ضرب العلاقة بين إيران وأفغانستان.. حرث أمريكي للبحر

ضرب العلاقة بين إيران وأفغانستان.. حرث أمريكي للبحر
الإثنين ٠٨ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٢:٥٢ بتوقيت غرينتش

يبدو ان امريكا يئست من وضع العصي في عجلة العلاقات التاريخية والودية الوثيقة والعميقة بين الشعب الايراني وشعوب المنطقة وخاصة الشعب العراقي والافغاني واللبناني، بالقوة، فلجأت الى الحرب النفسية والاعلامية وتجنيد بعض الجهات والافراد بتمويل سعودي واضح، من اجل الاساءة الى تلك العلاقات التي تعتبر الاساس الذي يقوم عليه محور المقاومة وكل تكتل يرفض الهيمنة الامريكية.

العالم - كشكول

قبل نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي شهدت بغداد وبيروت تظاهرات شعبية مطلبية رفعت شعارات مكافحة الفساد، فاذا بـ"ثوار السفارة الامريكية" في العراق ولبنان يندسون في تلك التظاهرات ويرفعون شعارات لا تمت بأي صلة لاهداف الحراك الشعبي المطلبي، مثل الاساءة الى العلاقة مع ايران والدعوة الى تجريد الحشد الشعبي وحزب الله من سلاحهما، دون ادنى اشارة الى امريكا ودورها الكارثي في العراق ولبنان، او الى السعودية ودورها التدميري في البلدين عبر ضخ التكفيريين ودولارات النفط القذرة، والاعلام الطائفي الكريه.

هذه الشعارات والممارسات لم تكن لها اي اثر قبل عام من الان، الا اننا نعثر على اثار لها في هوامش التظاهرات والاحتجاجات المطلبية في العراق ولبنان، وهو ما يؤكد ان تغييرا حصل في الاستراتيجية الامريكية في التعامل مع محور المقاومة وهي استراتيجية تقوم على الانتقال من مرحلة المواجهة المسلحة الى مرحلة المواجهة الناعمة، عبر ضرب العلاقات بين شعوب المحور والشعوب الرافضة للهيمنة الامريكية والعدوان الصهيوني.

منذ ايام اتسعت الاستراتيجية الامريكية هذه الجغرافيا لتشمل افغانستان، بهدف ضرب العلاقات الاخوية بين الشعبين الشقيقين الايراني والافغاني وهي العلاقة التي افشلت المخططات الامريكية للهيمنة على افغانستان، عبر فبركة حوادث وتزييف اخبار وتضخيمها، فخلال ايام قليلة ادعت بعض المواقع الالكترونية المشبوهة ووسائل اعلام امريكية وسعودية واخرى ممولة امريكيا وسعوديا، قيام حرس الحدود الايراني بإغراق لاجئين افغان، كما اتهمت قوات الشرطة الايرانية بإطلاق النار على سيارة تقل لاجئين افغان في محافظة يزد وسط ايران، وعلى الفور اصبح الخبران في صدر اخبار قنوات الفتنة السعودية والامريكية مثل "العربية" و"الحدث" و "الحرة" و..

بينما حقيقة ما جرى هو على النقيض تماما مما فبركته الآلة الاعلامية الامريكية السعودية الاسرائيلية الفتنوية، فحادث غرق المواطنين الافغان في نهر هريرود وقع نتيجة للاجتياز غير الشرعي عبر الحدود مع افغانستان، كما اكد مساعد وزير الخارجية الايراني في الشؤون الدولية والحقوقية محسن بهاروند الذي زار افغانستان على راس وفد ايراني رفيع المستوى لبحث ملابسات الحادث المؤسف.

