تمني الحريري تأجيل الاستشارات بين الحسابات اللبنانية والضغوطات الخارجية

الثلاثاء ١٧ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠١:١٠ بتوقيت غرينتش

تأجيل استشارات التكليف والتأليف لحكومة لبنانية يفتح باب الأسئلة حول أسباب تمني سعد الحريري ارجاءها .

العالم لبنان

ترك طلب سعد الحريري بالتمني على رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون تاجيل الاستشارات النيابية الملزمة عدة تساؤلات لدى الاوساط المتابعة تمحورت حول اسباب الحريري الحقيقية عما اذا كانت مرتبطة بالمبررات التي ساقها في بيان بيت الوسط حول الميثاقية والتمثيل النيابي للكتل المسيحية . ام انها تتجاوز ذلك لاسباب خارجية تتعلق بزيارة الموفد الامريكي ديفيد هيل الى لبنان والضغوط التي تمارس على الحريري من قبل الادارة الامريكية وبعض الدول الغربية والعربية. من هنا ترى المصادار المتابعة انه بدا مفاجئاً تأجيل الاستشارات النيابية التي كانت مقررة صباح امس قبل نصف ساعة من موعدها، وذلك بطلب من رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري بهدف إجراء المزيد من المشاورات.في وقت كان الحريري يضغط من اجل الاسراع بالتكليف وإنجاز صيغة حكومية طارئة، عاد ليجريَ اتصالاته متمنيا على رئيس الجمهورية ميشال عون مهلة 72 ساعة قبل الدعوة الى الاستشارات المُلزمة.

وبحسب مصادر متابعة لأجواء الاتصالات بين سائر الافرقاء في لبنان فإن شعار "الميثاقية" بات مستهلكاً في الحياة السياسية اللبنانية، غير أن تسمية رئيس حكومة من دون كتلة مسيحية وازنة من شأنه ان يشكّل خللا في التوازنات، وبمعنى آخر فإن اعلان كتلة "الجمهورية القوية" رفضها لتسمية الحريري فجر أمس، شكّل عاملاً مباشرا لاختلال كبير في الميزان اللبناني وتوازناته الطائفية، لذلك كان على الحريري أن يحاول كسب مزيد من الوقت لاقناع "القوات اللبنانية " أو "الوطني الحر" بمنح نوابهم مطلق الحرية بالتصويت له.وأضافت المصادر أن هنالك عوامل اخرى قد ساهمت بدفع الحريري نحو التريث، ولعلّ شعوره بالعجز عن المناورة خلال عملية التأليف في حال تكليفه يبدو من أهم الاسباب التي ارغمته على محاولة كسب الوقت بضع ساعات، اذ أن الاخير لا يزال يراهن على أن يقوم بتقديم تشكيلة وزارية الى رئاسة الجمهورية مؤلفة من مجموعة اختصاصيين مستقلين من دون العودة الى الكتل النيابية، والتي في حال عدم حصولها على ثقة المجلس، ستصبح حكومة تصريف اعمال بالأمر الواقع، وبالتالي يصبح الحريري معها الرابح الاكبر، حيث أنه وبحسب تصوّره سوف يضمن تضامناً شعبيا واسعا على اعتبار أنه رضخ لرغبة الشارع منذ الاستقالة وحتى تشكيل حكومة "تكنوقراط" قد تسقطها باقي القوى السياسية. وتضيف المصادر الى هذه الاسباب سببا اخر له علاقة باجندة الدول الخارجية لاسيما امريكا التي ما فتئت تحرض على الاقسام والفوضى من خلال استغلالها للحتجاجات الشعبية معتمدة مجموعة من الخطط والتي باتت واضحة من خلال الاحداث المفتعلة خلال الايام الثلاثة الماضية .

وبحسب المصادر فإن حسابات الحريري لم تكن دقيقة على الاطلاق، ، فجميع النصائح التي تلقاها حذّرت من أن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، اذ أن رئيس الجمهورية ميشال عون سيكون بالمرصاد، وقد يتحفّظ على التشكيلة الحكومية من دون التوقيع عليها، وبالتالي فهي لن تُعرض على المجلس النيابي لطرح الثقة، الامر الذي سيستوجب اعادة دورة مشاورات الرئيس المكلف من جديد ما دفع الحريري حتما الى التأجيل.من جهة اخرى، فإن عدد الاصوات التي كان سيحصل عليها الحريري للتكليف لم تكن ستتعدّى 54 نائبا، وهذا رقم يحمل دلالات كثيرة على المستوى السياسي، وأبرزها سعي معظم القوى السياسية لتحجيمه أو بمعنى اكبر فإنه وفي حال انتصر على عراقيل التأليف، فإن صيغته الحكومية لن تحصل على الثقة الا بشروط تفرضها القوى التي لم تذهب الى تسميته في الاستشارات، الأمر الذي تنبّه له الحريري وفضّل ان يحفظ ماء وجهه وعدم الدخول ضعيفاً الى ساحة المعركة.

وترى المصادر انه ومما لا شك فيه أن شعور الحريري بسحب الغطاء الدولي عنه كان من احد الاسباب التي اعاقت تقدّمه نحو الاستشارات النيابية أمس، لا سيما وأنه يعلم جيدا مدى ارتباط بعض القوى السياسيةبالولايات المتحدة الاميركية وفرنسا (القوات اللبنانية) ، والتي كانت قد اتخذت قرارها علناً بعدم تسميته، الامر الذي شكّل له صفعة سياسية كبرى، اذ من شأنه أن يضعف الحريري ويجعله غير قادر على مواجهة ضغوطات خصومه في الداخل خلال مسار التأليف، وفي الوقت نفسه فإن رفع الدعم المالي والاقتصادي الدولي لن يعيق التشكيل فحسب، بل سينسف حتماً مفهوم حكومة الانقاذ والتي سيكون عليها أن تعيد الاستقرار الى البلاد.فهل سيحمل خميس الاستشارات تذليلا للاسباب المعوقة اقلها داخليا ام ان امرعمليات الخارج ما زال ساريا باتجاه توسيع رقعة الفوضى يسأل المراقبون.

حسين عزالدين

كلمات دليلية :