حرب تجارية تشتعل بين نيوزلندا وأستراليا

 حرب تجارية تشتعل بين نيوزلندا وأستراليا
الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٧:٤٨ بتوقيت غرينتش

يخال المرء في البداية أن الأمر تافه إذا كانت الحرب التجارية بين دولتين شقيقتين تدور على ذلك العسل العادي المعبأ بعبوات على شكل دبدوب.

العالم - اوروبا

هذا ولكن عسل مانوكا هنا غير أي عسل خاصة بعد العلم بأن العبوة الواحد منه تكلف 100 دولار ليصبح أحد السلع الشهيرة التي يقبل عليها المشاهير من الفنانين العالميين.

ووفقًا لتقرير نيويورك تايمز تعتبر نيوزلندا عسل مانوكا ثروة نيوزلندية أصيلة وحقًا راسخًا لا جدال فيه تمامًا.

وبينما تعتبر نيوزلندا مانوكا منتجها الخاص قامت أستراليا بتطوير سلالات نحل قادرة على إنتاج شبيه لمانوكا لتنافس نيوزلندا على منتجها الثمين بل وزعمت أستراليا أن العسل ملكية مشتركة بين البلدين منذ العصر الطباشيرى الغابر.

وبسبب ذلك الخلاف بين بلدين قريبتين لدرجة ترحيب بعض الأستراليين بضم نيوزلندا؛ دخلت الدولتين في عداء تجاري وثقافي وعلمي صريح.

وبالنسبة للأسترالي بيرت سيجريف الذى يملك 4000 منحلًا فى نيو ساوث ويلز، قال: "ما يفعله النيوزلنديون من احتكار السوق بعسلهم هو بمثابة ركلة فى بطوننا كمصدرين أستراليين فأنا لا أقدر على منافسة مانوكا ما خسرني نصف مليون دولار هذا العام".

وتبلغ تكلفة نصف كيلو من عسل مانوكا 100 دولار ورغم أن ذلك السعر لا يحب الكثيرون أن يشتروا به عسلا، إلا أن منتجي ذلك العسل يقولون إنه يعالج الالتهابات المعوية والحروق والجروح إلى جانب طعمه المختلف عن أى طعم.

ورفعت نيوزلندا قضايا لجعل مانوكا علامة تجارية خاصة بها وحدها وذلك في محاكم إنجلترا وأوروبا وأمريكا والصين لكن أستراليا التى تدعي حقها في المنتج نفسه رفضت واستنكرت تلك الخطوة.

ونشأ الخلاف حول أصل عسل المانوكا حيث يعود ذلك العسل لزهرة في الأراضي النيوزلندية تسمي لبتوسبرموم سكبيريام والتي يقول النيوزلنديون أن الأستراليين يقلدون مثل منتجات تلك الزهرة من العسل من زهور أخرى بجينات مشابهة ما يعد غشا وسرقة لحقوق الملكية.

ويقول توني رايت مدير تسويق شركة كونفيدا النيوزلندية لعسل مانوكا، حول خلافه مع الأستراليين: "ما يقوم به الأستراليون الآن هو استخدام هجين من 80 سلالة نحل ليقنعونا فى النهاية أنها تنتج عسل مانوكا فالأمر شبيه بأن آتى بمجموعة من التين والمشمش ثم أحاول إقناع الناس بأنها ثمار الخوخ".

وأما الأستراليون فهم يقولون إن النيوزلنديون يحاولون جعل فارق وهمي للمانوكا الخاص بهم عن المانوكا الأسترالي زاعمين بأن نفس الزهرة التي تنتج المانوكا توجد في أستراليا مستندين لحقيقة أن كلا البلدين كانتا على نفس المساحة من اليابسة بنفس الغطاء النباتي قبل 65 مليون عام حينما إنفصلت كل من البلدين بواقع تحرك الصفائح التكتونية.

وأما بنمكي، مدير شركة كابيلانو الأسترالية للعسل فهو يبذل ما بوسعه عبر مختبره الخاص ليثبت أن المانوكا الذي ينتجه يحوي ذات المزايا للمانوكا الخاص بالنيوزلنديين بينما يعمل إعلاميا على نفس الوتيرة ليثبت أن الأدلة التاريخية تأكد أن سلالات العسل هى ذاتها التي وجدت مشتركة بين البلدين.

ولدى النيوزلنديون اعتراض على سرقة أستراليا لحق ثقافي عبر نسب اسم مانوكا لعسلها رغم أن ذلك الاسم مشتق من اللغة المحلية لقبائل الماري النيوزلندية.

ويقول جون راتكليف مدير اتحاد منتجي مانوكا في أوكلاند النيوزلندية: "إذا أتى أحدهم ليقول أن مانوكا هي كلمة أسترالية فهو يقول هراء بالفعل".

وإلي جانب الحق الثقافي فنيوزلندا تريد المحافظة على الامتياز الاقتصادى التي تريد أستراليا تقاسمه معها حيث يدخل مانوكا للاقتصاد النيوزلندي سنويًا 221 ألف دولار بينما تهدف خطط مستقبلية لأن يبلغ الدخل من تجارة مانوكا لـ700 مليون دولار.

ويقول بيتر بروكس الكيميائي الأسترالي الذي يعمل على دراسة الفرق بين عسلي مانوكا لكل من البلدين: "النيوزلنديون يريدون احتكار السوق فهم لا يستطيعون إنتاج المزيد ولذلك يريدون إخراج الأستراليين من المنافسة ليتسنى لهم رفع أسعار منتجهم كما يشاؤون".

ويضيف ركليف رئيس اتحاد منتجي العسل النيوزلندي: "لم نرفع القضية من أجل أستراليا وحدها بل لأننا علمنا أن هناك مزارع في صربيا وإسبانيا والصين وإيطاليا تقوم بتقليد عسل مانوكا وحينها سيغرق السوق بذلك العسل المغشوش وسنخسر حقنا فى الملكية ولكن بجانب هذا فليس بجميل ما قامت به أستراليا".

ويذكر أن الدولتين تربطهما علاقات وطيدة إذ كانتا تخوضان الحروب سويًا بينما يلتقى قادتهما دائما كل عام ولكن بعض الخلافات تنشأ من وقت لآخر كالذي وقع بترحيل أستراليا مئات النيوزلنديين عن أراضيها.

ويمتلك ملاك المناحل النيوزلنديون ميزة قوية بالدعم القوي من قبل حكومته في حين يكافح الأستراليون للحصول على مثل ذلك الدعم.