رغبة الإمارات في الاستيلاء على موانئ السودان!

رغبة الإمارات في الاستيلاء على موانئ السودان!
الأحد ٢٦ أبريل ٢٠٢٠ - ٠٣:٣٥ بتوقيت غرينتش

تشهد أروقة المشهدين السياسي والاقتصادي في السودان جدلا واسعا بسبب تواتر أنباء عن نية الحكومة السودانية الانتقالية خصخصة خمسة موانئ وتأجيرها لشركات أجنبية من أجل توفير سيولة نقدية تنقذها من أزمتها الخانقة.

العالم- السودان

وبحسب موقع الجزيرة، أثارت تلك التسريبات عن خطط الخصخصة، ردودا واسعة لدى العاملين في تلك الموانئ، خاصة بعد تأكد سعي شركة "موانئ دبي" للاستحواذ على ميناء بورتسودان -أكبر ميناء في السودان- لمدة 20 عاما، وفق ما كشفه موقع "مونيتور" الأميركي في يناير/كانون الثاني الماضي.

وجاء قرار تعيين الفريق محمد حميدتي رئيسا للجنة العليا للطوارئ الاقتصادية ليعزز من مخاوف إبرام الصفقة لصالح شركة "موانئ دبي"، نظرا للصلاحيات الواسعة التي منحت لهذه اللجنة، وقرب الرجل من الإمارات.

وكلفت هذه اللجنة بتسيير الشؤون الاقتصادية للبلد، وعقدت اجتماعها الأول يوم 16 أبريل/نيسان الجاري برئاسة حميدتي.

وصرح رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك أن الاجتماع الأول للجنة تطرق للقضايا المتعلقة بشركات القطاع العام والموانئ وما اعتبرها المشكلات في ميناء بورتسودان، دون أن يكشف عن نوايا اللجنة للتعامل مع هذا الملف.

لماذا الرفض؟
ويقول كبير مهندسي المحطة الساحلية ورئيس قوى الإصلاحيين بهيئة الموانئ البحرية سامي الصائغ للقطاع الرقمي بالجزيرة إنهم شرعوا فعليا في توحيد صف العاملين بالميناء -من مهندسين وإداريين وعمال مناولة- من أجل الوقوف صفا واحدا ضد بيع الميناء لشركة "موانئ دبي".

وأكد الصايغ أنهم تلقوا معلومات تفيد بأن الحكومة السودانية تعمل على خصخصة الميناء للحكومة الإماراتية، إلا أنهم كمهندسين بالميناء يرفضون وجود شركة "موانئ دبي" في شاطئ البحر الأحمر عبر الأراضي السودانية، واصفا الشركة بأنها سيئة السمعة وذات أجندة سياسية معلومة.

واعتبر أن شركة الإماراتية فشلت في تشغيل موانئ جيبوتي واليمن والصومال، وبالتالي سيكون هدفها من الاستحواذ على الموانئ السودانية هدفا سياسيا لا اقتصاديا، مؤكدا أنهم سيقاومون أي توجه لبيع الميناء.

إحصائيات
والسودان له ساحل طوله نحو 800 كلم، وعدة موانئ تقع على شاطئ البحر الأحمر، أهمها الميناء الجنوبي المخصص لاستقبال الحاويات، والميناء الأخضر المخصص لاستقبال سلع التموين مثل الدقيق والسكر، بالإضافة إلى الميناء الشمالي وميناء سواكن وميناء عثمان دقنة الإسلامي، وميناء هيدوب المتخصص في نقل المواشي، وميناء "بشائر 1" و"بشائر 2"، وميناء الغاز المتخصص في استقبال واردات الغاز، وميناء الخير لنقل المواد البترولية.

ويبلغ عدد العمال التابعين لهيئة الموانئ البحرية أكثر من 11 ألف عامل، بينما يبلغ عدد الحاويات التي تدخل المؤاني -بحسب المهندس سامي الصائغ- أكثر من 450 ألف حاوية في العام الواحد، مؤكدا أن عددها في العام 2019 بلغ قرابة 600 ألف حاوية.

صفقات مشبوهة
في العام 2018 وقعت الحكومة السودانية اتفاقية -حصل القطاع الرقمي على نسخة منها- أجّرت بموجبها الميناء الجنوبي لشركة "ICTSI MIDDLE EAST DMCC" الفلبينية ومقرها دبي، واعتبرت تلك الشركة حينها بمثابة غطاء لشركة "موانئ دبي"، حيث بلغت قيمة العقد الذي حُددت مدته بـ20 عاما 450 مليون دولار فقط.

غير أن تلك الاتفاقية قوبلت بنقد عنيف ورفض من قبل العاملين في الموانئ وفئات المجتمع السوداني المختلفة، مما دفع المجلس السيادي إلى تعليقها.

