تدخلات إماراتية ضد سيادة ليبيا

تدخلات إماراتية ضد سيادة ليبيا
الجمعة ٢٨ يونيو ٢٠١٩ - ٠٩:٢٧ بتوقيت غرينتش

تعبث التدخلات الأجنبية والخليجية ولاسيما الإماراتية بسيادة ليبيا وتقوّض أمنها، في وقت يزداد فيه الصمت الدولي ازاء التدخل الاوروبي والخليجي في ليبيا.

العالم-تقارير

وتقف فرنسا في أول صفوف المتداخلين في ليبيا بدعم طرف دون آخر الى جانب مصر والإمارات، وقالت وسائل إعلام تونسية قبل أشهر إن السلطات ضبطت حديثاً 13 جندياً فرنسياً قادمين من ليبيا، كانوا يحملون معدات قتالية.

كما التحقت بركب الداعمين الصريحين لزعزعة استقرار ليبيا، السعودية، التي استقبلت اللواء المتقاعد قبيل أسبوع من هجومه العسكري على طرابلس.

يجمع كثير من الباحثين والمحللين السياسيين على أن دول عربية (الإمارات والسعودية ومصر) تعمل على إثارة الفوضى داخل ليبيا، من أجل اختيار قيادة تمتثل لأوامرها وتحقق ما ترغب فيه.

هذا ويرى محللون أن دولة الإمارات تلعب دورا له تبعات كارثية داخل الساحة الليبية، فمنذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي وهي تسعى جاهدة لإجهاض الثورة وإقصاء الإسلاميين، من خلال دعمها لقوى الثورة المضادة بالسلاح.

وتسبب التدخل الإماراتي بفوضى عارمة داخل البلاد وانقساما سياسيا داخل مؤسسات الدولة وتمزيق النسيج الاجتماعي وتدهور الاقتصاد.

وتفضح أيضاً تلك التدخلات تصريحاتٌ جديدة لوزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش. وأقر قرقاش في مقابلة لصحيفة لا ريبابليكا الإيطالية، بدعم بلاده لجهة ليبية معينة.

وقال: "نحن ندعم حفتر في عملياته ضد الإرهاب في ليبيا التي تواجه الجماعات المتطرفة المدعومة من تركيا"، حسب وصفه.

وفي سياق متصل كشف آمر حماية غرفة العمليات الرئيسة التابعة لقوات حفتر في مدينة غريان المقدم علي محمد الشيخي أثناء استجوابه من قبل قوات حكومة الوفاق، أن عددا من العسكريين الفرنسيين والإماراتيين شاركوا في إدارة العمليات العسكرية على طرابلس من داخل غرفة العمليات بالمدينة.

بحسب الخبراء، الدولتان الأساسيتان المتورطتان في تسليح ليبيا هما الإمارات (إلى جانب حفتر)، وتركيا (إلى جانب «الوفاق)». تمثل الدولتان محورين إقليميين هما الأكثر اندفاعاً لناحية الرغبة في التدخل العسكري، إذ تحشد الإمارات وراءها مصر والسعودية اللتين تحملان درجة عداء مشتركة لـ«الإسلام السياسي»، لكنهما تفضلان في ليبيا لعب أدوار الدعم السياسي والتسهيل اللوجستي لفائدة حفتر ومحوره، فيما تحشد تركيا وراءها قطر التي كانت أكثر استعداداً منها لتقديم دعم عسكري إلى حلفائها الليبيّين في الأعوام الماضية، لكنها تراجعت أخيراً جراء الظروف التي تعيشها، ولاتهامها بتمويل «الإرهاب».

تبدو الحرب بين الدول الإقليمية واضحة الأهداف والغايات، لكن مصالح الدول الكبرى أقل وضوحاً وأكثر تشابكاً. فمن ناحية، يوجد تقريباً إجماع بين المراقبين على أن الولايات المتحدة تحت إدارة دونالد ترامب أعطت صكاً على بياض للإمارات وحلفائها للتصرف في بعض الملفات الإقليمية، وخاصة اليمن وليبيا. ومن ناحية ثانية، تواصل فرنسا في عهد إيمانويل ماكرون نهج سياساتها القديمة في أفريقيا، التي تنبع من نظرة دونية تجاه شعوب العالم الثالث بصفة عامة.

فتدعم باريس في ليبيا مشروع حفتر، ولا مشكلة عندها في تأسيس نظام عسكري يضبط الحدود ويحفظ مصالحها في منطقة الساحل. أما نظرة إيطاليا، فلا تخرج عن حسابات التاريخ والجغرافيا، إذ تركز نفوذ روما تقليدياً في الجزء الغربي من ليبيا، وعندما انقسمت البلاد سياسياً، كان من مصلحتها دعم حكام طرابلس بصرف النظر عن هويتهم، للسيطرة على حركة الهجرة، لأن النفوذ يتركز في العاصمة. لكن مشكلة إيطاليا مع فرنسا لا تتجاوز التزاحم حول حماية مصالحها شبه الاستعمارية في ليبيا، وأساساً قطاع المحروقات ومشاريع البنى التحتية والتسليح.

إضافة الى ذلك، للصراع الليبي جذوره المحلية التي صنعتها عقود من الهدر والتمييز والتمنع عن تحصين المجتمع بخلق مؤسسات دولة ومجتمع مدني مستدامة، لكن التدخلات الخارجية تفاقم الوضع وتؤزمه وتطيله.