زيارة الغنوشي الى الكويت.. كيف كانت الردود؟

زيارة الغنوشي الى الكويت.. كيف كانت الردود؟
السبت ٢٠ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٦:١٠ بتوقيت غرينتش

انقسم الكويتيون بين مؤيد ومعارض بشأن دعوة رسمية تسلمها رئيس البرلمان التونسي "راشد الغنوشي" من رئيس مجلس الأمة الكويتي "مرزوق الغانم" لزيارة البلاد.

العالم - الكويت

وجاءت الدعوة ضمن رسالة خطية سلمها السفير الكويتي في تونس "علي الظفيري" للغنوشي، تضمنت التأكيد على "تعزيز أواصر الصداقة البرلمانية وتبادل وجهات النظر حول عدد من المسائل محل الاهتمام المشترك".

الانقسام حيال الزيارة المرتقبة ارتد صداه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، حيث عبر المؤيدون والمعارضون لها عن موقفهم تحت وسوم متناقضة، أبرزها وسم #مرحبا_بالغنوشي ووسم #الغنوشي_غير_مرحب_بالكويت.

المؤيدون للدعوة بنوا موقفهم على أن الغنوشي فاز برئاسة البرلمان التونسي بطريقة ديمقراطية، كما أنه يعد ثاني أرفع مسؤول في بلاده بعد الرئيس قيس سعيّد، وهذا يخوله تمثيل تونس بعد تلقيه دعوة من نظيره الكويتي، بغض النظر عن الحزب الذي ينتمي إليه، في إشارة إلى حركة النهضة التي يتزعمها.

أما المعارضون فما زالوا يتذكرون للغنوشي موقفه الرافض لمشاركة قوات أجنبية في تحرير الكويت من الغزو العراقي عام 1990، معتبرين ذلك تأييدا منه للاحتلال، بينما أسس آخرون رفضهم للدعوة على كون الغنوشي زعيم حركة ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين.

هذا السجال لم يبق كويتيا خالصا، إذ سرعان ما دخل على الخط مغردون سعوديون وإماراتيون منتقدين الزيارة المرتقبة، بل وصل الأمر ببعضهم إلى حد اتهام الكويت بالتغريد خارج ما وصفوه بـ"السرب الخليجي".

سجال طبيعي

الكاتب والباحث الكويتي "مبارك الجِرِي" وصف السجال الكويتي حيال دعوة الغنوشي بالأمر الطبيعي، واضعا إياه ضمن الاختلاف في وجهات النظر المحملة بأبعاد تاريخية تمتد إلى 30 سنة مضت.

الجري الذي اتخذ من "التحولات الفكرية والسياسية لحركة النهضة" محورا لرسالة درجة الماجستير التي نالها من جامعة الكويت والتقى أثناء إعدادها بالغنوشي، يرى أن الحقل السياسي ليس فيه شيء ثابت بل إنه يتغير باستمرار، وضرب مثلا بالتأييد الذي حظيت به الثورة الإسلامية في إيران من معظم الحركات الإسلامية في العالم.

وأضاف أن "الشيء نفسه حدث مع زعيم حركة النهضة، فخطابه الشهير في السودان المناهض للتدخل الأجنبي لتحرير الكويت، طرأ عليه تغيير بدا جليا في الحوارات التي أجراها الصحفي التونسي قصي الدرويش مع الغنوشي أثناء وجوده في لندن وجُمعت لاحقا في كتاب، وفيها يقول إن الحركة لم تقبل بالغزو العراقي للكويت منذ أيامه الأولى، مستدلا على ذلك بقيامه خلال لقاء شخصي مع الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين بتسليمه بيانا يطالبه بسحب القوات العراقية، غير أن الغنوشي بقي ثابتا على موقفه الرافض لتدخل القوات الأجنبية".

جبهة الرفض

وعلى الجانب الآخر، يرفض الكاتب والمحلل السياسي حسين جمال زيارة الغنوشي، معتبرا أن الكويتيين لا يختلفون -أيا كانت مشاربهم وتوجهاتهم السياسية- على رفض زيارة كل من أيد غزو صدام حسين لبلادهم.

غير أن جمال يرى في الوقت نفسه أن الغنوشي يمثل تيارا بعينه، معتبرا أن أنصار هذا التيار هم وحدهم الذين يرحّبون بوجوده في الكويت، وبالتبعية فإن من يخالفون هذا التيار سيرفضون زيارته.

وبيّن جمال عدم وجود شك في أن رفض شريحة من الكويتيين لزيارة الغنوشي تستند إلى صفته الشخصية، لا الرسمية كرئيس للبرلمان التونسي يمثل أصوات المواطنين في بلاده.

وانتقد تدخل مغردين خليجيين في شأن كويتي داخلي، مضيفا "لا يمكن أن يقبل الكويتيون ما وصفه بمحاولات البعض الاصطياد في الماء العكر والزج باسم الكويت في معاركهم وأفكارهم، ونرفض أن يتحول الشأن الكويتي إلى إقليمي أو دولي خدمة لمصالح أطراف مختلفة".

جراح الغزو

الأكاديمي والباحث في الشؤون الخليجية علي الكندري ذهب إلى أن الكويت تسامت على كثير من جراح الغزو العراقي، وكانت الخطى الرسمية أسرع في التقارب مع ما يعرف بدول الضد من مثيلتها الشعبية التي لطالما سجلت اعتراضها على هذا التقارب.

كما أكد الكندري أن الكويت مثلت على الدوام وسيطا لإشاعة السلام وإذابة الخلافات بين الدول، ودائما ما كان خطاباها الرسمي والشعبي يصبان في هذا الاتجاه.

وانتقد الكندري استهداف شخصية بعينها واستخدام خلاف سابق في إذكاء صراع حالي، معتبرا أن في دعوة الغنوشي بادرة إيجابية كرئيس لبرلمان بلاده، خاصة أن الكويت تملك استثمارات كبيرة في عدد من القطاعات بتونس.

واستهجن الأصوات التي تنتقد زيارة الغنوشي لشخصه، مشيرا إلى أن كثيرا من القوميين العرب بل حتى الإسلاميين ممن كانت لهم مواقف أكثر قربا من النظام العراقي السابق، جرت استضافتهم في الكويت بشكل متكرر، وكانت زياراتهم تمر دون اعتراض.

المصدر: الجزيرة