بوريل في طهران.. إنقاذ الإتفاق النووي أم سمعة أوروبا

بوريل في طهران.. إنقاذ الإتفاق النووي أم سمعة أوروبا
الإثنين ٠٣ فبراير ٢٠٢٠ - ٠٦:٤٨ بتوقيت غرينتش

من المقرر ان يصل الى طهران اليوم منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوسيب بوريل في اول زيارة له الى ايران منذ توليه المنصب خلفا للسيدة فيدريكا موغريني، حيث سيلتقي الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف.

العالم - قضية اليوم

رغم ان اغلب المراقبين السياسيين متفقون على ان الاتفاق النووي والسبل الكفيلة بانقاذه، ستكون محور مباحثات الضيف بوريل مع المسؤولين الايرانيين، الا ان هناك من يرى ان على بوريل ان يعمل ايضا على انقاذ سمعة الاتحاد الاوروبي التي باتت على المحك بعد ان عجز عن بلورة دور مستقل يتفق وحجمها السياسي والاقتصادي على الصعيد الدولي.

بوريل معروف بمواقفه المعارضة للسياسة الامريكية وخاصة في عهد ترامب، ومحاولات هذه الادارة فرض عالم احادي القطب لا مكان فيه لمصلحة سوى المصلحة الامريكية، وكثيرا ما حذر من ازمة الهوية التي تعاني منها اوروبا، وهي ازمة مازالت ماثلة حتى بعد تاسيس الاتحاد الاوروبي.

في تصريحات لم تمر عليها سوى ايام دعا فيها بوريل قارته الاوروبية الى ان تحدد معالم هويتها وان تخرج من فضاء انعدام الهوية وتتحول الى لاعب له مواصفات وخصائص ماهوية، وليس ملعبا يلعب على ارضه الاخرون دون ان يكون له ادنى دور في اللعبة.

ما كان يتخوف منه بوريل ويحذر منه دائما وقع اليوم على خلفية انتهاك امريكا للاتفاق النووي بتحريض "اسرائيلي" واضح، فالاتحاد الاوروبي لم يقف من الانتهاك الامريكي للاتفاق موقف المتفرج فحسب بل شجع بموقفه السلبي امريكا على ان تتمادى وتفرض عقوبات احادية على ايران لا يمكن وصفها الا بالمجنونة، فتحولت اوروبا بذلك الى ملعب امريكي لا دور لدولها فيه الا تشجيع اللاعب الامريكي.

لا نعتقد ان بوريل لا يدرك ان تفعيل آلية فض النزاع من قبل المانيا وفرنسا وبريطانيا ليس سوى رقص على نغمات الموسيقى الامريكية، وهدية تقدمها اوروبا على طبق من ذهب لترامب الذي اهان تواقيع هذه الدول الموجودة على ذيل الاتفاق ومارس ضدها كل اساليب الابتزاز من اجل دفعها الى تفعيل الالية عبر التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمائة على صادرات السيارات الاوروبية الى امريكا، ولم يأخذ في كل قراراته اي مصلحة اوروبية بنظر الاعتبار، انطلاقا من الاحادية القطبية الامريكية المنفلته والمتوحشة.

بوريل يعرف قبل غيره ان ايران هي الطرف الوحيد من بين باقي الاطراف الاخرى التي وقعت على الاتفاق النووي، الذي ظل متمسكا بالاتفاق حتى بعد خروج امريكا منه وحتى بعد التسويف والمماطلة الاوروبية، ففي الوقت الذي نفذت ايران جميع ما جاء في الاتفاق بحذافيره بشهادة 15 تقريرا صادرا عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قامت ادارة ترامب المتصهينة بفرض عقوبات متهسترة على ايران طالت حتى الدواء، فيما كانت اوروبا تمني ايران بسراب "اينستكس" الذي مات قبل ان يولد.

مرة اخرى نتمنى على السيد بوريل الذي يحل اليوم ضيفا على ايران، اذا كان جادا في انقاذ الاتفاق النووي، ان ينقذ اولا استقلال اوروبا من التبعية لامريكا، وان يعيد الاعتبار لدورها على الصعيد الدولي، وان يبلور لها هوية خاصة بها بعيدا عن الرتوش الامريكية، عندها فقط يكون بامكانه ان ينقذ الاتفاق النووي واي اتفاق دولي يصب في صالح الامن والسلم الدوليين، رغم كل البلطجة والرعونة الامريكية.

سعيد محمد / العالم