الامم المتحدة.. ملف خاشقجي وانتهاكات السعودية لحقوق الانسان

الامم المتحدة.. ملف خاشقجي وانتهاكات السعودية لحقوق الانسان
الخميس ١١ يوليو ٢٠١٩ - ٠١:٢٠ بتوقيت غرينتش

فيما اتهمت مقررة الأمم المتحدة الخاصة بحالات القتل والإعدام خارج نطاق القانون "أنييس كالامار"، السعودية بقتل الصحفي جمال خاشقجي، واعتبرت صمت واشنطن بشأن الجريمة غير مقبول، قدمت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، مشروع قانون للضغط على السعودية بشأن حقوق الإنسان ينتقد مقتل خاشقجي، وما تبعه وسبقه من انتهاكات واعتقالات بحق النشطاء والدعاة.

العالم - السعودية

اغتيال خاشقجي ليس شأنا محليا يخص الرياض وحدها

أعربت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أنييس كالامار، عن قلقها البالغ لضعف رد الفعل الدولي تجاه جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية العام الماضي.

وكتبت المسؤولة الأممية، التي تشغل أيضا منصب مدير معهد حرية التعبير الدولية بجامعة كولومبيا الأميركية، مقالا بصحيفة واشنطن بوست اتهمت فيه السعودية بارتكاب فعل مخالف للقانون خارج نطاق حدودها الإقليمية.

وتقول كالامار إن السعودية تُخضع حاليا 11 متهما في جريمة خاشقجي لمحاكمات، لكنها لا تتوقع أن يتمخض ذلك عن عدالة حقيقية.

وكان النظام السعودي لجأ إلى محاولة تضليل الرأي العام وإبعاد الأنظار عن تورط مسؤوليه وفي مقدمتهم ولي العهد محمد بن سلمان في جريمة قتل خاشقجي عبر الإعلان عن محاكمة صورية لـ 11 شخصا وصفهم بأنهم ضالعون في الجريمة.

وتضيف أن اغتيال خاشقجي ليس شأنا محليا يخص الرياض وحدها، لأن الجريمة ارتُكبت خارج نطاق القضاء وداخل الحدود التركية بهدف انتهاك حرية التعبير، كما أنها عرّضت حرمة العلاقات القنصلية للخطر، وتعارضت مع مصالح المجتمع الدولي برمته.

وتعتبر كالامار أنه من "المقلق جدا" حتى الآن أن رد الفعل الدولي، القانوني أو السياسي أو الدبلوماسي، لم يكن فعالا لتلك الدرجة.

وتضيف "صحيح أن الولايات المتحدة والأعضاء الآخرين الدائمين بمجلس الأمن الدولي يتابعون سير المحاكمات إلا أنهم اتفقوا على ألا يفصحوا عن مجرياتها مما جعلهم متواطئين في إجهاض العدالة".

فماذا بعد ذلك؟ تتساءل كالامار وتجيب بالقول إن على المجتمع الدولي مضاعفة مطالبه لإجراء تحقيق فعال لمعرفة العقول المدبرة للجريمة، ومن ثم ملاحقتهم قضائيا.

وتستدرك قائلة إن العدالة لخاشقجي لا ينبغي أن تُترك لإجراءات القضاء السعودي المعيبة، وعلى الدول الأخرى أن تطالب بولاية قضائية عالمية لمحاكمة المسؤولين عن الجريمة.

وتمضي الكاتبة في تقديم مقترحاتها بمطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين خبراء في القانون الجنائي لتحديد المسؤوليات الفردية عن مقتل خاشقجي.

وترى كالامار أن "مماطلات الأمم المتحدة" بشأن القضية لم تؤد إلى شيء سوى إضعاف المنظمة الدولية، التي يجب عليها أن تضع آلية دولية مستقلة لإجراء تحقيقات جنائية في الاغتيالات التي تستهدف الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

وتقول "إن الصمت أو التقاعس، أو في أسوأ الأحوال التواطؤ المضمر أو الصريح، لن يتسبب سوى في مزيد من الظلم وعدم الاستقرار الدولي"، كما جاء في مقال أنييس كالامار.

