إيران لجيرانها الخليجيين.. عفا الله عما سلف

إيران لجيرانها الخليجيين.. عفا الله عما سلف
الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٧:٢٩ بتوقيت غرينتش

تقارير امريكية تتناقلها وكالات وصحف امريكية منها وكالة بلومبرغ ونيوريورك تايمز تتحدث عن ان واشنطن وحلفاءها في الخليج الفارسي يتوجهون نحو اعتماد السياسة والتفاوض مع ايران. وتزامنت هذه التقارير مع الزيارة التي يقوم بها وزير الدولة للشؤون الخارجية في سلطنة عمان يوسف بن علوي الى طهران، والذي قيل انه يحمل رسائل لم يتم الكشف عن مضمونها.

العالم - قضية اليوم

يبدو ان هذا التوجه الامريكي الخليجي من ايران لم يأت من فراغ، فهو توجه بُني على معطيات افرزتها التطورات التي شهدتها ايران والمنطقة، وهو ما كشفت عنه صحيفة نيويورك تايمز الامريكية بقولها ان الاحتجاجات في ايران لم تعزز الاهداف الامريكية.

من الواضح ان امريكا وحلفاءها في المنطقة كانوا يعولون كثيرا على سياسة الارهاب الاقتصادي الامريكي "المدمر" و "غير المسبوق تاريخيا" على ايران والذي طال حتى الدواء، لخلق حالة من الاستياء داخل ايران تؤدي الى اضطرابات شعبية تُدخلها في نفق مظلم، الا ان المخطط الامريكي الاسرائيلي العربي الرجعي الذي تم انفاق المليارات عليه، تم وأده في ليلة وضحاها من قبل الشعب الايراني.

الرئيس الايراني حسن روحاني كشف عن الامريكيين وعلى خلاف ما يقولونه في العلن يرسلون في الخفاء رسائل الى ايران من اجل الحوار، وهذه الحقيقة راها العالم بأم عينه ، وكيف يتوسل الرئيس الامريكي دونالد ترامب للقاء ولو عابر مع الرئيس روحاني في اروقة الامم المتحدة، بل انه اعطى رقم هاتفه الى السفارة السويسرية في طهران ليتصل به اي مسؤول ايراني.

موقف ايران من ترامب واضح، فالرجل غير موثوق فيه، فقد خرج بجرة قلم من اتفاق دولي بضغط من اليمين الامريكي المتصهين والكيان الاسرائيلي والسعودية والرجعية العربية، لاعتقاده واعتقادهم ان ايران ستنهار بمجرد فرض ترامب عقوباته "المدمرة" و"غير المسبوقة" عليها ، الا ان الايام اثبتت ان ترامب ورط امريكا بخروجها من الاتفاق النووي، بل ان هذا الخروج سيكون مقدمة لخروجه من البيت الابيض، بعد ان تحول الى عنوان لفشل سياساته الخارجية.

لكن موقف ايران من جيرانها هو مختلف جذريا، فايران ليست كجيرانها ، فهي لا تعول على اي قوة خارجية ، كما انها لا تعول على التطورات الدولية والاقليمية ولا على السياسة الامريكية ، في بناء علاقاتها مع جيرانها، كما انها لا تقفز على الجغرافيا والتاريخ، فايران باقية وجيرانها كذلك وان ترامب راحل لا محالة، فهي كانت ومازالت تتعامل مع جيرانها انطلاقا من مبدأ "عفا الله عما سلف"، منذ الحرب التي فرضها الطاغية صدام على الجمهورية الاسلامية على مدى ثماني سنوات، وكذلك على مدى 40 عاما من الضغوطات والعقوبات الامريكية الجائرة.

اليوم، حتى بعد ان انخرط جيرانها انخراطا كاملا في الارهاب الاقتصادي الامريكي ضدها والرامي الى تصفير صادرات نفطها وتجويع شعبها، وكذلك تهديدها بنقل الحرب الى داخلها ، واثارتهم للقلاقل في العراق ولبنان، تقدمت ايران ومن جانب واحد بمبادرة" هرمز للسلام"، بهدف تحقيق امن واستقرار المنطقة، بعيدا عن التدخل الامريكي المدمر في شؤونها.

على جيران ايران وفي مقدمتهم السعودية، ان يتعاملوا مع هذه المبادرة بمسؤولية وحكمة، والا يعولوا على التهديدات الجوفاء لترامب في الهجوم على ايران، كما عليهم الا يتوقعوا ان تستسلم ايران وترضخ بسبب العقوبات الامريكية ضدها، واخيرا عليهم الا يربطوا تطبيع العلاقات مع ايران بالتطورات التي تشهدها المنطقة والتي يعتقدون انها قد تضعف دور ايران فيها، فايران لم ولن يصيبها الوهن، والدليل على ذلك هو استجداء ترامب الحوار معها، لذلك من الافضل لجيرانها ان يكونا السباقين للحوار معها، لاسيما انها، كانت ومازالت، تمد يدها اليهم وتقدم لهم المبادرات تلو المبادرات.

نجم الدين نجيب ، العالم