سوريا و الأكراد وحال العرب

سوريا و الأكراد وحال العرب
السبت ١٢ أكتوبر ٢٠١٩ - ٠٨:٥١ بتوقيت غرينتش

ما يجري اليوم في شمال سوريا هو مأساة انسانية بكل ما للكلمة من معنى، فلا يمكن لمن يمتلك مشاعر انسانية حتى في حدودها الدنيا، الا يتعاطف مع الشعب السوري، بغض النظر عن قومية او مذهب مَن تُمزّق صواريخُ تركيا اجسادهم.

العالم - كشكول

يبدو ان المشاعر الانسانية في حدودها الدنيا والتي نجدها لدى كل شخص، نرى المسؤولين العرب يختلفون عليها، ففي الوقت الذي لم يجد اردوغان في العالم اجمع من يؤيد هجومه الواسع ضد الاكراد في شمال سوريا، الا بلدا واحدا وهو قطر، تعصبا للاخوانية التي تجمعها مع اردوغان، فغابت عن مسؤوليها اي مشاعر انسانية وقومية من المفترض ان تجمعهم مع اشقائهم في سوريا.

في المقابل انهمرت دموع مسؤولي السعودية ومصر والامارات و البحرين على اكراد سوريا، ونددوا بالمجازر التي يرتكبها اردوغان ضد المدنيين الاكراد وضد السيادة لبلد عربي شقيق، وهي دموع لم تبخل عليها هذه الدول على سوريا والشعب السوري منذ اكثر من ثماني سنوات فحسب، بل شاركت هذه الدول في اخراج سوريا من الجامعة العربية وساهم عدد منها في تمويل وتدريب وتسليح الجماعات التكفيرية التي ذبحت السوريين من الوريد الى الوريد.

ترى لِمَ انتفض العرق العربي لهذه الدول بينما الضحايا اكراد؟، ليس هناك من حاجة للبحث عن جواب هذا السؤال في المشاعر الانسانية والقيم الاخلاقية، فهذه الانتفاضة الوجدانية سببها واضح للعيان، انه العداء لاردوغان الاخواني، وليس حبا بالاشقاء الاكراد ولا لسوريا الشقيقة.

المتابع لقناة الجزيرة القطرية التي تغطي الاعتداء التركي على الاكراد العزل في شمال سوريا، يشعر وكأنها تغطي جحافل بني عثمان وهي تتقدم لتطهير المسجد الاقصى من بني صهيون، كما ان المتابع لقنوات السعودية ومصر والامارات والبحرين، يعتقد للوهلة الاولى ان هذه البلدان سيعلنون الوحدة مع سوريا.

جميع مسؤولي هذه الدول العربية، المؤيدين والمعارضين للهجوم التركي على سوريا، لم يتخذوا مواقفهم بدوافع انسانية ولا قومية ولا حتى اسلامية، بل بدوافع حزبية تضيق حتى على الافراد لا الدول، وهي مواقف ما كان بامكانهم اتخاذها لو لم يكن الشارع العربي مشلولا، بسبب الفتنة الطائفية التي اثارها مشايخ التكفير الوهابي.