انهيار المنظومات الصحية امام كورونا والرد الفلسطيني على المبادرة اليمنية

السبت ٢٨ مارس ٢٠٢٠ - ٠٨:٢٩ بتوقيت غرينتش

ناقش برنامج "بانوراما" الذي يُبث علی شاشة قناة العالم موضوعين مختلفين حيث الأول يدور حول انهيار المنظومات الصحية او شبه انهيارها امام فيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19" في العالم ولاسيما امريكا و اوروبا. والموضوع الثاني يناقش الرد الفلسطيني على مبادرة  قائد حركة انصار الله السيد عبد الملك الحوثي القاضية بافراج صنعاء عن طيار وضباط سعوديين مقابل الافراج عن مسؤولي حركة "حماس" المختطفين في السعودية.

في الملف الاول.. فاجأ تسونامي فيروس كورونا العالمَ باجتياحِ مدِه، وابرزَ عجزاً للدولِ العظمى في مواجهتِه. وتواتر الحديثُ عن انيهارِ المنظوماتِ الصحية او شبهِ انهيارِها، لا سميا في امريكا واوروبا. واصبحت هذه المظوماتُ مكشوفةً وضعيفةً امامَ التفشي السريع للوباءِ وامامَ اعلانِ الحاجةِ الى الصينِ كمنقذٍ من هذهِ الكارثة.
تسارع جائحة كورونا في العالم، اوجد تحديات للعديد من دول العالم ضمن سيناريوهات لم تشهدها تلك الدول منذ الحرب العالمية الثانية ما هدد المنظومة الصحية العالمية.
في الولايات المتحدة تبدو الصورة مرعبة. غرف الطوارئ في مستشفيات نيويورك وغيرها تتكدس بالمرضى امام ازدياد اعداد الوفيات ،مقابل النقص باجهزة التنفس.
حاكم نيويورك "بيل دي بلاسيو" كان حذر قبل ايام من تفاقم الوضع وانهيار المنظومة الصحية في الولاية. وقد أصبحت نيويورك بؤرة لانتشار كورونا في البلاد. وقد تحدثت تقارير كثيرة جداً عن مشكلة داخلية تتمثل في ندرة وعدم توفر الأثواب والنظارات الواقية والكمامات والكفوف، حتى أن بعض العاملين في القطاع الصحي يعيدون استخدام الكمامات القديمة والبعض منهم يستخدم أكياس القمامة ليحمي نفسه بحسب رويترز.
وبرأي متابعين فإن سياسة ترامب بما يخص القطاع الصحي، خاصة بعد قراره الغاء ما يعرف بقانون "اوباما كير"؛ القانون سمح لملايين الأمريكيين بالحصول على الرعاية الصحية بأسعار ميسرة، لكن الجمهوريين رأوا في القانون ضررا على الاقتصاد ، وقاموا بالغاءه. كما ان المستشفيات الاميركية اظهرت اخفاقا لناحية ندرة اجهزة التنفس ،التي يبلغ ثمن الواحد منها اربعين الف دولار فقط،مقابل صفقات اسلحة بمئات مليارات الدولارات..يضاف اليها تعاطي السلطات باستخفاف مع المسألة في بدايتها ،بينما كان ترامب يوجه الانتقادات للصين ولغيرها من الدول وتحميلها مسؤولية تفشي الوباء.
وفي القارة العجوز لا يختلف المشهد. اوضاعا كارثية هو المشهد الحالي وخصوصا في ايطاليا واسبانيا وغيرها. اهم المستشفيات كمشفى "بابا جيوفاني " الواقع بإقليم لومبارديا تنهار او تكاد ، أمام التزايد الضخم في أعداد المصابين .ما يحصل في إيطاليا يدفع الاطباء للدخول في مرحلة طب الحروب، والتضحية بكبار السن مقابل إنقاذ الأصغر. وعلى الرغم من أن المنظومة الصحية في البلاد تعتبر واحدة من أفضل المنظومات عالميا ، إلا أن التزايد المريع لأعداد المصابين بالوباء جعل الأطباء والبنية الطبية عاجزة عن استيعاب المرضى.
