إيران مع المقاومة في فلسطين أيا كانت عناوينها

إيران مع المقاومة في فلسطين أيا كانت عناوينها
الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٨:٤٥ بتوقيت غرينتش

لم يكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس موفقا في بيان العلاقة بين السلطة الفلسطية والجمهورية الاسلامية في ايران، في المقابلة التي اجراها مع صحفيين روس وبثتها وكالة سبوتنيك الثلاثاء، عندما قال انه:" ليست لدينا مشكلة مع إيران، ولكن نطلب منها التعامل مع الشرعية الفلسطينية وليس مع فصيل، لأن هذا يؤدي لتقسيم الحياة الفلسطينية".

العالم- كشكول

اولا وقبل كل شيء، لابد من التأكيد ان إيران اكثر من اي بلد آخر تحمل ما تحمل من ضغوط منذ اربعين عاما، من اجل القضية الفلسطينية، فكل الحروب والحصارات الاقتصادية غير المسبوقة وكل الحروب النفسية التي فرضت ومورست ومازالت ضد ايران، جاءت عقابا لها لتبنيها القضية الفلسطينية بعد اشهر قليلة من انتصار ثورتها الاسلامية عام 1979.

ان كل ما يقال عن البرنامج النووي الايراني، وتدخل ايران في شؤون دول المنطقة، واكذوبة نشر التشيع والى آخر قائمة الاتهامات الامريكية الاسرائيلية العربية الرجعية، هو ذر للرماد في العيون، فجريرة ايران الوحيدة هي انها انتصرت للقضية الفلسطينية عندما عزّ الناصر.

في الايام الاولى لانتصار الثورة الاسلامية في ايران، اغلقت ايران الثورة السفارة "الاسرائيلية" في طهران، وطردت سفير الكيان الاسرائيلي، وفتحت اول سفارة لفلسطين في العالم واخذ العلم الفلسطيني يرفرف في سماء طهران، وبعد اقل من اربعة اشهر اعلن مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) اخر جمعة من شهر رمضان المبارك يوما عالميا للقدس، واستقبلت ايران الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات استقبال الابطال.

ان حركتي حماس والجهاد الاسلامي، التي يأخذ الرئيس عباس على ايران اقامة علاقات معهما، هما حركتان خرجتا من رحم الشعب الفلسطيني، كما خرجت حركة فتح، وبسبب مواقفهما من الاحتلال الاسرائيلي ، تمكنتا في ايجاد قاعدة شعبية واسعة بين الشعب الفلسطيني، حتى ان حماس كان لها اوسع تمثيل في المجلس التشريعي الفلسطيني حسب آخر انتخابات تشريعية في فلسطين عام 2006.

شعبية حركتي حماس والجهاد الاسلامي بين الفلسطينيين مردها الى مواقف الحركتين من الاحتلال الصهيوني، وكذلك بسبب 26 عاما من الكوارث التي حلت بالشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، حيث ابتعلت "اسرائيل" منذ اتفاقيات اوسلو عام 1993 وحتى اليوم اغلب الاراضي الفلسطينية تحت مرآى ومسمع راعي "السلام الامريكي"، الذي نقل السفارة الامريكية الى القدس واعترف بها عاصمة ابدية لـ"اسرائيل" واليوم يشرعن وجود نحو 800 مليون مستوطن في الضفة الغربية والقدس، عبر الاعتراف بشرعية المستوطنات التي تجثم على اكثر من 60 بالمائة من اراضي الضفة الغربية، فيما الحصار الخانق مازال مفروضا على غزة، وهي خيبات دفعت الرئيس الفلسطيني نفسه وفي ذات المقابلة المذكورة، ان يعلن انه سيلجأ الى المحكمة الجنائية الدولية وسيقطع العلاقات تماما مع "إسرائيل" إذا أقرت قانون ضم وادي الأردن، وهي مواقف تقربه كثيرا من مواقف حماس والجهاد الاسلامي.

للاسف الرئيس الفلسطيني عباس وفي ذات المقابلة يقول ما نصه:"إن رئيس وزراء حكومة تسيير الأعمال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لا يؤمن بالسلام"، مؤكدا "أنه ( اي نتنياهو) رفض محاولات سابقة من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لترتيب لقاء بينه وبين عباس"، ومبعث اسفنا هو ما الذي يمكن ان يحصل عليه عباس اذا ما التقى بنتنياهو؟ الا يكفي 26 عاما من العبث واللهاث وراء السراب؟.

الجمهورية الاسلامية في ايران تنظر الى القضية الفلسطينية كقضية تحرر بالدرجة الاولى، فرغم الخلاف مع الرئيس ياسر عرفات، بقيت السفارة الفلسطينية في طهران، ودعمت ايران المقاومة وكل فصيل فلسطيني يؤمن بالمقاومة لاسترداد الحق الفلسطيني، ولا فرق بالنسبة لايران بين فتح او حماس او الجهاد الاسلامي، وان تجربة اوسلو منذ اكثر من 26 عاما، تؤكد صوابية الموقف الايراني ومواقف فصائل المقاومة في فلسطين المحتلة، واللافت ان الفلسطينيين والعرب وبدلا من ان يحصلوا على تعامل يحظى باحترام حتى بمستوياته الدنيا من قبل "راعي السلام الامريكي" بسبب انخراطهم في اوسلو، نرى هذا الراي لا ينفك في توجيه الاهانات، حتى من دون مبرر، لـ"شركاء السلام" من العرب، واخر هذه الاهانات ما خرجت من وزير خارجية امريكا مايك بومبيو، الذي دعا وزراء خارجية العرب الذين تجرأوا على الاعتراض الشفهي على شرعنة المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية من قبل امريكا، وبكل صلافة ووقاحة ان يبدأوا بالتطبيع مع "اسرائيل" بدلا من الاعتراض على بلطجة ادارته.