لبنان.. إثارة الشغب بين حماية الخارج وعرقلة الحكومة

لبنان.. إثارة الشغب بين حماية الخارج وعرقلة الحكومة
الأربعاء ٢٩ يناير ٢٠٢٠ - ٠٨:١٨ بتوقيت غرينتش

يشهد لبنان الجريح اليوم ولادة حكومة عقدت العزم على معالجة جراحه وتقصي أسبابها منعاً لأن يُصاب بها مرة أخرى، لا سيما تلك الآتية من سهام ورماح الفساد التي أثقلته بالجراح العميقة، وكادت أن تنهكه فلا يقوى على المسير قدماً من أجل البقاء، وعليه فلقد شكل هذا الحدث نقطة تحوّل مركزية في الواقع السياسي الداخلي، ينبغي على كل حريص على البلد وأناسه وأمنه وبقائه واستمراره، أن يوفّر لها الأسباب اللازمة للانطلاق في تلك العملية العلاجية الملحة،

العالم-لبنان

ومن هذه الأسباب هو وجوب تغيير سلوك القوى الأمنية تجاه مثيري الشغب وقطاع الطرق وناشري الفوضى العابثين بالممتلكات العامة والخاصة من أولئك الملتحفين برداء "الحراك الشعبي" تحقيقاً لمآرب سياسية وحزبية ضيقة.

فما قبل الحكومة التكنوقراطية والتي كانت أحد مطالب الشعب ليس كما بعدها والعاقل هو الذي يحافظ على البلد ويعطي الفرصة للشروع تحت سقف الوطن بالمعالجات الجادة لأمراضه وأدوائه وواقعه الحالي المأزوم.

فالحفاظ على أمن الناس وحفظ الممتلكات العامة والخاصة وتسهيل حركة التنقل والتبادل شروط ضرورية لأي مشروع إصلاحي هادف.

ولكي يتحقق ذلك يجب أن يحدث تغيّر جذري في سلوك القوى الأمنية ليرتكز على السياسة الوقائية بشكل رئيسي دون السياسة العلاجية، فبدلاً من السماح لمنظمي الشغب والفوضى بالتواصل والتحرك لتنظيم أفعالهم الفوضوية وتحشيد أنصارهم، يُعمل على منعهم من ذلك عبر الإمساك بقادتهم وغير ذلك من الإجراءات ... فلا يتمكنون من التحشيد ولا إلى المجيء للتجمع والاعتصام، وإذا تسرب البعض منهم فسيكون قلة ضئيلة تسهل معالجة أفعالها.

أما التراخي وإدارة الظهر، والتذرع بالخوف من الرعاة الخارجيين للمشاغبين ومداراتهم مع رعاتهم في الداخل، والاعتماد فقط على العلاج دون الوقاية، أمر لا ينفع البلد والناس، ولقد أدى إلى إنهاك القوى الأمنية وإيقاع مئات الجرحى بين صفوفها وسيرتد سلباً على هيبتها وثقة الناس بها ودورها في حفظ وصيانة أرواحهم وأمنهم وممتلكاتهم.

فهل يُعقل أن يقود البلد نحو التدمير الممنهج لمرافقه ومؤسساته بعض أصحاب الرؤوس الحامية الذين لا يبصرون ولا يعبدون إلا مصالحهم الضيقة دونما ردع لهم من قبل القوى الأمنية.

على الحكومة الجديدة ان تكون حازمة في هذا الإطار إذا ما أرادت أن تعطي لنفسها الفرصة لتنطلق في عمليتها الإصلاحية المنشودة، وذلك عبر وضع سياسات محددة وواضحة في مجلس الدفاع الأعلى لكي يستقيم سلوك القوى الأمنية وفقاً لها.

وإلا فإن هذه الفوضى ستتمادى لتقضي على أي إرادة حقيقية للإصلاح تريد أن تنطلق لتعالج الأزمة وستضع البلد وأناسه أمام واقع مؤلم خطير من الناحية الاقتصادية والأمنية والسياسية كأن تؤدي إلى تفلت الشارع لتدخلنا في فتن آثمة طائفية وحزبية ومناطقية.

* علي حكمت شعيب / أستاذ جامعي