واضاف بهاروند، ان عدم وجود مخافر افغانية قرب الحدود المشتركة أدى الى فقدان السيطرة من قبل افغانستان على الحدود وهو ما ينتج عنه وقوع حوادث اجتياز لا شرعي ما يسفر عن وقوع مشاكل عديدة، لاسيما في ظل وجود مجموعات تنشط في مجال التهريب على الحدود المشتركة بين البلدين واجتياز المناطق الوعرة ومنها نهر هريرود لنقل الرعايا الافغان الى ايران بصورة غير شرعية حيث تقع مثل هذه الحوادث.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية عباس موسوي قال إنه وفقًا لتحقيق أجرته لجنة تقصي الحقائق الإيرانية، فإن حادث الرعايا الافغان لم يحدث داخل الاراضي الايرانية ولا دخل للقوات الإيرانية في الحادث.

واضاف موسوي انه في الأشهر الأخيرة وبسبب تفشي فيروس كورونا وبهدف إبقاء حرس الحدود في مأمن من خطر الإصابة بالوباء، وفقًا للاوامر الصادرة عن جهاز حرس الحدود فانه لم يكن لدى إيران اي مخيمات في المناطق الحدودية وان اي ادعاءات مثل نقل الرعايا الأفغان إلى المخيم أو اجبارهم على العمل عنوة وما إلى ذلك كاذبة من الاساس وانها صادرة عن جهات لا تعرف بالوضع الجديد في الجانب الايراني على الحدود المشتركة وتكشف كم هي وهمية هذه القضية.

لم تمر على هذه القضية سوى ايام حتى زوّرت وسائل الاعلام ذاتها خبرا يتحدث عن تعرض سيارة صغيرة تحمل رعايا افغان في محافظة يزد وسط ايران لاطلاق نار من قبل الشرطة الايرانية مما ادى الى انقلاب السيارة واحتراقها ومصرع 3 من الرعايا الافغان، بينما الحقيقة كما كشفتها مصادر حكومة ايرانية والسفير الافغاني في ايران عبدالغفور ليوال، لم تكن كما اثارتها وسائل الاعلام الامريكية والسعودية.

السفير الافغاني في ايران عبدالغفور ليوال قال ان مسؤولية الحادث تقع على سائق السيارة وعصابة تهريب البشر، حيث اكدت مصادر الشرطة الايرانية ان السائق كان يقود السيارة بسرعة كبيرة عندما اصطدم بالحاجز الموجود على الطريق مما اسفر عن انقلاب السيارة واحتراقها.

السفير ليوال ولدى تفقده جرحى الحادث في المستشفى اكد على وجود مكثف للرعايا الافغان في يزد منذ عشرات السنين ويعملون في جميع النشاطات الاقتصادية ويدرسون في الجامعات والمدارس، واشاد بالفرص التي وفرتها المحافظة للرعايا الافغان من اجل العمل، مؤكدا ان مثل هذه الحوادث لا يمكن ان تؤثر على العلاقة التاريخية والعميقة والمتجذرة بين الشعبين الايراني والافغاني.

المعروف ان الحدود بين ايران وافغانستان تمتد الى مسافة نحو 1000 كيلومتر، ويجتاز 500 الف من الرعايا الافغان الحدود الى ايران سنويا بشكل غير شرعي، ويتواجد في ايران، منذ اكثر من اربعين عاما، ما يقارب 3 ملايين و300 الف لاجىء افغاني يعيشون بين الايرانيين داخل المدن والقرى الايرانية من دون اي تمييز وبافضل الامكانيات والتسهيلات، كتوفير العمل والتعليم المجاني والامكانيات الصحية المجانية والكثير من الامكانيات الاخرى، ولم تؤثر عصابات تهريب البشر والمخدرات والجماعات الارهابية التكفيرية التي قتلت الالاف من حراس الحدود الايرانيين وقوات الامن والحرس الثوري على مدى عقود طويلة، على التعامل الانساني للجمهورية الاسلامية مع الرعايا الافغان، وهي معاملة نابعة من التعاليم والاخلاق الاسلامية والايرانية، وان محاولات امريكا ضرب العلاقة بين الشعبين الايراني والافغاني ليست سوى حرث في البحر.