بعد رحيل مرسي.. هل يتغير موقف الإخوان من السيسي؟

بعد رحيل مرسي.. هل يتغير موقف الإخوان من السيسي؟
السبت ٢٠ يوليو ٢٠١٩ - ٠٨:٤٣ بتوقيت غرينتش

منذ وفاة أول رئيس مدني مصري ، "محمد مرسي"، في 17 يونيو/حزيران الماضي، انطلقت مرارا دعوات على منصات التواصل إلى حلحلة الأزمة السياسية المتفاقمة، والتي يدفع ثمنها آلاف من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين في السجون المصرية.

العالم - مصر

لكن الجماعة، المنتمي إليها "مرسي"، تتمسك بخطابها الرافض للرئيس المصري الحالي؛ "عبدالفتاح السيسي"، وتواصل دعواتها إلى توحيد صفوف المناهضين له.

التمسك بالخطاب ذاته، المستمر منذ الإطاحة بـ"مرسي" من الحكم، في انقلاب عسكري في 3 يوليو/تموز 2013، يعتبر محلل مصري بارز في شؤون الحركات الإسلامية، أنه "لن ينتج حلًا" للجماعة في أزمتها المتفاقمة مع النظام.

بينما يرى باحث مصري أن "البعض تصور أن تحرر خيارات الجماعة السياسية من سقف شرعية مرسي، سيكون خطوة لأي حل تقبل به الجماعة".

ويستدرك: "لكن وفاة مرسي تصعب القبول لديهم بأي تراجع عن القضية التي دفع مرسي حياته ثمنًا لها".

ويذهب إلى إمكانية أن تناقش "الجماعة مبادرات بخصوص المعتقلين، عندما يغير النظام من صفرية الصراع"، ولا يستبعد "إمكانية توصل الجماعة إلى تسوية ما مع النظام".

بينما يجيب عضو شورى الإخوان، "همام يوسف"، عن مستقبل الجماعة بعد رحيل "مرسي": "سنظل ندافع أيضًا عن الشرعية في غياب الرئيس (الراحل) مرسي، فالشرعية للشعب، والشعب ما زال حيًا لم يمت".

ويرى أن "الاستسلام للنظام الحالي يعني تضييع حقوق الشعب قبل أي شيء"رافضًا وصف ذلك بـ"الجمود أو التأزيم".

بعد أشهر من الإطاحة بـ"مرسي"، اعتبرت السلطات المصرية الإخوان جماعة محظورة، وهو توصيف اعتادت عليه الجماعة، منذ تأسيسها عام 1928، من أغلب أنظمة الحكم بمصر.

وحاليًا يُحاكم مرشد الإخوان؛ "محمد بديع"، وأغلب قيادات وكوادر الجماعة، بتهم مرتبطة بالعنف، وهو ما تنفيه الجماعة، وتقول إنها تتمسك بالسلمية في رفضها للإطاحة بـ"مرسي".

الجماعة ثابتة على مواقفها

لم تتضمن بيانات عديدة أصدرتها الجماعة، منذ وفاة "مرسي"، أي تعبير أو حتى تلميح إلى القبول بالأمر الواقع أو البحث عن حلول مع النظام، مكتفية بالحديث عن لغة تصعيدية جديدة.

في 6 يوليو/تموز الجاري، رفضت الجماعة أحدث زيادة لأسعار الوقود بمصر، وقالت إنها ستظل بين أبناء الشعب المصري، ولن تتوقف عن الدفاع عن حقوقه.

ودعت الجماعة، في 30 يونيو/حزيران الماضي، المعارضين إلى "العمل على وحدة الصف"، لمواجهة النظام الحالي، مشددة على عدم اعترافها بشرعيته.

وقالت، عبر بيان في الـ23 من الشهر ذاته، إنها "ستواصل الكفاح على نفس درب الرئيس "الشهيد" محمد مرسي (حسب تعبيرهم)".

وعقب ساعتين من وفاة "مرسي"، خلال إحدى جلسات محاكمته في قضية "التخابر مع حماس"، قالت الجماعة، في بيان، إنها تطالب بتحقيق دولي، وسط اتهامات بإهمال طبي أدى إلى وفاته، وهو ما تنفيه السلطات.

وشددت الجماعة على أن "مرسي" رحل "شهيدًا، ولكن مسيرته النضالية من أجل مصر وشعبها لم تتنه، ولن تتوقف بإذن الله".

دعوات إلى تأسيس جديد

مقابل الطرح الرسمي الثابت لجماعة الإخوان، ثارت على منصات التواصل الاجتماعي، منذ وفاة "مرسي"، أحاديث تحث الإخوان على البحث عن حلول سياسية لإخراج المعارضين من السجون أو تأسيس جديد لجماعة لا تكون "أسيرة الماضي والجمود".

