صراع المحورين وتأثيره في شعوب المنطقة

الخميس ١٤ مايو ٢٠٢٠ - ٠٩:٤٥ بتوقيت غرينتش

أكدت الخبيرة اللبنانية بالشؤون الإقليمية والدولية د.هدى رزق أن الصراع الإقليمي بين محوري السعودية والإمارات من جانب وتركيا وقطر من جانب آخر إنما يأتي للإبقاء على "الإسلام السياسي" حيا، كما وأنه صراع اقتصادي فضلا عن كونه سياسيا وعسكريا وأنه معلوم الأهداف والنتائج.

وفي حوار مع قناة العالم الإخبارية لبرنامج "مع الحدث" أشارت هدى رزق إلى أن هناك غلبة للمحور التركي القطري على المحور الإماراتي السعودي، مبينة أن: المحور الأول له تأثير كبير اليوم في المنطقة العربية، لاسيما أن تركيا تعتبر اليوم حامية للإسلام السياسي السني بما هو الإخوان المسلمين.
ونوهت إلى أن الصراع اليوم هو ليس على النفوذ والقوة فقط، بل الإبقاء على الإسلام السياسي حيا، لاسيما وأن الولايات المتحدة تحاول أن تقول بأنها ضد كل ما هو إسلامي في المنطقة، لمصلحة المحور السعودي الإماراتي.
وفيما أشارت إلى أن الطرفان متشابهان في صراعهما، نوهت إلى أن: الصراع هو على ضرب ما يسمى بالإسلام السياسي، الذي تريد تركيا أن تحييه وأن تكون رأسه في المنطقة العربية.
وبينت أن السبب هو أن لتركيا شعبية لدى بعض الشعوب العربية التي تؤمن بالإسلام السياسي وتعتبر نفسها مضطهدة من بعض الأنضمة العربية، والتي تعتبر أن تركيا تمثلها، ولذلك فإن تركيا تعتبر خطراً على السعودية والإمارات.
وفي جانب آخر من اللقاء لفتت هدى رزق إلى أن الإمارات تخشى من الإخوان المسلمين على حكمها، وتخشى أيضا من توسع تركيا، وأن الإمارات داعمة لمصر لأن مصر أيضا في صراع كبير مع الإخوان المسلمين، وتعتقد أن ليبيا هي حديقتها الخلفية، وتخشى من أن ينتصر الدعم التركي لحكومة الوفاق، والتي تعتبرها حكومة الإخوان المسلمين، وأن يكون هناك تفوق للقوى أو أن تتم تسوية ويكون للإخوان باع بالحكم في ليبيا.
ونوهت إلى أن الصراع فضلا عن كونه سياسيا وعسكريا فهو صراع اقتصادي ايضا، مبينة أن: فتركيا يمكنها القول إن الإمارات تحاول أن تأخذ الجنوب وجزيرة سقطرى، وممكن لتركيا أن تقول إن الإمارات تفتت العالم العربي ولكن تركيا تساهم أيضا في تفتيت هذا العالم العربي، فلذلك هدف الطرفان هو تبيان القوة والتفتيت والسيطرة، لذلك لا فرق بين الطرفان في هذه المسألة، وإن كان أحدهما يريد أن يفضح الآخر، فالنتائج هي معروفة سلفا.

هذا وأكد نائب وزير الإعلام اليمني فهمي اليوسفي أن هناك قواسم مشتركة من حيث مشاريع "التدعيش" تشترك فيها وعلى حد سواء كل من قطر والسعودية والإمارات وتركيا، مشددا على أن الدول المستهدفة من قبل هذه المشاريع هي الخاسر الأول والأخير، كما يجري في اليمن وسوريا.
وأشار فهمي اليوسفي إلى أن هناك قواسم مشتركة من حيث مشاريع التدعيش، وقال إن: كل هذه المنضومة سواء قطر أم السعودية أم الإمارات أم تركيا كلها شريكة في هذه المشاريع، والتي حلت في ليبيا أو سوريا أو التي هي جارية في اليمن.
وأضاف أن هناك: أدوار موزعة، على سبيل المثال هناك جناح تحت رعاية السعودية، حزب الإصلاح مثلا لدينا في اليمن، وجناح تحت الإدارة القطرية، وجناح ممثل بالسلفيين تحت الإدارة الإماراتية.
وفيما لفت إلى أن هناك تنافس ما بين مشاريع التدعيش في هذه المنضومة، قال: لكن كلها تصب في خدمة مشاريع الناتو بشكل عام، وبالتالي فإن الدول المستهدفة من قبل هذه المشاريع هي الخاسر الأول والأخير، كما يجري في اليمن وسوريا.
ونوه إلى أن هذا إنما هو مشروع تدميري للمنطقة بشكل عام، مؤكدا أن المشروع له جذور قديمة، مرتبطة مثلا بحرب 1973.
وقال إن أميركا وبريطانيا والكيان الصهيوني حريصين ألا ينفرط الحلف الذي تكون في عام 1973، مضيفا: فكلما كانت هذه البلدان ممزقة من خلال مشاريع التدعيش كلما تسنى للغرب السيطرة الكاملة على منابع نفطنا، فالشركات واللوبيات الأميركية هي من يسيطر اليوم على المربعات النفطية في ليبيا والمحافظات الجنوبية في اليمن.
وفي جانب آخر من اللقاء قال اليوسفي إن: المجلس الانتقالي هو وكيل لدولة الإمارات والإمارات هي وكيل لبريطانيا، كما هو الحال لما تسمى الشرعية فهي وكيل للسعودية والسعودية وكيل للولايات المتحدة الأميركية، والكل يسعى القبض والبسط على مساحة أكبر من الأرض والثروة لإرضاء هذا الطرف.
كما وقال نائب وزير الإعلام اليمني: كلما اتفقت دول الرباعية في إنجاز مشروع مثل هذه المشاريع، تتفق أولا الأجندات الإقليمية ثم الداخلية، حيث كانت هناك تصفية حسابات، وكلما تم تقليم القوى الثورية وإزاحتها من المشهد الجنوبي كلما تسنى للغرب وأيضا أدواتها الإقليمية الممثلة بالسعودية والإمارات إحكام قبضتها على الجنوب.

