سليم الجبوري في حوار مع قناة العالم (1)..

الجبوري: النخبة السياسية هي المسؤولة عن الوضع الموجود

الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٥:٣٢ بتوقيت غرينتش

بغداد (العالم) ‏24‏/11‏/2019 – أكد رئيس البرلمان العراقي السابق سليم الجبوري أن النخبة السياسية التي امتهنت في العراق من 2003 حتى اليوم هي المسؤولة عن الوضع الموجود، وذلك من خلال طريقة تعاطيها مع الأزمات والمشاكل المتراكمة، مشدداً على أن إمكانية إجراء التعديلات الدستورية في الظرف المتأزم الذي يمر به العراق أمر صعب جداً.

العالم - العراق

وفي حوار خاص مع قناة العالم الإخبارية لبرنامج "ضيف وحوار" أشار الجبوري إلى أنه وفي الفترة الأخيرة على وجه التحديد بدأ البرلمان وحتى الوزارات بحالة من تلبية بعض المطالب، وأن هناك استعداد حكومي وبرلماني للتجاوب مع المتظاهرين.

وأضاف: كنا نتمنى أن تكون هذه الحالة مبكرة على أقل تقدير، حتى تعطي الحجة وفي ذات الوقت تولد المقبولية لدى المتظاهرين على أن هناك نوع من الاحترام والاستجابة للمطالب.

وصرح سليم الجبوري انه و"بقناعتي أن الذين خرجوا للتظاهر هم صنفين، الأول مهم جداً وقد خرج لشعارات واضحة في مسائل تتعلق بأزمات لابد من حلها، فشريحة تبحث عن فرصة للحياة ولديها اعتراض على الخدمات وغيرها، وهي إمور إذا ما تم التجاوب معها ستولد نوع من القناعة والمقبولية."

ولفت إلى أن الصنف الآخر يحمل شعارات أوسع وأكبر قد لا تقف أمامه تحقيق هذه المسائل سواء من قبل البرلمان أو الحكومة، وأوضح أنه وبالتالي فإن هذا الصنف الآخر قرر أن يخرج للتظاهر ويحرج الحكومة والبرلمان، وهو لديه نفس طويل، حيث لوحظ نوع من الاستراتيجية التي تتبع من قبل المتظاهرين في مراكز التظاهر.

وشدد على أن: التظاهرة أياً كانت فهي حالة ديموقراطية تدلل عن نوع من التعبير عن الرأي وحرية الإرادة.. ولكن أن تنقلب هذه الإرادة إلى حالة من التخريب والحرق والاستهداف وهد بنية الدولة، فهي تتحول إلى السلبية، التي يجب أن تقف كل مؤسسات الدولة في مواجهتها بشكل واضح وعقلاني.

وفي إِشارة إلى أن هذه الشريحة بحاجة إلى حلول جذرية، تسائل الجبوري أن "القوى السياسية هل تستطيع أن تنتقل إلى الحلول الجذرية الموجودة؟"

وأجاب رئيس البرلمان العراقي السابق: إلى حد اللحظة ذلك ممكن في تصوري، وذلك وفق خارطة طريق، تم الحديث بها من قبل المرجعية والأمم المتحدة والقوى السياسية في بعض اللقاءات التي تمت، والتي أتمنى ألا تستمر اللقاءات بالاستعراضات، وإنما تفهم الجمهور على أن هناك نوع من الاستشعار لمطالبهم والرغبة في تلبيتها.

وفي جانب آخر من اللقاء أشار سليم الجبوري إلى أن إحدى القضايا التي تمت إثارتها من قبل المتظاهرين هي الدستور، مؤكداً بالقول: هي ليست بقضية سهلة، وبقناعتي أن إمكانية إجراء التعديلات الدستورية في هذا الظرف المتأزم أمر صعب جداً، لأننا سنركن إلى حلول ناتجة عن ردود أفعال معينة.

وأوضح أن الكثير من النصوص الموجودة في الدستور لا غبار عليها في الحقيقة، وإنما الإشكالية تأتي من تنفيذ بعض الفقرات التي يتناولها الدستور.

وأكد قائلاً: غير معقول أن نبحث الآن عن عملية تعديل في هذا الظرف المتأزم لهيكلة وبنية النظام السياسي من خلال لجنة، ويوضع لها سقف زمني لا يتجاوز 4 أشهر، في الوقت الذي تحتاج هذه المسألة إلى قرار ستراتيجي وليس سياسي!

