الترويكا الأوروبية.. ما عدا مما بدا

الترويكا الأوروبية.. ما عدا مما بدا
السبت ٢٠ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٧:٣٨ بتوقيت غرينتش

منذ اليوم الاول للمفاوضات التي شاركت فيها ايران مع القوى الكبرى في العالم من اجل التوصل الى صيغة تحفظ لايران حقوقها في امتلاك برنامج نووي سلمي، شكك قائد الثورة الاسلامية في نوايا الدول الاوروبية الثلاث، بريطانيا وفرنسا والمانيا، وحذر المفاوضين الايرانيين من الاعتماد عليهم، لتبعيتهم الكاملة لامريكا وهيمنة الصهيونية العالمية على قرارهم.

العالم - كشكول

ايران لم تتفاجأ بتبني الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا بُني على مقترح تقدمت به فرنسا وبريطانيا والمانيا يدعو ايران للسماح لمفتشي الوكالة الدولية بتفتيش موقعين، قيل، وفقا لـ"معلومات" تقدمت بها امريكا والكيان الاسرائيلي، شهدا "سابقا" نشاطا نوويا، كما انها لم تتفاجأ ايضا من تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية روفائيل غروسي امام مجلس حكام الوكالة والذي دعا فيه ايران لفتح منشآتها للتحقق من "الاتهامات الاسرائلية"، لانها ببساطة، لم ولن تكن تثق منذ البداية باوروبا كلاعب دولي مستقل عن الارادتين الامريكية والاسرائيلية، كما انها لم تتفاجأ بتقرير غروسي لانه يأتي ايضا في اطار السياسة الامريكية المبنية على ممارسة اقصى الضغوط على ايران.

ايران لم ترد بالمثل على انسحاب الرئيس الامريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، وحاولت ان تعطي فرصة للدول الاوروبية الثلاث، على مدى اكثر من عامين، لاثبات دورها على الساحة الدولية، الا انها وللاسف الشديد ابت الا ان تكون تابعا للثنائي الامريكي الاسرائيلي، فتجاهلت بالكامل التزام ايران التام بالاتفاق رغم انتهاك امريكا وتفرج اوروبا عليه بشهادة 17 تقريرا صادرا عن الوكالة الدولية، واصدرت تقريرا وقفت فيه مع الجلاد ضد الضحية، فلم تملك من قوة سوى الاعراب عن "الاسف" امام انسحاب امريكا منه وفرض عقوبات ظالمة على ايران، بينما "نددت" بايران لانها لا تسمح بدخول مفتشين دوليين الى منشآتها "نزولا" عند طلب نتنياهو!.

الترويكا الاوروبية، لم تسأل نفسها اين كانت هاتين المنشأتين كل هذه الفترة منذ التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015 بل منذ عام 2012؟، لماذا لم ينتبه اليها المفتشون الدوليون، الذين لم يفتشوا بلدا كما فتشوا في ايران؟، فما عدا مما بدا اليوم؟ وهل تعتقد هذه الدول ان ايران ستسمح لمفتشي الوكالة الدولية، المخترقة امريكيا واسرائيليا، من التسكع في منشآتها لمجرد ان الترويكا الاوروبية طلبت ذلك على ضوء معلومات "اسرائيلية"؟.

اوروبا التي سقطت في امتحان "الاستقلالية"، لمجرد ضغوط مارسها ترامب ضدها كسحب قوات امريكية من المانيا وفرض تعرفه جمركية على السيارت الاوروبية وانتقاده للناتو و..، تعرف جيدا ان انهيار الاتفاق النووي لا يصب في مصلحتها ولا في مصلحة امنها القومي، بسبب قربها من منطقة الشرق الاوسط، لذلك حاولت ان تمسك العصا من الجانب الامريكي، فهي اصدرت قرارها الاخير "المناهض" لايران، وزادت عليه موقفها الرافض من رفع الحظر التسليحي على ايران والذي ينتهي في أكتوبر تشرين الأول وفقا للقرار 2231 والذي وقعت عليه فرنسا وبريطانيا والمانيا، الا انه ومن اجل "ذر الرماد في عيون الايرانيين" ، اعلنت انها لن توافق على العودة الفورية للعقوبات الأممية على إيران كما تطالب امريكا، بينما الجميع يعلم ان امريكا لن تفرض هذه العقوبات اذا ما استمر الحظر التسليحي ضد ايران خلافا للاتفاق النووي والقرار الاممي 2231!.

الموقف الاوروبي الذليل لخصه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة على تويتر حيث قال :"خلف الواجهة، الدول الثلاث توابع ترامب نتنياهو… وليست في وضع يسمح لها بتقديم النصح لإيران"، فهذه الدول وبدلا من الالتزام بتعهداتها وتفعيل آليتها المشلولة "اينستكس"، والتحرر قليلا من الذيلية لامريكا، نراها تعمل وفقا للاجندة الامريكية لدفع ايران الى اتخاذ مواقف تستغلها امريكا لاظهار ايران بمظهر الدولة "المارقة"، ولكن فاتها ان ايران التي تفاوضت على مدى اكثر من عقد من الزمان مع الغرب، وتعاملت بذكاء وحنكه وصبر مع السياسة الخرقاء للارعن ترامب، تعرف جيدا كيف ستتعامل مع الموقف الاوروبي، وهو موقف يصب من الفه الى يائه في مصلحة امريكا والكيان الاسرائيلي"، دون ان تعطي لامريكا ذرائع لتحقيق اهدافها، فالصراع بين ايران ومحور المقاومة وبين المحور الامريكي "الاسرائيلي"، اكبر من الاتفاق النووي.