سعد الحريري بين خسارتين.. قيادة الحراك وترؤس الحكومة اللبنانية

سعد الحريري بين خسارتين.. قيادة الحراك وترؤس الحكومة اللبنانية
الثلاثاء ٣١ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٢:٠٧ بتوقيت غرينتش

رهان رئيس حكومة تصريف الاعمال اللبناني سعد الحريري كان خائبا، لاقيادة حراك ولا رئاسة حكومة  والى الخلف در.

العالم لبنان.

ما من شك ان وراء استقالة سعد الحريري من الحكومة جهات وافراد وفرت له المعلومات المغلوطة التي اوحت له ان باقدامه على الاستقالة سيكون الشارع المطلبي خلفه فرغم مطالبته من المسؤولين في الدولة وعلى راسهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وحزب الله االاستمهال والتريث الا ان الحريري مضى في قرار اقصاء نفسه حتى دون تنسيق مسبق مع شركائه في السلطة. وتقول المصادر المتابعة انه ومنذ بداية الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول، هناك همس بأذن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بأنه يمكن أن يكون من أبرز المستفيدين منه إن استقال وتبنّى المطالب، وكانت الإشارات في البداية توحي بنجاحه، وتحديداً في الشارع السني في الشمال وبيروت والبقاع، وكان الهدف إستعادة جزء لا بأس به من شارعه الذي خسره في السنوات الماضية، وعليه فهو باشر بإستخدام خطاب الثورة وتحريك الشارع، وحاول قياديو "المستقبل" الإيحاء وكأن الحريري يقود الثورة في الشارع السني.

لكن الواقع على الأرض تتابع المصادر كان مختلفاً، والحريري الذي إستطاع تحييد نفسه عن هجوم الشارع في الأيام الأولى صار المستهدف الأول فيها، إذ ليس كل ما يظهر على شاشة التلفزة يمثّل حقيقة الشارع والرأي العام ومع بداية الحراك نجح رئيس الحكومة المستقيل بتحييد نفسه عن هجوم الناس بالشارع، حتى بات البعض يتساءل عن سبب ذلك، ولكنّه ببساطة كان امتناعه عن التصاريح السياسية التي تستفزّ الناس، وغياب مناصريه عن أي أعمال فيها ردّات فعل سلبية تجاه الحراك، وتمكن أيضا من جذب التعاطف معه عندما قدّم استقالته من رئاسة الحكومة، وأعلن رفضه تشكيل أي حكومة يتواجد فيها سياسيون. ولكن بعد أن اعتقد المستقبليون أن زعيمهم بات قائدا لحراك الشارع حاولوا استمالتها لمصلحتهم.

وترى المصادر ان هناك، في بيت الوسط من ينقل للحريري أحلام لا وقائع، أخبروه أنه بات زعيما ثوريا وأن " ما يسمى بالثورة" تطالب بعودته الى رئاسة الحكومة، وأن الشارع الرافض لحسان دياب كرئيس حكومة مكلّف لا يريد سوى "تكحيل" عينيه برؤية الحريري زعيما في السراي الحكومي، لذلك باتت تحركات مناصري "المستقبل" علنية أكثر، في بيروت وطرابلس، تحرك هؤلاء تحت شعار أنهم مع الشارع ومطالبه ولكن لن يسمحوا باستضعاف طائفتهم، فأظهروا بذلك وكأن الحراك لا يزال طائفيا وأن المحتجونوتمضي المصادر بالقول: يريدون الحريري رئيسا للحكومة.

إن هذه التصرفات أشعلت غضب "أبناء" الحراك الحقيقي، من كل الطوائف، وهذه المرّة لم يُصبّ الغضب الا على رئيس الحكومة المستقيل، وبعد أن كان قد حيّد نفسه ها هو اليوم هدف المتظاهرين الأول، لأنه سمح بالتصويب عليها من باب السياسة، وثبّت بتحركات مناصريه الاتّهامات التي كانت تُوجه لحراك طرابلس مثلا بأنه مسيّس، لذلك بدأت أصوات الشارع في طرابلس ترتفع باتجاهين، الأول ضد سعد الحريري، والثاني ضد "مدّعي" صفة الحراك من جمهور تيار المستقبل في المدينة، خصوصا وأن هؤلاء الذين ينفذون أجندة سياسية أمام منزل رئيس الحكومة المكلّف حسان دياب لم يعودوا من المحتجين المطلبيين لذلك تقول المصادر

لم يتمكن الحريري من الحفاظ على أيّ مكتسب، لا في السياسة حيث أوصله "دَلَعه" السياسي الى غرفة مظلمة وجد نفسه فيها وحيدا، فلا حلفاء الماضي الى جانبه، ولا خصوم الأمس الذين تمسّكوا به اليوم استمرّوا بتمسكهم به، ولا الحراك في الشارع ظل متعاطفا معه، خصوصا أنهم باتوا على قناعة بأنّ الحريري هو أكثر من حاول سرقة مطالبهم ومعها أحلامهم وهو أكثر من سيّس النشاطات والتحرّكات، وهو أكثر من شوّه "الصورة" الجامعة التي طغت على مجمل المشهد العام في لبنان مع بداية المظاهرات في الشارع.
وتختم المصادر

خسر الحريري كل شيء، فلجأ الى التقوقع المذهبي، وحاول استنهاض أبناء الطائفة، ولكنه فَشِل حتى اللحظة بتحقيق هذا الأمر، خصوصا أنّ في صيدا وبيروت وطرابلس لا تزال كلمة انتفاضة هي الأقوى رغم الأصوات المستقبليّة التي تنبع من هنا وهناك.ببساطة يمكن القول أن الحريري تحوّل من رابح محتمل مع بداية التحرّكات الى خاسر أكيد اليوم، فهل يعود الى لبنان من غربته بعقليّة جديدة، أم سيستمر بسياسة "التقدم الى الخلف ؟

*حسين عزالدين