الاسير صدقي المقت ورفض إطلاق أسره المشروط

الاسير صدقي المقت ورفض إطلاق أسره المشروط
السبت ٣٠ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٦:١١ بتوقيت غرينتش

من خلفِ جدران معتقل النقب في جنوب فلسطين المحتلة، كان صدقي المقت يرسم حريته المختلفة، حيث جدد عميد الاسرى السوريين والعرب، تمسكه بثوابت المقاومة والنضال في مواجهة الكيان الإسرائيلي رافضا إطلاق أسره المشروط بالابعاد الى دمشق، معلنا بذلك بقاءه مصدر قلق دائم يرهب كيان الاحتلال وعواصم المطبعين من العرب، ويشكل ابهى صور النضال المتقد في وجدان الامة.

العالم - قضية اليوم

لم ينتظر صدقي المقت طويلا بعد ابلاغه بالصفقة، ليبعث برسالة واضحة الى اهالي الجولان السوري المحتل، رافضا الصفقة واطلاق سراحه المشروط، مصمما على عودته الى بيته وبلدته مجدل شمس المحتلة في الجولان السوري، متمسكا بحقه في الحياة بمنزله وبين افراد عائلته، بهذه الرسالة يؤكد المقت مجددا ان الاسرى ليسوا في الخطوط الخلفية للمواجهة، وبحديث مقتضب مع الاسير المحرر بشر المقت، اوضح ان حلم كل ابناء الجولان المحتل ان يكونوا في دمشق، لكن موقف اخوه صدقي يأتي في ظل وعي كامل لطبيعة الاشتباك مع العدو، في مرحلة حساسة وحرجة، مؤكدا ان صدقي يهدف من هذا الرفض الى البقاء في مقدمة المقاومة في وجه الكيان، وأن رفض صدقي ياتي كتأكيد واضح ان المناضلين هم شعلة النضال، وتابع بشر المقت قائلاً " صحيح ان صدقي لو ذهب الى اهله في دمشق لكان حصل على كل ما يريد، لكنه فضل الاشتباك من داخل الزنزانة، على ان ينفذ ارادة الاحتلال بابعاده والتي يتحداها صدقي"

ان سياسة الابعاد التي ينتهجها الكيان الاسرائيلي، وبأشكال مختلفة، وبالذات مع المقاومين في الجولان السوري او فلسطين المحتلة، هي جزء من استراتيجية نظّر لها عدد من الصهاينة منذ احتلال فلسطين، ولقد استفاد صدقي المقت من تجربة الابعاد التي نفذها كيان الاحتلال الاسرائيلي بحق القادة الفلسطينيين في بداية الانتفاضة الاولى، وانتبه ان العدو يلجأ الى ابعاد الشخصيات صاحبة التأثير والتي تملك قدرة على خلق بيئة حقيقية للمقاومة والعمل الكفاحي المسلح في وجهه، فيلجأ الى ابعاد هؤلاء الاشخاص، في محاولة لاخراجهم من دائرة الاشتباك وساحة المواجهة، وياتي اختيار صدقي للابعاد، كون كيان الاحتلال يعرف بدقة دور صدقي المقت في ساحة الجولان المحتل، وما يتمتع به من مواصفات خاصة، وابعاده يعني انهاء التأثير المستقبلي، وبفضل التشابك بين اسرى المقاومة الفلسطينية واسرى الجولان المحتل، فإن الخبرات التي يتناقلوها فيما بينهم، تفشل اي قرار لكيان الاحتلال يتعلق بعمليات الابعاد.

صحيح ان عمليات الابعاد للمقاومين لم تتوقف منذ عام 1948، الا انها ازدادت بعد نكسة حزيران 1967، وتصاعدت في فترة الانتفاضة الاولى، والتي ابعدت فيها قوات الاحتلال بشكل فردي وجماعي، اعداداً من المقاومين، كان ابرزهم الدكتور فتحي الشقاقي والشيخ عبد العزيز عودة، واحد مؤسس حركة الجهاد الاسلامي الشيخ احمد مهنا، والذي كان رفيق درب الشهيد مصباح الصوري، والذي كان احد اسباب انطلاق الانتفاضة الاولى، هؤلاء المقاومين الذين ابعدوا الى لبنان، شكلوا ضربة حقيقية لمشروع الكيان الصهيوني بقتل المقاوم بابعاده عن ارضه. وربما النموذج الاخطر كان ابعاد ابطال كنيسة المهد، في العاشر من ايار 2002، والتي تعتبر جريمة دولية موصوفة تعارض كما كل حالات الابعاد، القانون الدولي والعهود والمواثيق الدولية، وهذا يفسر ان الكيان يحاول تفريغ الارض من سكانها اولا، ومن المقاومين ثانيا، وفي حالة صدقي المقت يحاول كيان الاحتلال تكرار ما حدث مع مبعدي الانتفاضة الاولى، او ابطال كنيسة المهد، وهذه الحالات جميعها يفسرها القانون الدولي انها تأتي في اطار الابعاد القسري للافراد، وهي عملية غير قانونية ، ويمثل انتهاكا واضحا لاتفاقية جنيف الرابعة، والمادة 147 منها بشكل خاص، والتي تعتبر هذه العملية جريمة حرب يجب محاسبة الكيان عليها،

ان السنوات الطويلة التي قضاها صدقي المقت في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي تجاوزت ال 27 عاماً، وكان قد أُفرج عنه عام 2012، وأعادت سلطات الاحتلال اعتقاله مجدداً عام 2015، وحكمت عليه محكمة الناصرة، بالسّجن لمدة 14 عاماً بتهمة تصوير فيلم فيديو يعكس التعاون بين الاحتلال وجبهة النصرة، وجرى تقديم استئناف على القرار وتمّ تخفيض الحكم لمدة 11 عاماً، تلك السنوات لم تدفع المجتمع الدولي، ولا حتى الكيانات الحقوقية، للضغط على الكيان لاطلاق سراحه غير المشروط، ويشابه حال صدقي المقت الاف الاسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال، حيث يبقى الاسرى هم الذين يخوضون المعركة في وجه الكيان المحتل بالرغم من انحسار الدعم العربي، الا ان الاسير في سجون الكيان الغاصب وضع وجدان العرب والمسلمين امام حقيقة واضحة، انهم شعلة المقاومة وضمير الامة الحي.