هل تحتفل الامارات بيوبيلها الذهبي؟

هل تحتفل الامارات بيوبيلها الذهبي؟
السبت ١٤ مارس ٢٠٢٠ - ٠٦:٢٩ بتوقيت غرينتش

بدأت الاستعدادات في الامارات للاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيس الاتحاد الاماراتي، وأطلقت على العام الحالي اسم (عام التأسيس) مع مرور 50 عاما على تأسيس اتحاد الامارات أو ما يسمى باليوبيل الذهبي، لكن مع مرور 5 اعوام على مشاركتها بحملة دموية على اليمن هل سيكون يوبيلها حقا ذهبيا؟!.

لا شك ان الامارات لم تصبح امارات اليوم والثورة العمرانية والاقتصادية والتجارية والمدنية التي تشهدها منذ أكثر من عقدين نتيجة احلام وآمال شعبها أو حكامها وانما نتيجة سياسات انتهجها حكامها فوصلوا الى ما وصلوا اليه اليوم، ولعل أبرز معالم هذه السياسات هي التزام سياسة الحياد في النزاعات والأزمات الاقليمية والدولية، وكان لرئيس دولة الامارات السابق الشيخ زايد آل نهيان الدور الرئيسي في الالتزام بهذه السياسة.

لم تمض سوى عدة سنوات على وفاة زايد حتى بدأ زعماء الامارات الجدد التنصل عن هذه السياسة، وانتهاج سياسة الدبلوماسية النشطة في القضايا الاقليمية والدولية، غير أن العالم اليوم وخاصة القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية لا تفهم معنى الحياد في الدبلوماسية النشطة وانما الشيء الوحيد الذي تفهمه هو اما أن تكون معها أو ضدها.

بغض النظر عن النشاطات الدبلوماسية الثانوية والروتينية فقد كان أول تحرك دبلوماسي كبير نشطت فيه الامارات الا انها فشلت فشلا ذريعا فيه هو العدوان على اليمن وقد شاركت بقواتها البرية والبحرية والجوية في هذا العدوان، ولاندري هل المشاركة كانت عن قناعة أم أن الضغوط التي مارستها السعودية ارغمتها على المشاركة بهذا الحجم والمستوى.

الحروب والمعارك هي السبيل المؤثر لاستنزاف امكانيات الاطراف المتحاربة، وكنا نتصور أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيرغم دول المنطقة على دفع مبالغ نقدية له مقابل حمايته لهم كما أعلن، بينما تبين فيما بعد أن أحد وسائل استنزاف هذه الدول هو توريطها في الحروب والمشاكل والأزمات، والجميع يعلم أن الرابح الرئيسي من استمرار العدوان على اليمن هي الولايات المتحدة الأميركية التي لم تتوقف عن بيع أسلحتها ومعداتها وتقنياتها العسكرية للدول المشاركة في العدوان وفي مقدمتها السعودية والامارات.

المثير للسخرية هنا هو أن ترامب عندما طالبه أعضاء في الكونغرس ومجلس النواب بوقف تصدير الأسلحة للسعودية لانتهاكها لحقوق الانسان وارتكابها جريمة جمال خاشقجي رفض بشكل قاطع الطلب مؤكدا أن السعودية لا يمكن الاستغناء عنها في تحريك عجلة الاقتصاد الاميركي.

من هنا فان توريط البلدان في الأزمات والحروب لارغامها على ابرام صفقات الاسلحة والمعدات هي وسيلة لنهب ثرواتها واستنزاف امكانياتها، وعندما خاضت الامارات هذا الغمار فعليها أن تدرك أنها ستخرج بالكثير من الخسائر منه، حتى لو خرجت منتصرة فيه.

اليوم لا تواجه الامارات مشكلة خلافاتها مع قطر التي ترصد جميع تحركاتها و(تقعد لها بالمرصاد) وتتابع كل شاردة وواردة عنها، ولا تواجه مشكلة الخلافات بين أنصارها في اليمن وأنصار السعودية، والتي طالما تطورت هذه الخلافات الى معارك دامية، كان آخرها اقتحام القوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم اماراتيا لمطار عدن الذي تتولى القوات السعودية شؤونه مما أدى الى التوتر بين الجانبين واغلاق المطار؛ فلو تمكنت من حل هذه المشاكل المستعصية فعليها مواجهة المشكلة الرئيسية وهي موقف القوات اليمنية من استمرار مشاركتها في العدوان، اذ عليها أن تحمل تهديدات الجيش اليمني واللجان الشعبية بضرب الاهداف الاستراتيجية في الامارات، محمل الجد.

ان سقوط صاروخ يمني واحد على الامارات يكفي ليسبب خسائر اقتصادية كبيرة لها ويحولها من قبلة التجار ورجال الاعمال الأولى الى بلد مهجور لا يصله احد، وهذا أمر طبيعي جدا، لأن الدبلوماسية النشطة ربما تحقق بعض المكاسب السياسية الا انها أيضا تصنع الاعداء، واليوم لا تعد قطر وحدها العدو اللدود للامارات وانما اليمنيون ايضا بما فيهم الموالون للسعودية أيضا أعداء ألداء للامارات، وكذلك تركيا وأيضا المتعاطفين مع الشعب اليمني يعتبرون الامارات عدوا، والى جانب كل هؤلاء فان المتعاطفين مع المعارضة الاماراتية والذين يسيرون على ذات النهج الذي يسير عليه المعتقلون في الامارات وأغلبهم من الاخوان المسلمين فانهم يعتبرون الامارات عدوا لهم.

هذا العدد الكبير من الاعداء حصلت عليه الامارات نتيجة خروجها عن سياسة الحياد التي بنت الامارات الحالية، واذا كانت تتصور أبو ظبي أنها تستطيع التغطية على دورها الحقيقي في العدوان على اليمن ومشاريعها التآمرية على هذا البلد من خلال الاختباء وراء السعودية فهي خاطئة، لأن مؤامراتها وبصماتها في العدوان واضحة، بل ربما لو لم تقدم الامارات الدعم المالي الكبير للسعودية في عدوانها على اليمن لما كانت الرياض تستمر في عدوانها الى هذا اليوم.

كلمات دليلية :