حكومة نتنياهو غانتس نهاية للوسط واليسار الاسرائيلي

الثلاثاء ٣١ مارس ٢٠٢٠ - ٠٥:٥٣ بتوقيت غرينتش

نستضيف في هذه الحلقة من ضيف وحوار الاستاذ عماد ابو عواد مدير مركز القدس للدراسات الاسرائيلية للحديث عما جرى في كيان الاحتلال في الايام الاخيرة ،

فبعد أن ظن الكثيرون أن حقبة نتنياهو قد انتهت تفاجأ الجميع بما فيهم حلفاء بيني غانتس بأن الرجل قد وقع اتفاقا مع نتنياهو يضمن للأخير أن يظل رئيسا للحكومة اعام ونصف العام على الأقل ،فما الذي وعد به نتنياهو غانتس ليبقى في المنصب ويبيع الحلفاء ؟ وهل اقتنع غانتس ان تشكيل حكومة ضيقة دون نتنياهو غير واقعية فآثر البقاء في المشهد الرسمي ؟

اليكم نص اللقاء كاملا:

س- من أين استقرأتم قبل عام أنه لن يكون هناك حكومة دون نتنياهو ؟
ج- الحالة السياسية الاسرائيلية معقدة أساسا لكن نتنياهو بدهائه السياسي استطاع تثبيت قدمه في الحكم عبر عدة مراحل اولاها عبر الاعلام والعمل مع شركائه وتشريب الجمهور الاسرائيلي واليمين الصهيوني أن ما يدلار ضده من اتهامات هي مجرد افتراءات وأنه لو ذهب نتنياهو لن يكون هناك حكم لليمين وهذا ما جعلهم يتمسكون به اضافة لفرض نفسه ككاريزما على الساحة السياسية والانجازات التي حققها على مستوى العلاقات الاخارجية والمستوى الاقتصادي .

س- ما الذي حصل في الساعات الماضية وكيف جرى هذا الاتفاق بين غانتس ونتنياهو؟
ج- بعد الانتخابات كان هناك قناعة لدى تكتل غانتس أنه لا يمكن تشكيل حكومة اقلية وهي غير مقبولة لدى عدة اعضاء من ازرق ابيض وربما اكثر من ذلك ،الآن فتحت 3 قنوات للتواصل اولاها كانت خارجية بحيث من مستشارين اقتصاديين تابعين لغانتس ومستشارين تابعين لنتنياهو والقناة الثانية الاكثر تأثيرا كانت "اشكينازي" رجل غانتس في الحزب وبين "ارييه درعي" زعيم حزب شاس المخلص جدا لنتنياهو اضافة لطواقم المفاوضات بين الطرففين .
غانتس وصل لقناعة مؤخرا انه طالما لا يوجد حكومة وأن الليكود يهدد أنه من الممكن ذهابه لانتخابات رابعة ،وصل الرجل لمسألة مهمة هي أن انتخابات رابعة تعني تفكك حزب ازرق ابيض ونزوله في استطلاعا الرأي وبالتالي قد ينتهي سياسيا ،وثانيا هو أن غانتس يرى أن هناك شخصيات قوية داخل حزبه تدير الأمور ايضا اضافة الى ان نتنياهو قدم اغراءات لغانتس للانضمام إليه .