من جانبه أكد الناشط الليبي خيري بوشاقور أن تركيا تحاول تكوين حلفاء في منطقة البحر الأبيض المتوسط حيث ترى في قبرص ومصر وإسرائيل واليونان حواجز أمام تمدد نفوذها وسيطرتها، مشيرا إلى أنها قد عقدت المشكل في المنطقة وبالذات في ليبيا.
وقال خيري بوشاقور إن: الأمر يدعو إلى السخرية عندما يتهم أحد الأقطاب الآخر بأي تهمة، لأن جميع المتورطين وإن كان حجم تورطهم يختلف لكنهم كلهم متورطين.
ولفت إلى أن هناك حربا استراتيجيا تطبق بالنيابة، وقال: دولنا لا تحتمل رؤية التدخل الغربي المباشر في المنطقة بسبب المصائب الكثيرة التي حلت بها بسبب الاستعمار الغربي المباشر وغيرالمباشر.
وأوضح أن: لتركيا أجندتها الخاصة الجيوسياسية أو الاقتصادية والاستراتيجية في المنطقة، فهي تعتقد أنها محاصرة وأن هناك حلفا يشتغل ضدها، لذلك من مصلحتها وحقها أن تسعى لتكوين حلفاء في منطقة البحر الأبيض المتوسط بالذات، فهي ترى قبرص ومصر وإسرائيل واليونان حواجز أمام تمدد نفوذها وسيطرتها.
وأضاف: بالنسبة لليبيا بالذات تعتبرها تركيا بأنها امتداد للحكم العثماني وأن هناك ليبيين من أصل عثماني أو تركي، وتدعي تركيا بأنها أتت لحمايتهم كما تدعي أنها أتت بصورة قانونية.
وفيما أشار إلى أن ما يحدث هو صراع أجندات وصراع استراتيجيات، بين أنه وبالنسبة لليبيا فإن: الدول المتدخلة ليست الإمارات وقطر والسعودية وتركيا ومصر فقط، بل إنما هناك روسيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وألمانيا، ويمكن أن تكون أميركا هي الوحيدة التي تدخلها غيرمباشر وتركت الأمر إلى حلفاءها في المنطقة.
وفي جانب آخر من اللقاء قال خيري بوشاقور: هناك إشكالية كبيرة وهو موضوع الإسلام السياسي، فعندما نتحدث عنه وكأنه بريء وأنه استحقاق وظاهرة صحية، فالإشكالية هي أن الإسلام السياسي هو من عقد المشكل في المنطقة وبالذات في ليبيا.
وأوضح أن: الليبيين قاموا بانتفاضة ضد حكم ديكتاتوري ونجحوا، ولم يكن الإسلام السياسي هو رأس الحربة والقيادة.
وأوضح أن الإسلام السياسي في ليبيا لا يمثله الإخوان المسلمين وحسب، وقال: لكن هم الإغلب وهم من أسس وأطر وقنن لهذه الظاهرة.
كما ولفت إلى أن الإخوان لديهم الإمكانيات للدخول في إطار استراتيجي مع دولة مثل قطر أو تركيا، في تلاقي مصالح بين الإثنين، حيث تقوم تركيا وقطر بالركوب على ظهر الإخوان: لإمكان هؤلاء السيطرة على شعوبنا المسكينة، فأربعين عاما من التجهيل في ليبيا منعت الناس من التمتع حتى بتفكير عادي، لذلك لجأت الناس إلى الدين، وهو الشيء الذي لا يستطيع معمر القذافي أو أي دولة أخرى أن تحرمهم منه، فلذلك كون الإخوان جمعياتهم، وحين ضربهم النظام أصبحوا ضحية وتعاطفت معهم أغلب فئات المجتمع.

هدى رزق/ خيري بوشاقور/ فهمي اليوسفي/