في ندوة بلندن.. كالامار تطالب "سي آي إيه" بكشف ما لديها

إلى ذلك، عقدت منظمة القسط لحقوق الإنسان ندوة في لندن تحت عنوان "اغتيال جمال خاشقجي.. السر المفضوح". وقالت المقررة الأممية أنييس كالامار خلال هذه الندوة إن قضية اغتيال الصحفي خاشقجي ستبقى حية حتى يقتنع الرأي العام العالمي بأنه جرى اتخاذ ما يلزم لتحقيق العدالة له، ودعت واشنطن إلى فتح تحقيق فدرالي في القضية.

ودعت كالامار إلى تعيين خبراء في القانون الجنائي لتحديد المسؤول عن مقتل خاشقجي، واعتبرت أن على الولايات المتحدة مسؤولية فتح تحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي، باعتبار أن خاشقجي كان يقيم على أراضيها ويعمل في مؤسسة صحفية أميركية.

طالبت مقررة الأمم المتحدة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، "سي آي إيه"، بكشف ما لديها من سجلات استخبارية بشأن القتل.

وقالت كالامار، إنها لم تتلق حتى الآن إلا القليل من المساعدة من واشنطن. وأضافت: "الصمت ليس خيارا. ويجب الكلام بحرية وبصراحة، ولكن هذا أيضا ليس كافيا. يجب أن نتخذ إجراء".

وشددت كالامار على ضرورة إنزال عقوبات فردية تطال أشخاصا في أعلى هرم السلطة في السعودية، داعية تركيا إلى كشف ما لديها من أدلة، معتبرة أن الطريقة التقليدية في التحقيق لن تنتهي لتحديد القاتل وإدانته، وأن المطلوب هو تعاون دولي في هذه القضية.

واعتبرت المحققة الأممية أن إنجاز العدالة لخاشقجي تعني العدالة للناشطات السعوديات، وللشعب اليمني وغيرهم، داعية إلى الاستمرار في النضال من أجل تحقيق العدالة لروح الصحفي المغدور.

من جهتها انتقدت الصحفية بواشنطن بوست كارين عطية الإدارة الأميركية لمواصلة دعمها لدكتاتور السعودية، مشيرة إلى أن ارتكاب الجريمة في مبنى دبلوماسي هو بمثابة خرق لجميع القواعد، كما أن درجة قساوة الجريمة لفتت الانتباه إلى بشاعة الحكام الجدد في السعودية.

واشارت عطية إلى أن ارتكاب الجريمة في مبنى دبلوماسي هو بمثابة خرق لجميع القواعد، كما أن درجة قساوة الجريمة لفتت الانتباه إلى "بشاعة الحكام الجدد في السعودية".

من جهتها، تحدثت خديجة جنكيز خطيبة الصحفي المغدور عن الجهود القانونية التي تواصل اتخاذها في سبيل مقاضاة قتلة خطيبها.

وفي حين نفت جنكيز تعرضها لأي تهديدات أو ضغوطات حاليا لإسكاتها، فقد أشارت بالمقابل إلى تلقيها الكثير من رسائل الكراهية، مشددة على أنها ستواصل نضالها من أجل العدالة لروح خطيبها.

أما رئيس مؤسسة القسط لحقوق الإنسان يحيى عسيري فقال إن "العالم أدرك أن هناك خطرا من السلطات الحاكمة في السعودية وأنها لن تجلب الاستقرار".

وأوضح أن هناك عقوبات بدأت تتخذها بعض الدول، من بينها إلغاء بعض صفقات التسليح.

فرنسا: يجب معاقبة المسؤولين عن جريمة قتل خاشقجي

كما جددت الخارجية الفرنسية دعوتها إلى كشف كل الوقائع المتعلقة بقضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وطالبت بمحاكمة المسؤولين عن الجريمة.

جاء ذلك في رد على أسئلة الصحفيين خلال مؤتمر صحفي نشرت منه مقتطفات على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الفرنسية.

وردا على سؤال بشأن مطالبة كالامار الدول الكبرى بإعادة النظر في عقد القمة المقبلة لمجموعة العشرين في السعودية، قال متحدث باسم الخارجية الفرنسية خلال المؤتمر: لقد طلبنا تحديد الوقائع بوضوح في هذه القضية بالغة الخطورة، واستكمال جميع التحقيقات اللازمة - بما في ذلك احتمال وجود بُعد دولي - ومحاكمة المسؤولين عن هذه الجريمة ومعاقبتهم.

