جدل حول قرار السيسي تحويل وقود السيارات الى الغاز الطبيعي

جدل حول قرار السيسي تحويل وقود السيارات الى الغاز الطبيعي
الثلاثاء ١٤ يوليو ٢٠٢٠ - ٠٥:٢٠ بتوقيت غرينتش

أثارت تصريحات الرئيس المصري حول قرار مرتقب بمنع تراخيص السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين واقتصارها على تلك التي تعمل بالغاز الطبيعي، جدلا جديدا في مواقع التواصل المصرية.

العالم - مصر

استقبلت مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات الرئيس السيسي بجدل بين الترحيب والرفض والتشكيك، لكن المثير هذه المرة إشارة بعض المغردين إلى علاقة محتملة بين القرار المنتظر وبين صفقة الغاز مع إسرائيل قبل عامين، التي أثارت جدلا بدورها حول مدى احتياج مصر للغاز الإسرائيلي في ظل الاكتشافات المتتالية لحقول غاز مصرية، وحديث النظام عن الاكتفاء الذاتي بالغاز الطبيعي.

وخلال افتتاح عدد من المشروعات، تحدث السيسي عن خطة الدولة لتحويل السيارات لاستخدام الغاز الطبيعي كوقود عوضا عن البنزين، موضحا أن المشروع يستهدف الطبقة المتوسطة ممن يملكون مركبات منذ سنوات تكلفهم في الصيانة وفي الوقود.

كما يشمل الباصات وسيارات الأجرة، عبر قروض بتكلفة منخفضة، مشيرا إلى أن تكلفة تحويل مليون مركبة إلى الغاز الطبيعي تبلغ نحو 8 مليارات جنيه مصري (الدولار حوالي 16 جنيها).

وأكد السيسي أن الدولة ستتخذ قرارا بمنع ترخيص السيارات الجديدة ما لم تكن تعمل بالغاز الطبيعي، مؤكدا أن من حق الدولة تنظيم شؤون حياة المواطنين وترشيد إنفاقهم والحفاظ على البيئة وموارد الدولة، وفي ظل توافر الغاز الطبيعي.

وخلال اللقاء نفسه، أوضحت نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، أن الاتجاه إلى الاعتماد على الغاز الطبيعي كوقود يرجع إلى ما يحققه ذلك من وفر بالنسبة للمواطن، حيث إنه في حالة استخدام 15 لترا يوميا من البنزين يكلف 3 آلاف و900 جنيه شهريا، في مقابل أن استخدام الكمية نفسها من الغاز سيحقق وفرا شهريا للمواطن من ألف و900 جنيه إلى ألفي جنيه.

وأشارت وزيرة الصناعة إلى أن تكلفة تحويل السيارة من بنزين إلى غاز تقدر بـ 8 آلاف جنيه، وأن الوزارة ستقدم برامج تمويلية لغير القادرين تصل مدتها إلى خمس سنوات.

وكانت شركة الغاز الطبيعي للسيارات "كارجاس" (NGV – Natural Gas For Vehicles) أوضحت في وقت سابق أنه تم تحويل نحو 22 ألف سيارة للعمل بالغاز الطبيعي خلال عام 2019، مقارنة بنحو 10 آلاف سيارة خلال عام 2018 بزيادة نسبتها 122%.

بدورهم، أكد عدد من وكلاء السيارات أن تحويل السيارة الجديدة في فترة الضمان من البنزين للغاز يخرجها من الضمان، ولفت بعضهم في تصريحات صحفية إلى أن القرار يحتاج إلى مزيد من الوقت لضبط أوضاع السوق، لتلافي أي مشكلات يمكن أن تحدث سواء مع الصناع أو العملاء، في ظل التعاقدات القانونية.

كما أوضح وكلاء السيارات أن العاملين في توكيلات السيارات ومراكز الصيانة، لا يتقنون التعامل مع هذه النوعيات من السيارات لأنهم ببساطة غير مدربين عليها، ويحتاجون إلى وقت، مما يجعل من الصعب بل من المستحيل إجراء عمليات الصيانة الدورية أو الطارئة بالطرق المعتادة قبل التدريب عليها.

فتش عن "إسرائيل"!

وبعيدا عن التفاصيل الفنية والاقتصادية لمنع التراخيص للسيارات الجديدة سوى التي تعمل بالغاز الطبيعي، تحدث مغردون عن علاقة القرار بصفقة الغاز المثيرة للجدل، والتي أبرمتها القاهرة مع تل أبيب قبل عامين.

ففي 19 فبراير/شباط 2018، وقّعت شركة مصرية صفقة لاستيراد الغاز من الكيان المحتل من حقلي تمار ولوثيان بقيمة 15 مليار دولار لمدة 10 سنوات، وصفتها تل أبيب "بالتاريخية".

والعام الماضي، سادت حالة من الجدل الرأي العام المصري بعد بدء ضخ الغاز الطبيعي من "إسرائيل" إلى مصر، بموجب اتفاق تجاري هو الأكبر بين الدولتين منذ توقيع معاهدة السلام عام 1979، وتبلغ قيمته 19 مليارا و500 مليون دولار على مدى 15 عاما.

وتركز الجدل حول تناقض تصريحات الجانبين المصري والإسرائيلي الرسمية بشأن الهدف من تصديره لمصر، هل هو لإسالته في مصر ثم إعادة تصديره مرة أخرى، كما تقول الحكومة المصرية، أو لاستخدامه في السوق المحلي، كما يقول المسؤولون الإسرائيليون؟!

نقطة أخرى أسهمت في زيادة الجدل حول هذه الصفقة، تتمثل في غموضها وغياب أي معلومات تتعلق بالقيمة حال الاستيراد، وسط مخاوف بأن يكون السعر أعلى من نظيره في السوق العالمي.

كما تساءل آخرون عن جدوى استيراد الغاز من "إسرائيل"، في ظل إعلان مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي منذ سبتمبر/أيلول 2018 (بسبب اكتشاف حقل ظُهر في عام 2015).

وكانت مصر تزود كيان الاحتلال بنحو 40% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، وفق اتفاق وقع بين الشركة القابضة للغاز (حكومية) مع شركة شرق البحر المتوسط للغاز "إي إم جي" (EMG) المالكة لخط الأنابيب (عسقلان العريش) في 2005، لتصدير مليار و700 مليون متر مكعب من الغاز سنويا لإسرائيل ولمدة 20 عاما.

ويبدو أن تصريحات السيسي، أعادت الجدل مرة أخرى حول علاقة إسرائيل بالأمر، وأن الغاز الإسرائيلي سيستخدم في السوق المحلي المصري، كما صرح المسؤولون الإسرائيليون سابقا.

ولم يقتصر الجدل حول محاولة السيسي تصريف الغاز الإسرائيلي في السوق المصري، حيث تحدث آخرون عن الإنهاك الاقتصادي المتواصل الذي يمارسه السيسي بحق المصريين، واضطرارهم لدفع رسوم إضافية في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة.

وطالب بعضهم أن تبدأ الحكومة بسيارات الشرطة والجيش والنقل العام والسيارات الحكومية، لترشيد النفقات أيضا، ثم تتجه بعد ذلك للسيارات الخاصة، في حين حذر آخرون من خطر استخدام أسطوانات الغاز في السيارات.