بالارقام ..قانون قيصر لا هدف له غير تجويع الشعب السوري

بالارقام ..قانون قيصر لا هدف له غير تجويع الشعب السوري
الخميس ١٨ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٧:٣٣ بتوقيت غرينتش

يقول الرئيس الاميركي دونالد ترامب وفريقه المهووس بالعقوبات ان قانون قيصر يهدف الى تحجيم النظام السوري وذكر وزير خارجيته "مايك بومبيو" ان القانون يفرض عقوبات اقتصادية شديدة لمحاسبة نظام الأسد وداعميه الأجانب، لكن الارقام والحقائق تكشف ان الوحيد الذي سيعاقبه ترامب بقانون قيصر هو الشعب السوري لاغير.

العالم - سوريا

وليست العقوبات جديدة على سوريا، إذ استهدفت الإجراءات الأمريكية والأوروبية على حد سواء منذ سنوات قدراتها الاقتصادية، بعدما طالت شركات ورجال أعمال وقطاعات مختلفة. لكن القانون الجديد يوسّع دائرة الاستهداف لتطال عددا عن مسؤولين سوريين، كل شخص أجنبي يتعامل مع الحكومة السورية وحتى الكيانات ويشمل مجالات عدة من البناء إلى النفط والغاز.

ويرى محللون أن الخشية من القانون، حتى قبل أسبوعين من تنفيذه، ساهمت إلى حدّ كبير في الإنهيار التاريخي لليرة التي تخطى سعر صرفها خلال أيام قليلة عتبة الثلاثة آلاف مقابل الدولار في السوق الموازية.

وخلال جلسة عبر الدائرة التلفزيونية بمجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء، قال المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون إن الوضع في البلاد يزداد سوءا، حيث يعاني 9.3 ملايين سوري من انعدام الأمن الغذائي، وهناك أكثر من مليونين آخرين مهددون بذلك، وإذا تفاقم الوضع فقد تحدث مجاعة.

ونددت دمشق بالقانون وقالت إنه سيفاقم معاناة المدنيين في ظل اقتصاد مستنزف، معتبرة بأنه "يستند إلى جملة من الأكاذيب والادعاءات المفبركة من قبل الأطراف المعادية للشعب السوري وذلك في سياق حربها المعلنة والتي استعملت فيها أقذر أنواع الأسلحة من الإرهاب والحصار الاقتصادي والضغط السياسي والتضليل الإعلامي".

ويعيش أكثر من 80 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 133 في المئة منذ أيار/مايو 2019، بحسب برنامج الأغذية العالمي.

ويتوقّع الباحث الاقتصادي إدوارد ديهنيرت من وحدة "ذي إكونوميست" للبحوث والمعلومات أن تشهد البلاد "نقصاً في المواد الضرورية، وبالتالي سترتفع الأسعار وسيعاني السوريون من تآكل أكبر في قدراتهم الشرائية مع تراجع في فرص العمل" خصوصاً أن القدرة على استيراد السلع، وبينها المواد الغذائية والوقود، ستصبح أكثر تعقيداً.

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة أساساً منذ نحو عامين أزمة وقود حادة وساعات تقنين طويلة في التيار الكهربائي.

ولا يستبعد ديهينرت أن يكون "للإجراءات تأثير عكسي، إذ عبر إبعاد حركة الاستثمارات التقليدية، تُقلل الولايات المتحدة من التنافس على فرص الاستثمار في سباق تتفوق فيه روسيا وإيران أساساً".

ومن المتوقع أن تحدّ أيضاً من اندفاعة الإمارات المرتقبة للاستثمار في إعادة إعمار سوريا بعد انفتاح دبلوماسي مؤخراً.

أمّا لبنان، البلد الذي لطالما شكّل رئة سوريا خلال الحرب وممراً للبضائع ومخزناً لرؤوس أموال رجال أعمالها، فقد يشهد تدهوراً أكبر في اقتصاده المنهار أساساً إذا لم تستثنه العقوبات.

ويُرجّح أن تنعكس العقوبات، وفق ديهينرت، على عمل شركات البناء اللبنانية في السوق السوري وشركات النقل، عدا عن أن قدرة لبنان على تصدير المنتجات الزراعية عبر سوريا إلى الدول العربية ستصبح محدودة.

ويستنتج الباحث في مجموعة الأزمات الدولية هيكو ويمان أنّ القيام بأعمال تجارية مع سوريا "سيصبح أكثر صعوبة وخطورة، وبالتالي فإن احتمال أن يُدخل أي شخص أموالاً للاستثمار أو لأعمال تجارية سيتراجع وقد لا يكون ممكناً".

ويأتي تطبيق القانون، في وقت يستعد فيه النظام السوري لإطلاق عملية إعادة الإعمار، على الأقل في المناطق التي تمكن من السيطرة عليها، والتي توسعت في الأشهر الأخيرة بدعم سوري إيراني.

وينظر مراقبون أن القانون سيجعل من عملية الإعمار، مسألة في غاية الصعوبة إن لم تكن مستحيلة، إذ سيدفع القانون الشركات للنأي بنفسها عن الدخول في مشاريع سورية تجنبا للعقوبات الأمريكية.

وقدرت دراسة أعدها "المركز السوري لبحوث الدراسات" (غير حكومي)، نشرت أواخر مايو / أيار الماضي، أن خسائر الاقتصاد السوري منذ بدء الحرب عام 2011 وحتى مطلع 2020، نحو 530 مليار دولار، ما يعادل 9.7 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2010.

ووفقا لتقديرات الدراسة، فإن نسبة الدمار في البنية التحتية نتيجة المعارك في البلاد تجاوزت 40 بالمئة، وشملت خسائر البنى التحتية أكثر من ربع المساكن ونصف شبكات الكهرباء ونصف المدارس والمستشفيات ومرافق الخدمات.

كذلك، طرأ تراجع حاد على إنتاج النفط الخام، من 400 ألف برميل يوميا في 2010، إلى أقل من 30 ألف برميل يوميا حاليا، وفق تقديرات "بريتيش بتروليوم".

وعلى مدى 9 سنوات، ارتفع الدين العام للبلاد ليتجاوز 200 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما يقترب معدل البطالة من 50% مرتفعا من 15 بالمئة عام 2010، وبات 85% من الشعب السوري يعيشون تحت خط الفقر.

محمد الطاهر