وحتى في مستشفيات اسبانيا ، لا يختلف المشهد. المرضى في اروقة المستشفيات، عدد قليل من الاجهزة الخاصة بالتنفس، وكادر طبي يصارع الوقت لانقاذ المصابين ، بينما عداد الاصابات يكاد لا يتوقف على مدار الساعة. "هانس كلوغي" وهو مدير الفرع الاوروبي في منظمة الصحة العالمية قال ان الإصابات المسجلة في أوروبا تشكل نسبة ستين بالمئة من مجمل الإصابات العالمية، أما الوفيات فتساوي نحو سبعين بالمئة من إجمالي الوفيات،ويحذر من تطور الاوضاع الخطير امام هجمة فيروس كورونا المستجد.
اما الملف الثاني، كان حول رد المقاومةِ الفلسطينية بالترحيبِ والتقديرِ على مبادرةِ قائدِ حركةِ انصارِ الله السيد عبد الملك الحوثي القاضيةِ بافراجِ صنعاء عن طيارٍ وضباطٍ سعوديين مقابلَ الافراجِ عن مسؤولي حركةِ حماس المختطفين في السعودية.
لم يكن خطاب قائد انصار الله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بمناسبة مرورو خمسة اعوام على العدوان السعودي على اليمن عاديا، فالسيد الحوثي لم ينسى خلال هذه السنوات الشعب الفلسطيني واسرى المقاومة الفلسطينية. فكلمته في هذه الذكرى خص فيها الاسرى الفلسطينيين. مطلقا مبادرة للافراج عن المختطفين من حركة حماس عند النظام السعودي.
المبادرة هذه لاقت ترحيبا وتقديرا واسعا من الفصائل الفلسطينية، التي أكدت في تصريحات وبيانات صحفية أن المبادرة جاءت لتعبر عن موقف أخوي متضامن من قبل السيد عبد الملك، وتاكيدا على مبدأية الموقف اليمني إزاء القضية الفلسطينية.
حركة حماس الفلسطينية اعتبرت أنّ المبادرةَ نابعةٌ عن روحِ التآخي والتعاطف مع الشعبِ الفلسطيني ودعمِ صمودِه ومقاومتِه، وأنها دليلٌ على الاهتمامِ بقضايا الشعبِ الفلسطيني. وجددتْ الحركةُ مطالبتَها المستمرةَ للسعوديين بضرورةِ الإفراج العاجل عن جميعِ المعتقلين الفلسطينيين من سجونِ المملكة.
حركة الجهاد ثمنت المبادرة اليمنية، معربة عن شكرها للسيد عبد الملك الحوثي، مشيرة الى ان المبادرة تعبر عن عمق مسؤولية الشعب اليمني تجاه القضية الفلسطينية. ودعت المملكة السعودية للإفراج الفوري عن جميع المعتقلين الفلسطينيين في السجون السعودية.
وبدرها قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ان مبادرة الحوثي نبيلة وشجاعة، وتأتي تأكيدا جديدا على الموقف اليمني الأصيل، والمتواصل في دعم الشعب الفلسطيني ونضاله. وبيّنت أن المبادرة تعبر عن ترابط النضال القومي الذي لاتزال القضية الفلسطينية تشكل مركزه، رغم ما يعانيه اليمن الشقيق من نتائج العدوان والتهديد لوحدة أراضيه.
حركة المجاهدين الفلسطينية اعتبرت المبادرة خطوة مقدرة وتنم عن وعي ومسؤولية عالية. وقالت ان الخطوة تؤكد مدى العلاقة الأخوية بين الشعب اليمني والفلسطيني وان فلسطين قضية الأمة المركزية بالرغم من عظم جراح الأمة. ودانت الحركة المجاهدين استمرار النظام السعودي باعتقال المجاهدين الفلسطينين في الوقت الذي يخطو خطوات تطبيعية متسارعة مع الكيان المجرم.
ويتسال مراقبون.. كيف ستتعاطى الرياض مع هذه المبادرة؟ حيث يبدو أمام السعودية عدة خيارات أولها قبول العرض لأنه مغري ويؤدي إلى الافراج عن ضباط سعوديين. والثاني هو أن السعودية قد تجد في المبادرة انتصارا سياسيا لحركة أنصار الله امام الرأي العام العربي والإسلامي والذي مازال يعتبر قضية فلسطين هي القضية المركزية. أما الثالث هو أن تفرج السعودية عن معتقلي حماس بدون مقابل وبدون قبول المبادرة اليمنية وبالتالي تمنع حركة أنصار الله من تحقيق مكاسب من هذا الملف، أما الاحتمال الرابع وهو الأرجح هو أن السعودية سوف تتجاهل تماما المبادرة وكأنها لم تحصل.