وصرح سليم الجبوري قائلاً: بشكل صريح لا ينبغي أن نحرج أنفسنا حتى نقول للناس إننا يجب أن نعدل الدستور وأننا قادرون على ذلك، فهذا ملف يحتاج إلى أجواء هادئة وبأشخاص بعيدين عن التأزيم، لنبحث عن مكمن المشكلة ولماذا وقعنا في مشاكل عديدة في بناءالدولة، وحينذاك يحال إلى جهة قد تتولى بقناعة الجمهور من خلال استفتاء، وإلا مثلا قضية مثل صلاحيات الأقاليم تمثل أزمة كبيرة، فهل نستطيع تعديلها ونحن في حاجة إلى رأي إقليم كردستان أمام الأزمة الموجودة؟

ورداً على سؤال حول سبب اختيار النظام البرلماني في فترة كتابة الدستور العراي أكد الجبوري قائلاً: لأنه الحل لتخفيف المخاوف لدى الجميع.. خصوصاً أننا كنا نعيش تجرية لم تكن جيدة والكل كان يريد أن يهرب منها إلى تجربة أنضج ديموقراطياً.. فقيل بالنظام البرلماني، الذي لا يعطي السلطة بيد طرف بحد ذاته، في حين يعطي قوة مركزية.

ولفت إلى أنه: لكن الآن اختلف الوضع سياسيا وتبدلت مراكز القوى، والنظام الرئاسي قد يكون حلاً لبعض المشاكل الموجودة، وبالذات من المسؤول عن الأوضاع التي نمر بها بشكل مباشر، بدلاً من ضياع المسؤولية بين مؤسسات وتصارع.

وحذر من أنه "لكن لا ينكر أن هناك نوع من السلبيات التي تظهر، والتي ليس لدينا استعداد لمواجهتها.. أو أن نضع أنفسنا في خانة، وبعدها نراجع أنفسنا عنها."

وبشأن ردود أفعال القوى السياسية حيال النظام الرئاسي لفت سليم الجبوري إلى أن: لاشك أنهم في إقليم كردستان قد يستشعرون أن المزايا والخصائص التي حازوها من خلال نظام برلماني قد يتم تقليصها بحكم وجود نظام رئاسي.

وأضاف: لدى المكون السني أيضا هناك خشية من هذا الموضوع، لأنهم يقولون على الأقل هناك الآن 3 رئاسات يتم توزيعها بين 3 مكونات، رغم أن حالة المحاصصة سلبية، لكنها مولدة نوعا من الوئام.

وأضاف: "بصراحة حتى من الأطراف الشيعية هناك من هي غير راغبة بكشل النظام الرئاسي."

وفيما لفت إلى أن هذا قد "يولد نزاع" قال إن هذه هي هواجس ومخاوف قد تكون وهمية، لكن هذا هو ما يدور في أروقة الساسة.

وقال رئيس البرلمان العراقي السابق: "قد نمضي بالنظام الرئاسي، ولكن يجب أن نناقشه في أجواء هادئة، حتى نبدد كل هواجسنا ومخاوفنا ونمضي ونحن مقتنعين به، ونشعر بأن هذا هو خيار غير قابل للتبديل بعد فترة، فنحن لسنا أمام حقل تجارب.

وفي دجانب آخر من اللقاء أشار سليم الجبوري إلى أن البعد الطائفي قد خف خلال هذه السنوات، وأضاف: لا استطيع أن اتحدث عن استقطابات أو حتى تعبئة، بل بالعكس هناك نوع من الوئام والانسجام الشعبي الكبير بهذا الخصوص، وعليه لابد أن نركن إلى الاستفتاء، حيث أن الشعب هو الذي يمضي بهذا الإطار.

ورداً على سؤال بشأن مدى مسؤولية حكومة عادل عبدالمهدي عن الوضع الحالي صرح الجبوري أنه لايمكن محاسبة تراكمات وأخطاء سياسية لفترة زمنية، على حكومة ذات مدة سنة، لكنه أشار إلى أن هذه الحكومة بيدها أشياء عديدة وبإمكانها أن تنقل العراق إلى مرحلة أخرى بالتوافق مع البرلمان وغيره.

وصرح رئيس البرلمان العراقي السابق قائلاً: ولكن النخبة السياسية هي المسؤولة عن الوضع الموجود، ولا يبرأ أحد، النخبة السياسية التي امتهنت من 2003 حتى اليوم، في طريقة تعاطيها مع الأزمات والمشاكل المتراكمة، هي المعنية بشكل واضح وبالشكل الأساس، ويجب أن تعترف بذلك.

ولفت إلى أن الظروف التي مر بها العراق لم تكن سهلة، بين أزمات طائفية إلى داعش والإرهاب، مضيفاً: لكن رغم ذلك حافظنا على بنية الدولة واستقامتها، لكن تعاب حالة عدم الحزم التي لم تكن موجودة في معاقبة المفسدين، ووجود نوع من الصراعات غيرالمبررة على حساب مصالح الناس.

وصرح بالقول: إذا جاز لي القول لم نولد حالة قناعة نستطيع أن نسوقها متكافئين ومتضامنين أمام المجتمع عن حقيقة ندافع عنها، وبدأنا نحن كأطراف سياسية أحدنا يحاول أن يقلل من شأن الآخر، حتى أصبح الشارع نفسه غيرمقتنع بمجمل الحالة التي نقوم بها.