مهمة سرية لمنظمة مراسلون بلا حدود في السعودية

من جهتها كشفت منظمة مراسلون بلا حدود المعنية بالدفاع عن حرية الصحافة عن قيامها بمهمة "غير مسبوقة" إلى السعودية من أجل إطلاق سراح 30 صحفيا محتجزا في سجون البلاد.

وقالت المنظمة في بيان نشر على موقعها الرسمي إن المهمة جرت في أبريل الماضي حيث التقى وفد مراسلون بلا حدود مسؤولين سعوديين، من بينهم وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير والمدعي العام سعود المعجب.

وضم وفد المنظمة الدولية، ومقرها نيويورك، الأمين العام لمراسلون بلا حدود، كريستوف ديلوار، ومديرة مكتب المنظمة في المملكة المتحدة ريبيكا فينسنت ومدير مكتب ألمانيا كريستيان ميهر، والرئيس السابق لمراسلون بلا حدود في السويد، جوناثان لونديكفيست.

وذكرت ان إطلاق سراح المعتقلين هو السبيل الوحيد لإفساح المجال أمام الرياض لرئاسة مجموعة العشرين وتحسين سمعتها التي تضررت في أعقاب اغتيال خاشقجي.

وظلت زيارة الوفد سرية حتى الإعلان عنها الأربعاء، وتمت فيها مناقشة إمكانية إصدار عفو في حق المحتجزين بمناسبة شهر رمضان وهو الإجراء الذي لم تتخذه الحكومة السعودية، وفقا لبيان منظمة مراسلون بلا حدود.

وقال الأمين العام للمنظمة كريستوف ديلوار "إن مقتل جمال خاشقجي تسبب في أضرار بالغة لسمعة السعودية على الصعيد الدولي، وشكل نقطة مظلمة في سجل بلد يحتل واحدة من أسوأ المراتب على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة".

وأكد أن هناك "حاجة ملحة إلى إشارة قوية من الحكومة السعودية تنم عن إرادة سياسية حقيقية حتى يبدأ جبر هذا الضرر، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال إجراءات جدية مثل إطلاق سراح جميع الصحفيين المحتجزين في البلاد".

واحتلت السعودية المرتبة 172 (من أصل 180 بلدا) في جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته مراسلون بلا حدود في وقت سابق هذا العام.

مشروع قانون امريكي جديد ضد ما يفعله بن سلمان

من جانب آخر قدم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، روبرت مندينيز، مشروع قانون للضغط على السعودية بشأن حقوق الإنسان، وينتقد ولي العهد، محمد بن سلمان هو الأحدث في جهود الكونغرس الأمريكي لتحميل السعودية مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان.

وينتقد مشروع القانون مقتل خاشقجي، وما تبعه وسبقه من انتهاكات واعتقالات بحق النشطاء والدعاة كما يشمل أيضاً الكارثة الإنسانية في اليمن.

وبحسب المصدر ذاته؛ يشمل أيضاً "الكارثة الإنسانية في اليمن"، حيث تشن السعودية والإمارات عدوانا على الشعب اليمني، منذ مارس 2015، في حرب على اليمن هي الأسوأ والأقسى.

جدير بالذكر أن قضايا انتهاك لحقوق الإنسان ترفعها أطراف عدة على السعودية، في حين تتحدث تقارير عالمية عن انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان تشهدها المملكة، حيث زجت السلطات بأعداد كبيرة من النشطاء والدعاة في السجون.

في حين يعتبر مقتل خاشقجي من بين أبرز القضايا التي هزت العالم؛ نظراً للطريقة التي قُتل فيها والأشخاص المتورطين بقتله، فضلاً عن مكان تنفيذ الجريمة وتوقيتها.

وتوصل تقرير لمقررة الأمم المتحدة، أنييس كالامار، الشهر الماضي، إلى أن ولي العهد السعودي مسؤول عن الجريمة، وهو ما يعزز تقريراً سابقاً لوكالة الاستخبارات الأمريكية "CIA"، الذي توصل إلى نتائج متقاربة.

وجاء في تقرير كالامار - البالغ 101 صفحة، والذي نشر في يونيو/حزيران - أن هناك "أدلة معقولة" على أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى، مسؤولون قانونيا بصفتهم الشخصية عن مقتل خاشقجي.

المصدر: مواقع الكترونية