س- هل كان حلفاء غانتس على علم بقنوات التواصل معه؟
ج- مطلقا لم يكن لديهم اي علم فليبرمان تفاجأ بذلك رغم انه يعتبر نفسه حليف لغانتس ولبيد أيضا كذلك ،أما يعلون عندما سمع خطابه كان يدرك أن هنالك أمور تسير من تحت الطاولة ،وهنا حدث متغير مهم هو ان هاوزر وهاندل وهما عضوان بارزان في اليمين واعضاء اخرين كان يمكنهم تشكيل حكومة حتى دون ازرق ابيض ولذلك كانت حركة غانتس ذكية فبدلا من ان ينتحر سياسيا في انتخابات رابعة فضل الانتحار في ساحة نتنياهو لعله يحقق رئاسة الوزارء بعد سنة ونصف من الآن .
س- هل ظل يعلون ولبيد متحالفان أم تفككا أيضا؟
ج- بقيا ضمن تحالف ازرق ابيض كحزبين لكن اذا ثبتت الرؤيا وذهب هاوزر وهاندل باتجاه غانتس وحكومة نتنياهو سنتحدث عن اندماج بين حزبي "يوجد مستقبل" و"تيليم" ليصبحا حزبا واحدا بزعامة يائير ليبد ،وانقسام آخر حدث داخل حزب العمل الذي انتحر سياسيا بذهابه مع بيريتس ،الأمر الذي قد يمهد الى انفصال آخر وربما انتهاء لحزب العمل على الشاكلة التاريخية والاندماج ضمن حزب جديد يقدم فقط برامج اجتماعية وليس سياسية.
س- هل سنكون في الايام القادمة امام تغير في المشهد الحزبي داخل ا لكيان؟
ج- نحن امام تغير كبير فاليمين ثابت وهناك تكتلات صغيرة في اشارة الى ان كل الاحزاب على الساحة السياسية تم تقزيمها وبقي الليكود التاريخي .
س- هل اخطأت القائمة العربية المشتركة عندما أوصت لجنرال يميني برأيكم ؟
ج- اخطأت بعدة اتجاهات وهي عندما لم تقرأ المشهد بشكل معمق فالقارئ البسيط للمشهد يدرك بأنه لا يمكن اقامة حكومة اقلية او تمرير القوانين ضد نتنياهو ،لذا اخطأت القائمة العربية عندما مالت لطرف غانتس وجلبت للموضوع حزب التجمع الذي غير مسار تاريخي من خلال التوصية لغانتس والضخ الاعلامي الكبير بأنه سيتم تغيير نتنياهو ووجدوا انفسهم في مشكلة أنهم خرجوا خالي الوفاض .
س- ما لاذي حدث للعرب ليدخلوا هذا الصراع ويخرجوا خالي الوفاض منه؟
ج- وجود 15 مقعدا بالطبع وهم يحصلون على هذه النسبة لأول مرة من الوسط العربي وهذا انجاز يحسب لهم ،كذلك شعروا ان حقبة نتنياهو انتهت وكان خطابهم الموجه ان الهدف تم تحقيقه وقالوا انهم سيغيرون بعض القوانين منها قانون خيمينيز الذي يحدد مسألة البناء في الداخل العربي وكانوا يشعرون ان القوانين العنصرية لن تتوقف لكن ستكون اقل وطأة عليهم في الداخل وبالتالي شعروا ان انجاز قادم سيكون على الابواب لكن للأسف تناسوا ان المجتمع الصهيوني يحمل نفس الفكر والاحقاد على الوسط العربي وثبتت الرؤيا التي تقول ان اليمين الصهيوني اعاد تجميع نفسه .
س- ماذا سيفعل نتنياهو في العام ونصف المقبلة ؟
ج- سيستمر على نفس النهج وسيحاول الافلات من القضاء وتمرير قوانين تدعم بقاؤه لعام ونصف دون محاكمة عبر ازرق ابيض او تمرير قوانين ضده داخل الكنيست لذلك يصر على أن يكون رئيس الكنيست من الليكود وهذا ما سيكون خلال الفترة المقبلة وأهم من ذلك هو ما سيعمل عليه نتنياهو لتقزيم غانتس واشكينازي ودفعهم للخروج من الحلية السياسية اما عبر تقديم استقالتهم من الحكومة او محاولة اسقاط الحكومة وهذا ما حصل مع شخصيات وازنة سابقا واجهت نتنياهو.
س- بالنسبة لغانتس ما لاذي يمكن ان يفعله في العام ونصف القادمة ؟
