شاهد بالفيديو

المصريون و'ظاهرة' محمد علي 

الأربعاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٩ - ٠٨:٥٧ بتوقيت غرينتش

تتميز مصر عن باقي الدول العربية بخصائص تجعلها حالة خاصة عن باقي الدول العربية، فمصر تعتبر من البلدان القلائل في المنطقة، كانت ومازالت موجودة منذ الاف السنين، بالاضافة الى حضارتها الفرعونية الفريدة من نوعها، كما انها البلد العربي الرائد في كل فنون المعرفة، من الشعر والادب والسينما والمسرح والصحافة والاعلام ، فهي تحتضن اكبر عدد من الادباء والشعراء والفنانين والمثقفين والمفكرين، قياسا بالبلدان العربية الاخرى، حتى في الثورات الشعبية والحركات الاجتماعية، كانت مصر الرائد بين العرب.

العالم - كشكول

اليوم تعود مصر الى صدارة اهتمام العالم كله، بعد الحراك الشعبي الذي بدأ يدب في الشارع المصري، والملفت ان هذا الحراك الشعبي، يضاف الى الخصائص التي عادة ما تنفرد بها مصر عن باقي البلدان العربية الاخرى، فهذا الحراك يقوده ، ولو بالظاهر، شاب كان يعمل مقاولا لدى القوات المسلحة المصرية ، يدعى محمد علي، ويزعم هذا الشاب ان الجيش المصري رفض ان يعطيه حقه في اطار عمله معه، فقرر الهروب الى اسبانيا والانتقام من الجهة التي ظلمته ، ومن هناك اخذ يبث فيديوهات، يكشف فيها عن وجود فساد كبير ينخر في مؤسسة الجيش المصري، كما طالت اتهامات محمد علي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وزوجته إنتصار السيسي.

الملفت ايضا ان فيديوهات محمد علي وجدت من يصغي اليها بين المصريين، الذين لم يصدقوا ما يقوله محمد علي فحسب، بل اخذوا ايضا يستجيبون لدعواته بالنزول الى الشارع، وهو ما حدث بالفعل، حيث شهدت العديد من مدن مصر تظاهرات، اعتقلت على اثرها قوات الامن والشرطة نحو 500 متظاهر حتى الان، كما قتل شخص واحد.

في ظل تطورات الاوضاع ، اضطر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ان يرد على الفيديوات التي ينشرها محمد علي، امام مؤتمر للشباب، حول اتهامات محمد علي له بشان القصور والاستراحات الرئاسية مبرئاً ساحته من أي اتهام دون ان يصرح باسم محمد علي.

الغريب ان المصريين، ورغم علمهم بان محمد علي ليس بالسياسي او بالبطل القومي بل وليس حتى بالمعارض، بل على العكس تماما، انه كان مقربا من السلطة ومن الجيش، حيث عمل معهم على مدى 15 عاما، وان سبب انشقاقه عن النظام ليس بسبب اختلاف سياسي، بل بسبب مطالبته بامواله التي يتهم الجيش بسرقتها، صدقوه واستجابوا لدعوته بالتظاهر، وفعلوا ما طلبه منهم رغم الظروف الامنية الصعبة التي تعيشها مصر، ورغم عدم استجابة الشعب لدعوات احزاب وشخصيات سياسية عريقة في التاريخ المصري، من مختلف الاتجاهات.

يقول العارفون بالشان المصري ان محمد علي يمكن اعتباره "ظاهرة" ، يجب دراستها، فالرجل ميسور الحال وكان يعيش برفاهية، وكان مقربا من السلطة ، وان كل ما قاله ويقوله في الفيديوهات التي يبثها، لم يكن دافعه نصرة الفقراء او المظلومين، ولا حتى حرصه على الكشف عن الفساد، انتصارا للفقراء ، او دفعا للفساد عن شعبه، بل محاولة منه لاسترجاع امواله، ليس الا ، فالرجل متهم ايضا، بانه لم يتحدث خلال السنوات الماضية عن كل الفساد الموجود الذي يدعيه، الا بعد ان تعرض هو للفساد الذي تستر عليه.

يقول المطلعون عن كثب للشان المصري، ان هناك جهات موجودة داخل الجيش المصري هي التي سربت المعلومات التي يفشيها محمد علي، والتي وجد فيها الشعب المصري ذريعة للنزول الى الشوارع، لعدم رضا هذه الجهات على اداء السيسي وحكومته رغم مضي 5 سنوات على تسلمه مقاليد الحكم، ومما يؤكد وجود حالة من الانقسام داخل مؤسسة الجيش والاجهزة الامنية، حسب هؤلاء المطلعين، هو انخفاض حدة القمع التي عادة ما يواجهها المتظاهرون.

يبقى يوم الجمعة القادمة، هو يوم امتحان، لمحمد علي والجهات التي تقف وراءه او التي تستخدمه او التي تستفاد منه، وللسلطات المصرية، بعد ان دعا المصريين الى تظاهرات مليونية يوم الجمعة، تطالب برحيل نظام السيسي، وعندها يكون لنا حديث آخر.