اللاجئين الفلسطينيين من "المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية".

وفي هذا الاطار اعلنت السعودية والإمارات موافقتهما على المشاركة في مؤتمر المنامة، فيما لم تعلن بعد العديد من الدول عن موقفها من المشاركة أو عدمها، ودعت منظمة التحرير الفلسطينية الدول العربية التي أعلنت موافقتها على المشاركة في مؤتمر المنامة الاقتصادي بالعدول عن قرارها.

عنوان المُؤتمر( من السلام الى الازدهار) مثل أهدافه، ينطوي على درجة كبيرة من الكذب والتضليل، فأين هو السّلام، وكيف سيأتي الازدهار للفِلسطينيين في ظل غِياب أي اعتراف، أو إشارة إلى قِيام الدولة الفِلسطينيّة وعاصمتها القدس، وهي الحد الأدنى لمطالب الشعب الفلسطيني.

وقد رحبت دولة البحرين باستضافة هذا المُؤتمر الذي سيدخُل التّاريخ على أنّه سيكون لتصفية القضيّة الفِلسطينية كليا، وتهويد المُقدّسات، وإزالة اسم فلسطين من الخرائط، وتحويل الشعب الفِلسطيني إلى خدم للإسرائيليين بدون أي هوية وطنية أو قومية، وقد باتت البحرين الحاضنة للمخططات الإسرائيليّة والأمريكيّة لكل المشاريع التّطبيعيّة والمُعادية للقضيّة العربيّة المركزيّة.

ألامرٌ المؤلم هو عقد هذا المؤتمر على أرض عربية، وما يؤلم أكثر، أن الأموال التي ستوظّف لاجتثاث القضية الفلسطينية ومحوها كلِّيا من دائرة الاهتمام العربي والدولي تحت عنوان السلام الاقتصادي الزائف، والمقترحة لتمويل هذا المشروع التصفوي ستكون عربيّة خليجيّة.

ما لا تعرفه حكومة البحرين أنها لا تلعب بالنار وتتجاوز كل الخطوط الحمراء الوطنية والعربية والإسلامية فقط، وإنّما أيضا توفر الأسباب لتهديد أمنها واستقرارها، لأنّ الشعب البحريني بكل طوائفه وأعراقه، الذي لا نشك مطلقا في وطنيّته ومشاعره الإسلامية والعربية، سيقاوم هذا الانحِراف وسيتصدى له، خاصةً أن جميع المشاريع المماثلة كان مصيرها الفشل بسبب مقاومة الشعب الفلسطيني مدعوما بالأمّتين العربيّة والإسلاميّة له.

المشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة بات على وشك الانهيار، وها هم الإسرائيليون يعيشون حالة الرعب ويتعلمون السباحة استعدادا للهروب في ظل الحصار الصاروخي الذي يواجهونه من كل الجهات، من الشرق والشمال والجنوب.

الكيان إلاسرائيلي لن يستطيع حماية نفسه في المستقبل القريب، ناهيك عن حماية البحرين، فالزمن يتغيّر بسرعة، والرّهان عليه سيكون خاسرا، والمسألة مسألة وقت وتوقيت.

ومع الاسف يربط اسم المنامة التي كانت دائمًا، وعلى مدى التاريخ، نقطة إشعاع اسلامي ووطني وحضاري في الخليج الفارسي بمشروع تصفية وتهويد للقضية الفلسطينية ومقدساتها.