يومان على نهاية 'قشات' نتنياهو!

يومان على نهاية 'قشات' نتنياهو!
الأحد ١٥ سبتمبر ٢٠١٩ - ٠٤:٥١ بتوقيت غرينتش

لم يتبق سوى اقل من يومين على اجراء انتخابات الكنيست في الكيان الاسرائيلي الذي يعيش فيه حزب الليكود اليميني المتطرف تراجعا كبيرا بقيادة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وهو ما جعل الاخير يتعلق بأي قشة ويخوض مغامرات قد تقصم ظهر الاحتلال، ليرفع فيها من شعبيته وشعبية حزبه للفوز بالانتخابات المبكرة.

العالم - تقارير

وتوالت مغامرات نتنياهو الفاشلة وبدعم من الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي اطلق العنان لنتنياهو عندما اعلن قبل اكثر من عام اعتبار القدس عاصمة لكيان الاحتلال الاسرائيلي، ونقل السفارة الاميركية من تل ابيب اليها، وهي خطوة اخرى لم تلق تفاعلا واهتماما دوليا ولم تضف لنتنياهو اي رصيد، كما يبدو.

نتنياهو الذي تلاحقه قضايا فساد في الداخل قد تودي به الى السجن، يسعى للفوز برئاسة الحكومة للتخلص من الملاحقات القضائية التي تؤرقه.. هذا في وقت يواجه فيه منافسة قوية من افيغدور ليبرمان رئيس حزب "اسرائيل بيتنا" وزير الحرب السابق، وبيني غانتس رئيس اركان الجيش الاسرائيلي السابق.

ولذلك فهو يحاول كسب اصوات اليمينيين المتطرفين في الكيان الاسرائيلي عبر مهاجمة مواقع المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق واستهداف مواقع في سوريا، للظهور بمظهر القوي، وهو ما فشل به فشلا ذريعا وانعكس سلبا على شعبيته المتآكلة اصلا، حيث وجهت له انتقادات كبيرة من قيادات اسرائيلية ومن قبل مستوطنين، بسبب مغامراته التي نتجت عنها معادلات جديدة لصالح محور المقاومة، وكادت ايضا ان تشعل حربا كبيرة في المنطقة لا تحمد عقباها وقد تؤدي الى انهاء الاحتلال الاسرائيلي.

وكالغريق الذي يتعلق بقشّة، لجأ نتنياهو مؤخرا الى استخدام الاستيطان كورقة اخيرة لاستمالة الناخبين عسى أن يفوز حزبه في الانتخابات المقبلة، واعلن قبل اسبوع انه في حال فوزه في الانتخابات فسيضم غور الاردن وشمال البحر الميت وجزءا كبيرا من الضفة الغربية فورا الى ما اسماه "السيادة الاسرائيلية"، وهي خطوة اخرى لاقت انتقادات دولية واسلامية وعربية واسعة جدا.

وفي هذا السياق اجتمعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأحد في غور الأردن بالضفة الغربية، ونتج عن هذا الاجتماع موافقة الوزراء على اقتراح نتنياهو شرعنة مستوطنة "ميفوت يريحو" العشوائية في غور الاردن.

وقال مكتب نتنياهو إن الحكومة وافقت خلال جلستها الأسبوعية التي عقدت في غور الأردن على "تحويل المستوطنة العشوائية ميفوت يريحو في غور الأردن إلى مستوطنة رسمية".

وتعتبر جميع المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي.

كما كرر نتنياهو خلال الجلسة تهديده بإحلال ما اسماه "السيادة الإسرائيلية" على كافة المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.

وتعهد بضم "مناطق أخرى ضرورية لأمننا ولضمان تراثنا"، في إشارة على الأرجح، إلى أماكن دينية في الضفة الغربية، موضحا أنها ستطرح في خطة ترامب، التي قال نتنياهو إنها "ستطرح قريبًا جدًا بعد الانتخابات".

وأعلن نتنياهو أنه اختار طاقم عمل، يرأسه مدير عام مكتبه، لبلورة "خطّة لإحلال السيادة على الأغوار وشمال البحر الميت، فور إقامة الحكومة المقبلة في الكنيست المقبلة".

وقبل ذلك بأشهر، وبدعم من ادارة ترامب اعلنت حكومة نتنياهو سيادة الاحتلال على الجولان السوري المحتل، وهو ما اثار غضبا شعبيا عربيا واسلاميا واسعا وتنديدا دوليا بعدم شرعية هذه الخطوة.

