السودانيون يطوون صفحة الماضي بتوقيع وثيقة تقاسم السلطة

السودانيون يطوون صفحة الماضي بتوقيع وثيقة تقاسم السلطة
السبت ١٧ أغسطس ٢٠١٩ - ٠٤:٣٣ بتوقيت غرينتش

بحضور اقليمي ودولي، وقع المجلس العسكري الانتقالي في السودان وممثلو قوى الحرية والتغيير المعارضة على وثيقة الاعلان الدستوري لتقاسم السلطة، الذي ينص على تكوين مجلس حاكم انتقالي من المدنيين والعسكريين، ويمهد الطريق نحو انتخاب حكومة مدنية. وبحسب الاتفاق فإن المرحلة الانتقالية حددت فترتها بثلاث سنوات وثلاثة اشهر يتقاسم خلالها المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير السلطة وتنتهي بإجراء انتخابات.

العالم - تقارير

يبدأ السودان بالتوقيع النهائي على الوثيقة الدستورية والسياسية مرحلة انتقالية جديدة، بعد أشهر من الاحتجاجات ومواجهات دامية بين متظاهرين وقوات الأمن.

وحضر مراسم التوقيع رئيسا وزراء إثيوبيا ومصر، ورئيس جمهورية جنوب السودان.

وأكد رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، أن قوى "إعلان الحرية والتغيير" وأطراف الثورة الأخرى في البلاد، هم "شركاء في التغيير".

وقال البرهان في كلمته، عقب التوقيع النهائي على وثيقة "الإعلان الدستوري" للبلاد، إن "أيام التفاوض أثبتت أن هناك رجالا من قادة الثورة امتلأوا وطنية وحماسا وإخلاصا، فكان من الواضح أن قوى إعلان الحرية والتغيير والقوى الثورية الأخرى شركاء في هم الوطن، وفي هم الإصلاح والتغيير".

وأضاف، أن "الأيام الماضية كشفت المعدن النفيس لكافة أطياف الشعب السوداني، والذي تجلى بكل القوى الموجودة في الساحة".

وتابع، "أقف أمامكم اليوم لأقول إن الحصة اليوم وطن، وطن يعتز بكم، أنجب الأبناء الذين رفعوا اسمها أمام العالم عطاء وإنجاز".

ووصفت تغريد أمين، أحد أعضاء تجمع المهنيين السودانيين، توقيع الاتفاق اليوم بأنه خطوة إيجابية كبرى نحو مستقبل أفضل للسودان.

وقالت: "اجتهدنا كثيرا لنصل إلى هذه اللحظة. حتى إن لم يكن الاتفاق مثالي، لكنه أفضل بكثير مما كنا عليه منذ عام. لذا، فاليوم يستحق الاحتفال والتفاؤل."

وأضافت أن مسؤولية حماية الاتفاق تقع على كاهل جميع الأطراف، "ولابد من التأكد من تنفيذ كل بنوده وعدم وجود مساحة للمراوغة. ورغم عدم ثقتي في المجلس العسكري، أعتقد أنه يجب إرساء الضمانات التي تُلزم الجميع ببنود الاتفاق كما صيغت اليوم."

وكان نائب رئيس المجلس العسكري السوداني، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قد استبق التوقيع بالتعهد بالالتزام "بكل حرف تم الاتفاق عليه" في الوثيقتين الدستوريتين.

وقال حميدتي، إنه "حتى في غياب الاتفاق، المفروض ننفذ لأنه يصب في صالح البلاد. لذا، يجب أن ننفذ الاتفاق ونلتزم به وندعمه".

وأضاف، "أي حرف اتفقنا عليه سننفذه بحذافيره... لان مصلحتنا هي مصلحة البلد وليس لدينا مصلحة خاصة".

ويُعرف حميدتي بأنه الرجل الأقوى في السودان حاليا، وجاءت تصريحاته قبل ساعات من توقيع الاتفاق المبرم بين المجلس العسكري الانتقالي والأطراف السياسية في البلاد.

وتجمعت حشود في العاصمة السودانية للاحتفال بالتوقيع على الاتفاق الذي سيقوم مجلس السيادة بموجبه بتعيين رئيس للوزراء وتشكيل حكومة جديدة.

وينتظر الإعلان عن تشكيل مجلس السيادة الذي سيتولى إدارة مرحلة انتقالية تستمر لثلاث سنوات.

وأعلنت قوى المعارضة الرئيسية عن ترشيح شخصيات لعضوية مجلس السيادة، الذي يتوقع أن يضم رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو.

واتفقت قوى إعلان الحرية والتغيير على ترشيح عبد الله حمدوك لمنصب رئيس الوزراء.

أبرز ما جاء في بنود الاتقاق السياسي:

- تشكيل مجلس سيادة من 11 عضوا، خمسة عسكريين يختارهم المجلس العسكري الانتقالي، وخمسة مدنيين، تختارهم قوى إعلان الحرية والتغيير، ويضاف إلى العشرة الأعضاء شخصية مدنية يتم اختيارها بالتوافق بين الطرفين.