ج- غانتس يناور ويقول ان لديه اوراق ضد نتنياهو لذلك سيعمل على سن قانون يضمن له ان يكون رئيسا للوزراء بعد نتنياهو وضمان حقائب ثقيلة من أجل التأثير ولتسويق نفسه لما بعد حقبة نتنياهو على انه الاهم في الساحة السياسية خاصة انه يعزف على وتر "اسرائيل قبل الكل" وهذا لخدمة الكيان في ظل الوضع العالمي لكن تخبطه في اكثر من لقاء وقرارات اتخذها وتضارب في المواقف ستؤثر عليه سلبا.
س- اين هو موقع الوسط الاسرائيلي من كل هذا ؟
ج- المشهد في الاحتلال يميل لليمين الايديولوجي عموما ونحن نتحدث عن احزاب حريدية وضعت نفسها داخل اليمين وارتفاع نسبة الصهيونية الدينية التي وصلت الى 16 بالمئة وهم يؤثرون الآن في الجيش والمراكز القوية في الكيان لكن الاهم هو ان اليمين المتطرف يسيطر على مرافق الدولة والمراكز الكبرى لأن اليمين غالبا يميل للغربيين وهؤلاء يسيطرون على الدولة يعني أن اليمن هو من سيسيطر عمليا لأن الفكر اليساري انتهى وهناك شخصيات يمينية قوية على الساحة قادرة على قيادة الكيان.
س- ما الذي يملكه نتنياهو ليجذب اليمين أكثر ؟
ج- عبر سن القوانين العنصرية داخليا ورفع قيمة المتدينين مع ازدياد نسبتهم شعبيا اضافة للعمل على النهج الاقتصادي الذي يحرك 80 بالمئة من الليكود المسحوقين اقتصاديا لأنهم اساسا من اليهود الشرقيين اضافة للعمل على الضفة الغربية عبر استمرار ضم المناطق الاستيطانية وتشريع القوانين لصالح الاستيطان.
س- هل ستنتهي ازمات الكيان ام ستزيد في حال مع انهيار الوسط واليسار ؟
ج- ستزيد لأن وجود نتنياهو يؤكد على ذلك وأولها على المستوى القيمي والاخلاقي فمجرد بقائه في ظل لائحة اتهام هو غريب اساسا ،اضافة لوجود اكثر من 50 بالمئة من الصهاينة الذين يدعمون فاسدا في السلطة يؤشر على عمق الازمة .
نضيف الى ذلك حجم التجاذبات وشعور القيادة السياسية بأنه يمكن الوصول لحالة صراع داخلي بالأيدي قد يكون احد مؤشرات الازمة الكبيرة وبسبب المعاناة الاقتصادية الكبيرة حتى من قبل قضية كورونا وأيضا التجاذبات المرتبطة بالفقراء والاغنياء واليسار واليمين كلها تزداد مع توجهات الجيش المؤدلج دينييا والذي بات يعتمد في قراراته على ما يقوله الحاخامات اكثر مما تقوله قيادة الجيش .
س- هل سيكون الصدام مع الفلسطينيين اكثر مستقبلا؟
ج- نعم وسيأخذ طابع ديني ايديولوجي فالجنود ومنذ قضية أزاريا اظهروا تضامنا معه عند سجنه اضافة لرجال الدين الذين أطلقوا فتاوى معينة تقول انه يجب على الجندي الاسرائيلي قتل الفلسطينيين حتى دون سبب ،اضافة لدخول العلمانيين في القضية بالقول بأن العمل الذي قام به ازاريا طبيعي وعلى القيادة العسكرية عدم معاقبته وهذا كله يشير الى ان المواجهات ستأخذ منحى تصاعدي ديني .
س- من تراه بعد نتنياهو رئيسا لحكومة الاحتلال؟
ج- كل القيادات السياسية الاسرائيلية بعد نتنياهو ستكون متقاربة لكن يبدوا ان نفتالي بينيت كما يقال يمكن ان يكون في رئاسة الوزارء بعد نتنياهو لما يمتلكه من قوة لدى اليمين وولائه الكبير لنتنياهو اضافة لقلة القيادات الاسرائيلية التي تستطيع ان تكون شعبوية بالمفهوم الشعبي فكل القيادات الاخرى حتى في حزب الليكود هم من الارستقراطيين لكن بينيت من الممكن ان يكون رئيس وزارء قادم لدى الاحتلال.
س- هل سيتفكك الليكود بعد نتنياهو؟
ج- الليكود سيسلك مسار حزب العمل ويتراجع شيئا فشيئا وربما نرى الليكود منقسما لعدة جهات مع وجود شخصيات ترى نفسها جديرة بقيادة الحزب .