وضمن محاولاته اليائسة لكسب الدعم في الانتخابات زار نتنياهو روسيا للقاء المسؤولين هناك، لكنه لم يحظ بأكثر من لقاء بارد في سوتشي، ليعود إلى تل أبيب خالي الوفاض من هدايا انتخابية كان يأمل أن يتلقاها من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، علها تحسن وضعه في صناديق الاقتراع في الانتخابات المبكرة بنسختها الثانية، ولم يتكرم بوتين على نتنياهو هذه المرة بأكثر من التقاط صور، وهو الحد الأقصى لعطاءات الرئاسة الروسية، خلافا لما كان يعول عليه نتنياهو.

أكثر من ذلك، سجلت على هامش اللقاء في سوتشي إشارات من قبل بوتين، تفيد بتغيير في القراءة الروسية لمآلات الوضع السياسي في الكيان الاسرائيلي وإمكانات التغيير فيه، في ظل توقعات سيئة ترتبط بوضع نتنياهو، الأمر الذي يدفع إلى هذا الاستقبال البارد، والتأكيد غير المباشر أن موسكو لا تفضل أحدا على أحد من المنافسين في الانتخابات الإسرائيلية.

وابرز هذه الاشارات هي "تنشيف دم" نتنياهو (التعبير الوارد في الإعلام الاسرائيلي) بعدما انتظر أكثر من ثلاث ساعات في غرفة الانتظار ليتمكن من مقابلة بوتين. وهو إجراء نادر جدا يؤكد ما قيل عن برودة اللقاء، وأن نتنياهو يحل هذه المرة ضيفا ثقيلا على بوتين، وخصوصا أن موسكو تدرك أن هدف الزيارة هو للكسب الانتخابي حصرا، في ظل لا يقين حول نتائج الانتخابات.

امريكيا، بحث ترامب مع نتنياهو إمكانية إبرام معاهدة للدفاع المشترك بين الطرفين في خطوة يعتبرها محللون تصبّ في خدمة أجندة نتنياهو الانتخابية لتعزيز وضعه أمام منافسيه الشرسين في انتخابات الكنيست، والتي يحاول الفوز فيها لولاية جديدة.

وفي تغريدة على تويتر قال ترامب إن المباحثات مع نتنياهو جاءت في اتصال هاتفي، وشددت على ضرورة توقيع معاهدة للدفاع المشترك بين واشنطن وتل ابيب لتعزيز التحالف بينهما، معرباً عن أمله في أن تستمر تلك المباحثات هذا الشهر على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ووجه نتنياهو الشكر لترامب على تويتر قائلا إن كيانه "لم يكن له على الإطلاق صديقا أكبر (منه) بالبيت الأبيض" مضيفا أنه يتطلع للقاء ترامب بالأمم المتحدة "للمضي قدما نحو معاهدة الدفاع التاريخية بين الولايات المتحدة وإسرائيل"، على حد وصفه.

وبدا أن توقيت تغريدة ترامب قبل أيام من إجراء الانتخابات الإسرائيلية يوم الثلاثاء يهدف إلى دعم مساعي نتنياهو للبقاء في السلطة من خلال إظهار علاقتهما القوية.

وتظهر استطلاعات الرأي أن السباق الانتخابي سيكون متقاربا بعد خمسة أشهر من انتخابات لم تسفر عن نتيجة حاسمة أعلن نتنياهو نفسه الفائز فيها لكنه أخفق في تشكيل ائتلاف حاكم.

وفي مقابلة مع القناة الـ 12 بالتلفزيون الإسرائيلي، السبت، وجه نتنياهو مناشدة مباشرة للناخبين معتمدا على المعاهدة. وقال "سنحصل على اتفاقية دفاعية ستوفر لنا الأمن لقرون لكن من أجل ذلك أحتاج إلى أصواتكم".

ويرى الكاتب الفلسطيني محمد بكر ان نتنياهو الذي يستعد للانتخابات هو بين نارين، نار المواجهة مع الخصوم من جهة في مرحلة مقبلة ليست سهلة على الإطلاق، ومواجهة الداخل الاسرائيلي لجهة تبرير الكذب المتأصل في سلوكه من جهة أخرى، ونار تبعات الخسارة وماينتظره من ملفات فساد ستكون كفيلة لإيداعه السجن.

ويتوجه الناخبون الإسرائيليون الثلاثاء لانتخاب برلمان جديد، واللافت في هذه الانتخابات ترشح العديد من الجنرالات المتقاعدين ووزراء حرب سابقين في العديد من الأحزاب التي تختلف أيدولوجيا وسياسيا في توجهاته مما يظهر مدى قوة المؤسسة العسكرية في إعداد قيادات سياسية.

المغامرات الجنونية التي خاضها نتنياهو خلال الفترة السابقة هي كالقشة التي يحاول ان يتعلق بها لكي لا يغرق.. فهل سنتنتهي سلسلة القشات يوم الثلاثاء المقبل موعد انتخابات الكنيست؟

* احمد الموسوي - قناة العالم