كيف يثق الجنوبيون بقامعتي الثورات السعودية والامارات؟

كيف يثق الجنوبيون بقامعتي الثورات السعودية والامارات؟
الثلاثاء ١٧ مارس ٢٠٢٠ - ٠٦:٢٥ بتوقيت غرينتش

لم ينس أحد الشرارة الأولى للثورة اليمنية الحالية، والتي غيّرت كل المعالم السياسية في هذا البلد، فقد انقدحت في المناطق الجنوبية لليمن، ثم انتقلت الى سائر المناطق حتى وصلت صنعاء، ورغم أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح استخدم كافة الأساليب لقمعها لكنه لم ينجح في ذلك، حتى تدخلت السعودية بذريعة تسوية القضية واعادة الأمن والاستقرار لليمن، ولكنها شنت عدوانها على أمل اجهاض الثورة بالكامل، ومع أنها نجحت في الجنوب وفشلت في الوسط والشمال، ولكنها لم تيأس ولا تزال تواصل العدوان على أمل القضاء على الثورة والثوريين بالكامل.

العالم - مقالات وتحليلات

ما يسمى بالتحالف العربي والذي لم يبق فيه اليوم بشكل عملي وحقيقي سوى السعودية والامارات، رغم انه لم يستخدم القوة الا في اليمن والبحرين الا انه وراء قمع الثورات التي وقعت في عام 2011 والتي عرفت فيما بعد بثورات الربيع العربي، فهو يسعى الى الالتفاف على مطالب الثورات والشعوب التي أسقطت حسني مبارك وزين العابدين بن علي وعلي عبد الله صالح وعمر البشير وعبد العزيز بوتفليقة، إلاأن التحالف وبالذات السعودية بذلت محاولات كثيفة الى اعادة عقارب الساعة الى الوراء وعودة الأنظمة السابقة ولكن بوجوه جديدة.

في البحرين تدخلت عسكريا بشكل مباشر وقمعت الثورة هناك تحت ذريعة اتفاقية مجلس التعاون، ولم تذق البحرين الامن والاستقرار منذ تدخل القوات السعودية، ولا تزال سجون البحرين تكتظ بالمعارضين السياسيين ولا يزال الحراك مستمرا رغم مضي أكثر من 9 سنوات عليه.

أما اليمن فقد قلبت الطاولة على الثوار عندما شعرت انهم بدأوا يتوصلون الى نتائج من حواراتهم في صنعاء، فشنت الحرب على اليمن، بذريعة تنكر حركة انصار الله للاتفاقيات بينما كان الهدف الرئيسي هو اعادة الثوار الى اعقابهم، ومع أن أنصار الله هم الوحيدون الذين تصدوا عسكريا للعدوان السعودي-الاماراتي في الوهلة الأولى، إلا أن معظم الاحزاب اليمنية بدأت تعي حجم المؤامرة على بلادهم فبدأت شيئا فشيئا بالانضمام الى أنصار الله لتشكيل تحالف قوي للتصدي للعدوان.

الملفت هنا هو موقف الحراك الجنوبي من العدوان، فعلى الرغم من أن الجنوبيين لم يتوقفوا عن معارضتهم لصالح وطالما انتفضوا وواصلوا الاحتجاجات ضده وكانوا يعلمون جيدا أن الداعم الرئيسي له هي السعودية، فكيف وثقوا بها ووافقوا على مؤامرتها بتولي خليفته عبد ربه منصور هادي شؤون البلاد؟

هل انطلت لعبة السعودية عليهم، باعتبار أن هادي جنوبي فهو يحقق مطالبهم والأقرب الى احلامهم، أم انهم تناسووا أن السبب الرئيسي وراء كوارث اليمن هي السعودية ووقوفها وراء صالح؟

الملفت أن أبرز قوى وأحزاب الحراك الجنوبي لم تدرك حتى الآن، أن السعودية لديها مشكلة أساسية مع أي حراك أو ثورة شعبية، فهي لا تؤمن أن من حق الشعوب المطالبة بحقوقها سواء عبر ثورات واحتجاجات أو عبر التعددية السياسية أو أية طريقة أخرى، والدليل على أن أبرز قوى الجنوب اليمني لا تدرك هذه الحقيقة هو أنها تعلن أن خلافها مع هادي وليس مع السعودية، وغاب عن بالها أن السعودية هي الداعم الرئيس لهادي، ولولاها لانتهى أمره منذ أن أطلقت حركة أنصار الله سراحه بعد اعلان استقالته من منصبه.

هل نسي الجنوبيون كيف تدخلت السعودية في خلافهم مع قوات هادي في عدن وقامت بقصف مواقعهم لتحتفظ التفوق لهادي وقامت في نهاية المطاف بمسرحية اتفاق الرياض، الذي كان أيضا يخدم هادي، من هنا فان الفرصة سانحة في الوقت الراهن لطرد المحتلين السعوديين من عدن ومن مناطق الجنوب ليتسيّد الجنوبيين على مناطقهم، كما فعل الشماليين، ولعل أفضل سبيل لتحقيق ذلك هو ان يضعوا أيديهم بأيدي الشماليين ويتفقوا في الوهلة الأولى على طرد المحتل السعودي والاماراتي ومن ثم على ادارة اليمن، ولو عولوا على الرياض أو حتى أبو الظبي التي تدعمهم، في حل مشاكلهم فانهم لن يحققوا شيئا ولن يصلوا الى شيء، لأن الرياض ستبقى متشبثة بعملائها، بالأمس صالح واليوم هادي وغدا أي واحد يحل محلهما.

كلمات دليلية :