- يترأس مجلس السيادة لـ٢١ شهرا ابتداء من تاريخ التوقيع على هذا الاتفاق، أحد الأعضاء العسكريين في المجلس.

- يترأس مجلس السيادة الـ ١٨ شهرا المتبقية من مدة الفترة الانتقالية، أحد الأعضاء المدنيين في المجلس.

- يحدد مرسوم الوثيقة الدستورية الفترة الانتقالية صلاحيات ووظائف وسلطات مجلس السيادة.

بخصوص مجلس الوزراء فجاء في بنوده التالي:

- تختار قوى إعلان الحرية والتغيير رئيس الوزراء للحكومة المدنية وفق الشروط الواردة بمرسوم الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية.

- يتشكل مجلس الوزراء من رئيس وعدد من الوزراء لا يتجاوز العشرين من كفاءات وطنية مستقلة عن طريق التشاور، ويختارهم رئيس مجلس الوزراء من قائمة مرشحي قوى إعلان الحرية والتغيير، ويتم اعتمادهم من قبل مجلس السيادة ماعدا وزيري الدفاع والداخلية اللذان يعينهما رئيس الوزراء بعد اختيارهما من قبل الأعضاء العسكريين في المجلس السيادي.

وجاء الاتفاق على الإعلان الدستوري في الرابع من أغسطس/ آب بعد مفاوضات مضنية، برعاية من الاتحاد الأفريقي، بين ممثلي قوى المعارضة، التي قادت احتجاجات واسعة ضد نظام عمر البشير، والمجلس العسكري الذي أطاح به في أبريل/ نيسان الماضي.

وأدت أحداث عنف ضد المحتجين إلى تعليق الكثير من جولات المحادثات بين الجانبين.

وينتظر أن تركز الحكومة الجديدة في السودان على تحقيق استقرار في الأوضاع الاقتصادية التي كانت سببا رئيسيا وراء خروج الاحتجاجات ضد البشير.

وجاء الاتفاق على الإعلان الدستوري بعد مفاوضات مضنية بين ممثلي المعارضة التي قادت احتجاجات واسعة ضد نظام عمر البشير والمجلس العسكري الذي أطاح به في شهر إبريل/ نيسان.

وكانت أحداث العنف ضد المحتجين قد أدت إلى تعليق الكثير من جولات المحادثات بين الجانبين.

وجمدت المحادثات أسابيع بعد ان اعتدى رجال بملابس عسكرية على المحتجين أمام قيادة الجيش في الخرطوم في 3 يونيو/ حزيران، مما أدى إلى مقتل 127 شخصا، وفقا لأطباء قريبين من حركة الاحتجاجات.

ووقع الاتفاق أحمد ربيع، ممثلاً لقوى الحرية والتغيير (المعارضة)، ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) عن المجلس العسكري الانتقالي. وشهد على التوقيع رئيسا وزراء مصر ورئيس المفوضية الإفريقية.

وعلا التصفيق في الصالة التي تواجد فيها رؤساء دول وحكومات وشخصيات من دول عدة بعد التوقيع على الاتفاق الذي من شأنه أن يؤدي إلى حكم مدني في البلاد.

السلام يجب أن يكون شاملاً دون استثناء

من جهتها، قالت قوى الحرية والتغيير، على لسان ممثلها، محمد ناجي الأصم، إن السلام يجب أن يكون شاملاً دون استثناء، مشيداً بدور الوسطاء في التوصل للاتفاق.

وأكد الأصم التمسك بالتحقيق في فض اعتصام القيادة العامة، مشدداً على أهمية المساواة بين أقاليم السودان ومحاربة الفساد لإنعاش الاقتصاد.

كما طالب بإنهاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة. واتهم النظام السابق بتخريب علاقات البلاد الخارجية.

من جانبه، وصف رئيس حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، التوقيع على الاتفاق بالعبور نحو الحكم المدني، مطالباً بعدم إقصاء أي طرف من المرحلة المقبلة للتحول الديمقراطي.

وأشاد المهدي بدور إثيوبيا والاتحاد الإفريقي والعرب في التوصل لاتفاق، مشدداً على دور المرأة في الثورة السودانية.

وانطلقت احتفالات رسمية وشعبية في السودان، بمناسبة التوقيع على الاتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى المعارضة.

وسيشهد غداً الأحد الإعلان عن تشكيل مجلس السيادة وحل المجلس العسكري، فيما سيشهد، الاثنين، أداء أعضاء مجلس السيادة اليمين الدستورية.

كما يؤدي رئيس الوزراء اليمين الدستورية في 21 أغسطس.

وكان تجمع المهنيين السودانيين أعلن عن اتفاق هياكل قوى الحرية والتغيير على تولي عبد الله حمدوك، رئاسة الوزراء خلال الفترة الانتقالية، بينما رشح المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان رئيساً للمجلس السيادي.

وتضم قوى الحرية والتغيير تجمع المهنيين وتحالفات الإجماع الوطني والتجمع الاتحادي والقوى المدنية ونداء السودان.