وبشأن القانون الجديد قال سليم الجبوري إن: الخارطة أو المبادرة الكبيرة التي نسير باتجاه تنفيذها واضحة معالمها، من خلال خطاب المرجعية، وتبني الأمم المتحدة لمشروع سياسي معين تم مفاتحة الأطراف السياسية به، يبدأ بتعديل وزاري متوقع الأسبوع القادم، وتشريع برلماني لأهم القوانين، وأبرزها قانون الانتخبات والمفوضية، وإجراء قضائي بمحاسبة المفسدين بشكل جاد وحقيقي دون الاعتبار السياسي، ثم تليها مرحلة أخرى قد تصل إلى تحديد موعد انتخابات مبكرة وحل البرلمان، حتى نبدأ بمرحلة جديدة.

وحول قانون الانتخابات لفت إلى أنه وبحسب وصف المرجعية يجب أن يكون قانوناً منصفا، مبيناً: أولا ألا تكون هناك حالات تزوير وفساد واستخدام لصلاحيات قد تؤثرعلى إرادة الناس، وثانياً أن يدع مجالا لمشاركة فعلية حقيقة للشعب العراقي وتنافس فعلي يكون نتاجه إرادة الناس.

وأوضح أن ما تم تقديمه للقانون هو مشروعين، الأول من قبل رئاسة الجمهورية، يدعو لتقسيم الدوائر الانتخابية إلى أقضية، وأوضح: هذا عليه ملاحظات، فقد يصطدم بإجراءات فنية قد لا نكون قادرين على إجراءها من قبل المفوضية، مثل إشكالية الحدود وإشكالية الإحصاء، والبيانات المتعلقة بهذا الجانب، كما قد يصطدم بغلبة فريق أو مكون سياسي على آخر في بعض المفاصل.

وأشار إلى أن المشروع الثاني قد تم تقديمه من قبل رئاسة الوزراء، ورأى الجبوري أنه الذي سيحوز المقبولية، موضحاً أن المشروع الثاني قد قسم 50 بالمئة من التنافس إلى تنافس كتل وقوائم، و50 بالمئة لتنافس الأفراد، وأضاف: هذا قد يكون مقبول، ولكن فيه فقرة هي مجال للنقاش، وهي إعادة تدوير الوجوه مجدداً.

وفيما قال إن هذا المشروع يمنع نخبة سياسية من عملية الترشيح، أكد أنه متحفظ على هذا النص وقال: لأنه قد يخالف سياقات طبيعية، لأننا أمام الناس وهم يقررون، فإذا شخص نجح في عمله وإداءه جيد لماذا نمنعه من الترشح؟ فالناس هم يحاسبوه، إذا كان القانون منصفاً في اختيار إرادتهم لماذا اضع حجباً في بادىء الأمر؟

وحول موضوع سحب الثقة عن حكومة عادل عبدالمهدي اقترح رئيس البرلمان العراقي السابق أن: تعطى فرصة ليست طويلة لهذه الحكومة، قد تكون مدة سنة مقبولة، مع إجراء تعديلات ذكرت في تشريعات قانونية، وعندذاك نستطيع أن ننتقل إلى طور ثاني وهو حل مجلس النواب وانتخابات مبكرة.

وأضاف: فإذا حلت الحكومة الآن ماهي خارطة الطريق التي سوف تأتينا؟ فسيتيه البرلمان في تشكيل حكومة جديدة واختيار البديل، وتتنازع القوى السياسية في تسمية وزراء.. وهي وضعية سوف تستغرق عندنا ما لا تقل عن ستة أشهر.. فكيف نستطيع آنذاك أن نعالج الوضع ومشاكل الناس؟

وبشأن إمهال القوى السياسية حكومة عادل عبدالمهدي مدة 45 يوما نوه سليم الجبوري أن القوى السياسية لا تريد من صرح هذه المهلة أن تختبر رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بل تريد اختبار نفسها، في موضوع القدرة على معالجة الوضع الموجود؟

وأضاف أنه وفي نفس الوقت هناك مقبولية من قبل رئيس الوزراء لهذا الإجراء، حيث سوف يباشر بالإجراءات، وقال: إن السيد عادل عبدالمهدي تلقف هذه المبادرة في تنفيذ ما عليه، ويعتبرها حجة على الأطراف السياسية يقول لهم من خلالها هذا هو الذي نفذته حسب ما أردتموه.

وحذر رئيس البرلمان العراقي السابق قائلاً: "لكن المشكلة هي أن هذه الخارطة هل اقتنع بها الناس الذين خرجوا للتظاهرات أم لا؟ فنحن رأينا حالات رفض وعدم رضا.. فإذا هم غير موافقين عليها فما هي قيمتها أصلاً؟.. وهذه هي النقطة الاساس أي إجراء جذري في معالجة لمشكلة تنال قبول ورضا من تظاهر."

للمزيد إليكم الفيديو المرفق...

تابعوا الجزء الثاني من المقابلة على هذا الرابط