مطلب حياد لبنان.. سبق اعلامي أم  امر عمليات دولي

مطلب حياد لبنان.. سبق اعلامي أم  امر عمليات دولي
الجمعة ١٧ يوليو ٢٠٢٠ - ١٢:٥٠ بتوقيت غرينتش

بين الحياد والعزل لبنان في خضم معركته السيادية و رسالة البطريرك الماروني تدوير للزاوايا ام قرار دولي. 

العالم - لبنان

انشغلت الساحة اللبنانية في اليومين الماضيين بتصريحات البطريركية المارونية المطالبة بحياد لبنان عما سمتها صراعات الاقليم وسط إنقسامات وخلافات القوى السياسيّة اللبنانيّة، إزداد التشرذم بفعل تباين في الرأي من دعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى حياد لبنان، وبفعل تفسيرات مُختلفة لأهدافها. فما هي المُلاحظات التي يُمكن تسجيلها في هذا الموضوع البالغ الحساسيّة، والذي خرج إلى الضوء في توقيت حسّاس.
يقول الكاتب السياسي ناجي البستاني .

أوّلاً: إنّ إصرار البطريرك الراعي على تكرار كلامه عن الحياد بوتيرة دَوريّة، يؤكّد تمسّكه بهذا المطلب، وأنّ ما قاله ليس زلّة لسان، أو مُجرّد عظة عابرة ذات يوم أحد، بل هو موقف مَدروس، له أسبابه وخلفيّاته، ويهدف إلى مُعالجة مُشكلة خطيرة يُعاني منها لبنان حاليًا.وهي تتمثّل في ما يدور من صراع إقليمي دَولي شرس، يشمل دولاً عدّة يمتدّ من غرب اسيا والدول الخليج الفارسي إلى روسيا والولايات المُتحدة الأميركيّة، الأمر الذي إنعكس سلبًا على اللبنانيّين بحسب البستاني، بفعل الضُغوط و سياسة المُقاطعة وحتى العُقوبات التي فُرضت على ما يسمى بلاد الأرز ، بحيث صار مَعزولاً عن العالم ومتروكًا بدون صديق لمُساعدته.

وتقول المصادر المطلعة ان رسالة الكاردينال الراعي تنضوي في اطار تسويق التوجس من خيارات لبنان البديلة للغرب دون الاستغناء عنه تماما والمراد منها عدم تغيير وجه لبنان الحديث .

ثانيًا: حاولت القوى المسيحيّة والإسلاميّة المُعارضة للعهد الرئاسي وللحُكومة الحالية، لا سيّما كلّ من "المُستقبل" و" القوات " و" الكتائب " وبنسبة أقلّ "الإشتراكي"، الإستفادة من كلام البطريرك الماروني لأخذه إلى تموضعها السياسي العريض وتوظيف ذلك في البازار السياسي المفتوح على مصرعيه لبنانيا ، علما ان البطريرك الراعي استدرك هذا الاستغلال رفض الإنجرار إلى أي تموضعات مُقفلة، ولأي جبهات سياسيّة تزيد حال الإنقسام، وأصرّ على أنّه على مسافة واحدة من الجميع، وأنّ ما يُصرّح ويُطالب به لا ينطلق من خلفيّات سياسيّة، بل ينطلق من مبادئ عامة كانت الكنيسة رأس حربة في الدفاع عنها منذ القدم، وهي ستستمرّ في دورها هذا، اليوم وغدًا.
وتتابع المصادر ان الراعي حرص على توضيح هذا الموقف للرئيس ميشال عون شخصيًا، منعًا لأي إستغلال لدعواته إلى الحياد، وهذا ما شرحه حسب المصادر للسفير الايراني في بيروت خلال زيارته له في الديمان ولتجديد ثقته بقدرة الرئيس على مُعالجة الموقف بالشكل المُناسب.

تتابع المصادر يحرص "التيّار الوطني الحُرّ" على نفي أن يكون كلام البطريرك مُوجّهًا له، أو يستهدفه، في حين حرص " حزب الله " على الحديث عن علاقات جيّدة تجمعه ب بكركي ، وذلك في مُحاولة لإمتصاص وقع مطلب الحياد، قبل تفريغه من مَضمونه مع مُرور الوقت. لكنّ هذه المُحاولة مُرشّحة للفشل، في حال أصرّ البطريرك على تحريك الموضوع وعلى التذكير به بشكل دَوريّ، بحيث لن يكون من المُمكن عندها تجاوزه عن طريق إعتماد سياسة التجاهل والتمييع حسب المصادر .من هنا تقرأ اوساط مطلعة الابعاد التي ترمي اليها هذه المواقف متسائلة عما اذا
كان تحقيق هدف الحياد سيحقق ما يراه القسم الاخر من اللبنانيين المروجين له في ظل رزنامة امريكية تتجاوز كل معايير الحياد اذا كان الامر يتعلق بمصالح الكيان الاسرائيلي.
وفي الخُلاصة، إنّ لبنان أمام فرصة مُهمّة للعودة إلى السكّة الصحيحة،التي ترتبط بثوابت قوته وممانعته لاي تطويع له على حساب السيادة والابقاء على علاقاته العربيّة والدَوليّة ضمن احترام هذه الثوابت واولها المعادلة الذهبية.

فهل ستنجح مُبادرة البطريرك الراعي؟ وهل سُتحسن القوى الداخليّة والخارجيّة المؤيّدة لها، إدارة معركة تسويقها من دون إسقاطها بدهاليز السياسة الداخليّة الضيّقة؟ وهل يُمكن أن يرضخ "حزب الله" الذي تحوّل رأس حربة إقليميّة أساسية في الصراع مع المشروع الصهيوالأميركي،لمطلب الحياد أم أنّه سيلتفّ عليه بهُدوء–كما فعل سابقًا، ويُواصل حماية لبنان سياسيًا وإقتصاديًا وامنيا انطلاقا بالارتكاز استثمار انتصارات محور "المُقاومة والمُمانعة تختم المصادر.

*حسين عزالدين