كتب "أحمد إبراهيم"، عبر "فيسبوك" في 6 يوليو/تموز الجاري، أن "جماعة الإخوان في حاجة إلى تأسيس جديد (..) ومن الظلم تركها أسيرة لدى عقول الماضي، الجمود ليس في صالحها، المراجعات حتمية، وقراءة الواقع واجب، واحتياج المجتمع لها ضرورة، وتغييبها عن عمد خسارة للوطن".

وتفاعل معه حساب باسم "سعيد جاد" قائلًا: "عين العقل".

وقال ثانٍ باسم "وائل عاصي": "نتمنى ذلك". وأيده ثالث باسم "محمود القلعاوي"، قائلًا: "أصبت".

استمرار أزمة الجماعة

يقول المحلل البارز في شؤون الحركات الإسلامية "أحمد بان": "بعد رحيل مرسي، ربما انتبه فريق من الجماعة إلى أن حجة الشرعية لم يعد لها محل من الإعراب، ويحاول ذر الرماد في العيون بالحديث عن تدويل وفاة مرسي".

ويرى أن "الإخوان ببنيتها لا يتوفر لديها عقول استراتيجية تستطيع إنجاز استراتيجية حقيقية، وبالتالي هي منهمكة في مجموعة من الإجراءات التنفيذية من دون ربطها بسياق خطة عامة".

وعن تصوره لمستقبل الجماعة، يقول: "لا أتصور أن تتمكن الجماعة من الخروج من هذا المأزق الذي تعيشه ومن متاحف التاريخ، إلا إذا تحررت من هلاوس الشرعية والمظلومية والحديث عن صراع بين الحق والباطل، وتنظر إلى المسألة على أنها صراع سياسي لا تتوفر للجماعة أدوات تمكنها من خوضه بكفاءة".

ويعتبر أن الجماعة "ليست لديها رؤية جديدة، ولن تستطع الخروج من المأزق الذي تعيشه أو الهاوية التي سعت إليها بنفسها".

ويشدد "بان"، على أن "الجماعة لن تستطيع إنتاج عنوان آخر بعد مرحلة سجن مرسي للتعبئة به حاليًا".

عدم الاستسلام

"وفاة مرسي تفرض على الجماعة عدم الاستسلام لحكومة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي"، حسب "عمار فايد"، وهو باحث مصري.

ويضيف "فايد": "يتصور البعض أن تحرر خيارات الجماعة السياسية من سقف عودة مرسي إلى الرئاسة هي خطوة لأي حل تقبل به الجماعة، لكنها (الوفاة) تصعب من التراجع عن القضية، التي دفع الرئيس المنتخب حياته ثمنًا لها، وهي مقاومة الحكم العسكري".

ويستدرك: "ربما تكون الجماعة مستعدة لمناقشة مبادرات أو خطط بخصوص المعتقلين، لكن نجاح هذا يتطلب عوامل مازالت غير متوفرة، مثل تراجع الحكومة عن قرار تصفية الجماعة وإنهاء أي وجود لها، وإتاحة المجال أمام قيادات الجماعة في السجون لمناقشة الخيارات المتاحة".

ويتابع: "ربما تكون هناك وجهات نظر متعددة داخل النظام نفسه، لكن الواضح أن خيار الصراع الصفري ما زال هو الغالب على معسكر النظام الحاكم، وبالتالي ستظل الجماعة متمسكة بخيار الصمود والحفاظ على الحد الأدنى من قدرتها على البقاء".

ويرجع ذلك إلى أن "النظام لا يعرض حاليا شيئا سوى الاستسلام غير المشروط والقبول بالأمر الواقع، ولا يبدي حتى مرونة حقيقية في ملفات منها الإفراج عن معتقلي الجماعة، خاصة رموزها وقياداتها، أو حقوق المضارين".

ولا يستبعد "فايد"، إمكانية التوصل إلى تسوية بين النظام والإخوان، قائلا: "على الإخوان مناقشة خيارات المستقبل بشجاعة والإجابة عن تساؤلات مؤجلة، قد تتوصل الجماعة إلى تسوية ما مع النظام، لكن هذا لا يعني أنها تجاوزت التحديات التي تواجهها أو أن هذا يكفي لتدارك ما فات".

ويستطرد: "لذا يجب على الجماعة التفكير في المستقبل في ضوء الواقع الذي لن تغيره تهدئة مؤقتة مع النظام.. أين تريد الجماعة أن تصل بمشروعها؟ وأين هي من مستقبل النضال الشعبي العربي؟ وما شكل علاقات الجماعة الإقليمية والدولية؟ كل هذه أسئلة لا مفر منها".

الخليج الجديد