تغليب المصالح على الخلافات.. ايران والامارات مثالا

تغليب المصالح على الخلافات.. ايران والامارات مثالا
الخميس ٠١ أغسطس ٢٠١٩ - ٠٤:٢٧ بتوقيت غرينتش

من السمات التي تميزت بها الدبلوماسية الايرانية دائما واصبحت مضرب الامثال خلال السنوات الاخيرة هي دعوتها لتسوية القضايا الخلافية الاقليمية والدولية عبر الحوار ، اللهم الا في مجال مكافحة الارهاب حيث ضربت بيد من حديد وساعدت بكل ما اوتيت من قوة ، الدول التي عصف بها هذا الوباء المشؤوم .

العالم - قضية اليوم

رئيس السلك الدبلوماسي الايراني الوزير محمد جواد ظريف كان قد دعا قبل فترة الى توقيع اتفاقية عدم اعتداء مع الدول المشاطئة على الخليج الفارسي ، تلك الدعوة التي ان دلت فانما تدل على مدى صدقية طهران في مواقفها وحرصها على ضمان امن المنطقة رغم انها قوة اقليمية ودولية لا يستهان بها .

لاشك بان دول الخليج الفارسي لديها توجهات وقراءات مختلفة حيال القضايا الدولية والاقليمية وهو امر لابد منه، فهناك من هي ذيلية بما لهذه الكلمة من معنى ، وهنالك من تعتمد سياسة النأي بالنفس عن الكثير من القضايا الخلافية ، ومنها من تشتهر بدور الوسيط والنأي بالنفس في نفس الوقت . وهناك ايضا دول تلعب دورا في التطورات الاقليمية وتخوض احيانا غمار معترك سرعان ما تدرك بأنه لا يصب في مصلحتها ، والحكمة هنا تقضي بالعودة الى بر السلام وان حاول البعض تسمية هذه الخطوة بأنها انهزام .

الامارات ونظرا لموقعها الاقتصادي هي بأمس الحاجة لان تنعم المنطقة بالامن والامان وهذه حقيقة لا غبار عليها ، اذا الحرب الاستنزافية في اليمن والعداء مع ايران واستمرار القطيعة مع الاخوان ، هي من جملة القضايا التي تضر باستقرار المنطقة . يقال ان مجسات الاماراتيين تعمل بشكل جيد لاسيما على صعيد تحديد المصالح ، ولذلك نرى بأنها وخلال الاونة الاخيرة سعت الى التقليل من دورها في تحالف العدوان السعودي على اليمن . ولكن الخطوة التي لفتت الانظار وكشفت عن مدى صحة ما يقال عن حساسية مجسات الاماراتيين في خصوص تحديد المصالح ، هي الزيارة التي قام بها وفد امني اماراتي الى ايران لمناقشة قضايا عدة منها ضمان امن مياه الخليج الفارسي وبحر عمان ، ذلك التطلع الذي لطالما دعت ايران الى تحقيقه عبر تاكيدها المستمر على ان دول المنطقة كفيلة بضمان امنه بعيدا عن تدخل القوى الاجنبية . تصريحات الضيف الاماراتي وتثمينه للدور الايراني في مجال مكافحة المخدرات واشادته بالامن الذي تنعم حدودها به رغم انها تمتد لحوالى 8755 كلم ، كلها خير دليل على ان الخلافات المتجذرة أيضا قابلة للحل ان تم الاخذ بنظر الاعتبار النقاط الايجابية والقواسم المشتركة ونبذ السلبيات ودعوات التفرقة.

اذن يمكن القول ان ابوظبي التي تدرك اهمية الجانب التجاري لتعزيز دورها الاقليمي واهمية استقرار المناطق المحاذية لها ، اتخذت خطوة حكيمة باستئناف اجتماعاتها مع ايران بعد قطيعة دامت ست سنوات ، وهذه الاجتماعات قد تكون لبنة اولية لعودة العلاقات الى مسارها الصحيح بعد فترة من الفتور . واما تطبيل المطبلين الذين يحاولون التقليل من اهمية هذه الزيارة الرامية الى رأب الصدع تدريجيا ، والبعض الاخر الذي يستنكرها لا لخطأها بل لأنها تتعرض مع مصالح بلاده فقط ، هي مجرد خواء في خواء .

احمد سعيد/ العالم