ورغم أن الحكومة السابقة التي كان يقودها الرئيس المعزول عمر البشير هي من أبرمت تلك الاتفاقية، فإن عددا من النقابيين العاملين في الموانئ يرون أن الحكومة الانتقالية الحالية تسعى هي الأخرى لتأجير نحو خمسة موانئ لشركات أجنبية لتوفير قرابة ملياري دولار، في صفقات يعتبرونها غامضة وغير شفافة.

محاولات إماراتية
وكان تقرير لموقع "مونيتور" الأميركي قد كشف عن جهود إماراتية وظفت ضابطا "إسرائيليا" سابقا يرأس شركة "ديكنز وماديسون" للعلاقات العامة للضغط على الولايات المتحدة من أجل دعم خطة شركة "موانئ دبي" للاستحواذ على ميناء بورتسودان.

وأشار التقرير إلى أن تلك المساعي الإماراتية تهدف إلى التوسع في قطاع النفط والغاز الذي من شأنه زيادة نفوذها في المنطقة.

وأفلحت الضغوط الإماراتية بإمساكها الدعم المالي الذي أعلنت عنه للحكومة الانتقالية، في عودة رجلها القوي إلى صدارة المشهد السياسي والأمني الذي يشهد توترات منذرة بانفجار وشيك، وفقا لرؤى بعض الخبراء والمحللين.

وقد تسلم حميدتي رئاسة اللجنة الاقتصادية لمعالجة تفاقم الأوضاع، ضمن قائمة شروط جديدة دفعت بها الإمارات إلى التحالف الحاكم لقوى الثورة، نظير تقديمها أي أموال.

وطبقا لمصادر مطلعة فإن الإمارات رهنت أي دعم للحكومة بضمان نفوذ حميدتي، بجانب محاصرة الإسلاميين سياسيا واقتصاديا وأمنيا، والموافقة على صفقة الموانئ السودانية.

وطبقا لذات المصادر، ترغب الإمارات في السيطرة على ميناء بورتسودان بشكل يعزز نفوذها في البحر الأحمر لمدة 90 عاما، مقابل تقديمها مليار دولار للحكومة نقدا، وتقسيط ملياري دولار على عدة سنوات.

رفض ومقاومة
وإزاء المعلومات والتسريبات التي تتحدث عن تأجير موانئ البحر الأحمر شرقي السودان، التقى القطاع الرقمي في شبكة الجزيرة بعدد من المسؤولين والنقابيين بالميناء لمعرفة موقفهم، حيث لوحظ أن جميع من تمت مقابلتهم كانوا ضد إبرام صفقات لتأجير الموانئ وأعلنوا مقاومتهم لأي خطوة تمضي في هذا الاتجاه.

ويقول عضو تجمع عمال الميناء الجنوبي عبود الشربيني إنهم لن يسمحوا بخصخصة الميناء، وإن الخيار سيكون للشعب السوداني، حسب تعبيره.

وأضاف الشربيني -وهو من أبرز الذين وقفوا ضد قرار التعاقد مع الشركة الفلبينية- "إننا نملك الميدان ومستعدون للتضحية بأنفسنا، ولن نقبل بتواجد شركة موانئ دبي السيئة السمعة داخل الأراضي السودانية".

ليس للبيع
الأصوات التي تحدثت عن خصخصة ميناء بورتسودان دفعت مدير هيئة الموانئ البحرية أونور محمد آدم للتصريح في وقت سابق بأن ميناء بورتسودان ليس للبيع، وأن ما يشاع عن ذلك هو مجرد ادعاءات لا أساس لها من الصحة.

غير أن الشربيني قال إنهم لن يصدقوا تصريحات مدير الميناء، وإن أمر البيع الحالي يدبر بليل، مذكرا بما جرى عام 2018 حين صرح مدير الميناء السابق وقتها نافيا بيعه، وبعد تصريحه بثلاثة أيام أعلنت الحكومة اتفاقيتها مع الشركة الفلبينية.

وفي هذا السياق، يقول النقابي بالميناء عثمان طاهر للقطاع الرقمي بالجزيرة إنهم لن يقبلوا بيع الميناء لشركة "موانئ دبي" أو أي شركة أخرى، لأن ذلك يؤدي إلى انتهاك حقوق العاملين في الميناء وانتهاك السيادة الوطنية.

واعتبر طاهر أن شركة "موانئ دبي" تعد الأسوأ في تشغيل الموانئ بالمنطقة، وأن الإمارات تريد من خلال حرصها على شراء ميناء بورتسودان، أن تزج بالسودان في حروبها الإقليمية لخدمة أجندتها السياسية.