السياسيون والمرجعية.. وكل يدعي وصلا بليلى!

السياسيون والمرجعية.. وكل يدعي وصلا بليلى!
السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٧:٥٢ بتوقيت غرينتش

كالعادة فسرت الاحزاب والتيارات والشخصيات السياسية والقنوات الفضائية والاعلاميون والصحفيون في العراق اعلان مكتب المرجع الديني آية الله السيد علي السيستاني يوم الخميس الماضي من ان خطبة صلاة الجمعة، لن تتطرق إلى الملف السياسي، وفقا لرؤيتهم الخاصة واهدافهم وتوجهاتهم وحتى مصالحهم الخاصة.

العالم - يقال ان

هناك من فسر الاعلان على انه احتجاج من قبل المرجعية ضد ممارسات الاحزاب المتشبثة بالسلطة والرافضة لمطالب المتظاهرين، وهناك من فسر الاعلان على انه احتجاج على الممارسات الشاذة للمندسين بين المتظاهرين والمتمثلة بعمليات الحرق للممتلكات العامة والخاصة، والبعض الاخر اعتبره احتجاجا على عمليات القتل التي تطال المواطنين والنشطاء، لاسيما بعد ان بح صوت المرجعية في الدعوة الى ضرورة حماية المتظاهرين السلميين، والحفاظ على سلمية التظاهرات وعدم الاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة، وتقديم مصلحة الوطن على المصالح الحزبية والشخصية.

للاسف هناك ارادة واضحة من جميع الاطراف لتجيير خطابات ومواقف المرجعية العليا لصالحها، بينما خطابات المرجعية واضحة وبينة ومن الصعب ان تجيرها اي جهة لصالحها وكل محاولات لي عنق الخطابات، من قبل بعض الاحزاب والشخصيات السياسية الفاسدة وكذلك الجهات التي تقف وراء الممارسات الشاذة لحرف التظاهرات المطلبية للمتظاهرين السلميين، تكشف اكثر مما تستر نوايا تلك الاحزاب والشخصيات والجهات.

في اعتقادنا ان خطبة صلاة الجمعة لهذا الاسبوع كانت الابلغ بين خطب الجمع السابقة، فالمرجعية العليا بسكوتها المدوي، ارادت ان تُسمع الجميع ان ما يجري في العراق الان ليس في صالح احد، وان الخطر في كمين الوطن، فليس من الحكمة ان نلتزم بإراشادات المرجعية عندما تكون هذه الارشادات في صالحنا، بينما نتجاهلها وحتى نحرفها لوكانت في غير صالحنا، فالمرجعية ومنذ اليوم الاول دعمت المطالب المحقة للمتظاهرين ورفضت استخدام القوة ضدهم واكدت على ضرورة محاسبة كل من يتعرض لهم بسوء، وفي المقابل طالبت المتظاهرين بفرز المتسللين والمغرضين واصحاب الاجندات المشبوهة من صفوفهم، كما دعت الى تشريع قانون انتخابات جديد ومنصف وتشكيل مفوضية جديدة ونزيهة، لتمهيد الارضية امام انتخابات مبكرة، كل ذلك في اطار الدستور والسياقات القانونية، وهو الاطار والسياقات التي طالما اكدت عليها المرجعية مرارا وتكرارا، ودعت الجميع الى الاتزام بها واحترامها.

البعض انبرى مدافعا عن ارشادات المرجعية العليا حول قانون الانتخابات والمفوضية، الا انه ما اسرع ما تجاهل ارشادات المرجعية عندما اكدت على ضرورة الالتزام بالدستور والسياقات القانونية لاختيار مرشح لمنصب رئيس الوزراء.

الدستور والسياقات القانونية اكدت على ان من حق الكتل الاكبر في البرلمان ان تقدم مرشحها لمنصب رئيس الوزراء، الا اننا راينا ان كل المرشحين التي تقدمت بها هذه الكتلة قوبلوا بالرفض حتى المرشحين الذين ينطبق عليهم صفة "غير الجدلية" كما دعت المرجعية.

من الواضح ان هناك جهات تريد مصادرة خطاب المرجعية وتجييره لصالحها، بينما من الواضح اكثر ان ما تطالب به المرجعية اولا وقبل كل شيء هو الالتزام بالدستور والقانون، وهو التزام حتى لو لم يأت على هوى البعض، فانه خير من ان يُدخل البلاد في الفراغ والفوضى.

لذلك لم اجد مقولة يمكن ان تشرح بشكل واضح العلاقة بين سماحة السيد السيستاني وبين الاحزاب السياسية والاعلامية والصحافية والفكرية والمشهد السياسي في العراق، الا هذا البيت من الشعر..

وكل يدَّعي وصلاً بليلى .... وليلى لا تقرّ لهم بذاكا.

*إبراهيم علي