حكومة إنقاذ لا ترف لديها لتضييع الوقت

الخميس ٢٣ يناير ٢٠٢٠ - ٠٩:٤٣ بتوقيت غرينتش

الدخان الأبيض الذي خرج من قصر بعبدا مع صدور مراسيم تأليف الحكومة، لا يعني خروج البلاد من أزمتها الخانقة، إذ إنها من غير الوارد أن تحقّق إنجازات نوعية سريعة، فهي لم تأتِ لتعالج حدثاً راهناً، بل أتت بعدما دخلت البلاد انهياراً سببه عقود من السياسات الاقتصادية التدميرية.

العالم-لبنان

الواقع صعب، لأن التغيير في بنية الاقتصاد يحتاج إلى سياسات تأخذ وقتاً لتنفيذها، وحكومات من نوع آخر. لكن ذلك لا يحجُب ضرورة أن تسعى هذه الحكومة إلى استعادة ثقة الناس، بعد أن فقدتها السلطة على مدى السنوات الماضية.

أوساط سياسية بارزة رأت أن حزب الله نجح في الإفراج عن الحكومة بعد احتجازها رهينة "كباش" المصالح والمشاريع الضيقة لدى بعض القوى السياسية، متجاوزا القطوع داخل المنزل الواحد بأقل الخسائر الممكنة، ومنح "قبلة الحياة" لحكومة يمكن أن تجتاز الاختبار الدولي والإقليمي إذا ما "صفت النوايا" الخارجية، بعدما وافق على الخروج السياسي المباشر منها، وأقنع المشاركين فيها بالتنازل عن الوجوه "المستفزة" للداخل والخارج، وإذا كان الحزب قد أدى "قسطه للعلى"، فإن تمرير قطوع التأليف لا يعني أن رحلة رئيس الحكومة مع الامتحانات السياسية قد انتهت، بل على العكس، فهي قد بدأت للتو، لكن الشيء الواضح والجلي من هذه التجربة أن رئيس الحكومة حسان دياب قد خاض للمرة الأولى تجربة التعامل مع حزب الله، "ولمس" وفاء الحزب بمجرد أن منحه "الوعد" بذلك، وكما كانت قيادة الحزب واضحة مع بداية عملية التأليف عندما أبلغته أنها لن تتخلى عنه إذا صمد وتمسك بمعاييره المعلنة، فهي أكدت له صراحة أنها ستكون إلى جانبه لمواجهة التحديات مهما بلغت صعوبتها.

وإزاء التحديات الاقتصادية المصيرية التي تهدد الدولة، طلب حزب الله من حلفائه منح دياب فرصة جدية لقيادة حكومة "فرصة الإنقاذ الأخيرة" لوقف الانهيار، وسيكون البيان الوزاري المؤشر الأكثر وضوحا عن هذا التسهيل لمهمته، ومن المفترض أن يكون نسخة طبق الأصل عن بيان الحكومة السابقة لجهة اعتماد سياسة النأي بالنفس وحق لبنان في تحرير أراضيه المحتلة مع التركيز على الملفات الاقتصادية والمالية..

إذأ، ثمة اختبارات متبادلة وأوقات صعبة منتظرة، النجاح مرتبط بأكثر من عامل داخلي وخارجي، وستستفيد منه كل الأطراف، أما الفشل فسيكون كارثيا هذه المرة، ولن ينجو منه أحد.

العالم-لبنان