هل فعلا يُلغي بايدن كافة محظورات ترامب لو فاز بالرئاسة؟

هل فعلا يُلغي بايدن كافة محظورات ترامب لو فاز بالرئاسة؟
الثلاثاء ٢١ يوليو ٢٠٢٠ - ٠٥:٣٠ بتوقيت غرينتش

جاء في الاخبار قبل قليل ان المرشح الديمقراطي لإنتخابات الرئاسة الاميركية جو بايدن أعطى وعدا، في حال فوزه بالرئاسة الاميركية سيلغي كافة المحظورات المفتعلة التي صوّبها وأكد عليها الرئيس الحالي دوناد ترامب بحق 7 بلدان هي ايران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن.

العالم - يقال أنّ

ابتداء نقول ان لا فرق في توجهات الحكومات الفيدرالية الاميركية او لنقل "المنظومة السياسية الاستراتيجية" في تعاملها مع دول العالم، وكل الخطوات المتخذة من قبل رؤساء حكوماتها تصب في مصلحة الولايات المتحدة السياسية أولا وأخيرا وليست هناك اية اهمية توليها الحكومات الاميركية لغيرها من الدول الا ما كان في جوهره يصب في ريعها.

التوجيهات الاميركية مركزية تتوزع صلاحياتها على الرئيس والكونغرس والمحاكم الفيدرالية مع وجود حيز متاح للتصرف المرن موكول للرؤساء على ان لا يخرج الرئيس عن اطار السياسة العامة المقرة من قبل مجلس الشيوخ ومجلس النواب والسلطة القضائية المتألفة من المحكمة العليا والمحاكم الاتحادية ومن فوقهم.

الرئيس الاميركي هو اعلى منصب في السلطة التنفيذية، لكن هذا المنصب يتأرجح بين تكتلي حزبين اثنين، حيث صناعة القرارات السياسية مقتصرة على الحزب الجمهوري والاخر الديمقراطي اللذين هيمنا على الحياة السياسية في البلاد منذ الحرب الأهلية، كما توجد أحزاب أصغر مثل الحزب الليبرتاري وحزب الخضر وحزب الدستور، لكنها ليست ذات اهمية تذكر في اتخاذ القراقرات السياسية المقتصرة على الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

الهيمنة على العالم

على اية دولة مقتدرة تسعى للهيمنة على العالم يتوجب عليها ان تبني اقتدارها على ثلاث ركائز حيوية استراتيجية تؤهلها في الهيمنة، ان تكون مقتدرة ماليا ومتطورة عسكريا وان يكون بوسعها الانتشار في اي زاوية من زوايا الكرة الارضية.. دون تلكؤ.. او ما يسمى اليوم بالحرب الاستباقية التي تعتمدها اليوم الولايات المتحدة معتمدة على الترسانة العسكرية النووية التي تملكها وما ينتج عنها من ردع او احتواء وذلك ما نراه جليا في عهد الرئيس الحالي ترامب، حتى مع اقرب حلفائه، ما يُمكّن الولايات المتحدة من ابتزاز الدول البعيدة والقريبة على حد سواء وخصوصا التي تضلع عن بذل ولاء الطاعة لها.

نكاد نجزم اليوم ان الهدف الرئيسي من كل الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة الردعية والاحتوائية خصوصا في منطقتنا هي من اجل السيطرة على النفط فيها وتدفقه الى جيبها وريعها بصورة سلسة، وان السيطرة على النفط تعني فرض الارادة الاميركية على النسق الدولي التجاري والاقتصادي والسياسي في العالم.

لذا يتوجب على الولايات المتحدة منع دول المنطقة من كسب استقلالها الكامل وبالتالي استغنائها عن الدول الغربية ومنعها من أن تكون (قوة اقليمية) كما هو واضح من تصرف الولايات المتحدة والغرب مع ايران المستقلة التي قطّعت مخالب الولايات المتحدة وحطمت انيابها منذ انتصار ثورتها المباركة 1979م، وفي اخص الخصوص ان لا تملك اي دولة خصوصياتها في ملف نووي مستقل حتى لو اطمأنت اميركا والغرب ان هذا الملف لن يخرج عن اطاره الاقتصادي المعلن.

محاولات اميركا الهيمنة على ايران مجددا متواصلة منذ سقوط الشاه وانتصار الثورة الاسلامية فيها حتى يومنا هذا ولم تكف يوما عن التخطيط للعودة الى ايران وعودة ايران الى احضانها لكن محاولاتها التي ابتدأتها بعملية طبس الفاشلة ثم دفع صدام لحرب الثماني سنوات وصولا الى محاربة ايران في ملفها النووي السلمي كلها باءت وستبوء بالفشل الذريع.

ما حدا مما بدا؟

لماذ صرح السيد بايدن اليوم بهذا التصريح (باعطائه وعدا انه في حال فوزه بالرئاسة الاميركية سيلغي كافة المحظورات المفتعلة التي صوّبها وأكد عليها الرئيس الحالي دوناد ترامب بحق 7 بلدان في مقدمها ايران؟)..

الواضح حتى الان ان بايدن يسعى مستميتا وبكل الطرق الممكنة لكسب الاصوات للفوز بالرئاسة الاميركية ومن ذلك ما صرح به محاولا استدراج المسلمين الاميركان للتصويت له بتعهده بالوقوف إلى جانب الأقليات المسلمة حول العالم، قائلا انه من الرائع أن تتمكن مجموعتكم "مليون مسلم (في اميركا) للتصويت لجو بايدن" و"من خلال جمع مليون صوت من المسلمين الأمريكيين لدعمي في الانتخابات الرئاسية المقبلة"، مستشهدا في ذلك بحديث للنبي محمد (صلى الله عليه وآله): "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، في اشارة الى منافسه ترامب الذي افسد في اميركا وفي الارض.

بايدن حذر المسلمين من إعادة انتخاب ترامب بقوله "إذا أُعيد انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فمن المرجح أن تستمر السياسة الأمريكية في نفس الاتجاه. لكن إذا استطاع المنافس جو بايدن الفوز بالبيت الأبيض، فمن المرجح أن تتخذ واشنطن نهجا أكثر ليونة، بما في ذلك إمكانية إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب، بحسب خبراء.

كيف ستكون سياسة بايدن تجاه الملف النووي الايراني؟

قال خبراء إنه من المحتمل أن يعود بايدن "في حال انتخابه رئيسا"، إلى شكل من أشكال الاتفاق الذي ألغته إدارة ترامب حول النووي الايراني، من ذلك ما صرح به ديفيد بولوك، وهو خبير بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قائلا، أنه "من المحتمل جدا على ما أعتقد أن يحاول بايدن إيجاد طريقة للعودة إلى الاتفاق النووي، ولكن مع بعض الإضافات"، موضحا انه لا يعتقد "أن الأمر سيكون مجرد 'حسنا بسيطة، فلنعد إلى حيث كنا قبل انسحاب ترامب من الاتفاق النووي ولنسقط جميع العقوبات' "، وان فريق بايدن سيبذل جهدا أكبر نحو "محاولة إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات".

وقالت داليا داسا كاي، مديرة مركز السياسة العامة للشرق الأوسط في مؤسسة "راند"، إن إدارة بايدن من المرجح أن تضم موظفين رئيسيين تفاوضوا على خطة العمل الشاملة المشتركة، مضيفة "أعتقد أننا يمكن أن نتوقع التزاما أكثر جدية واستدامة حيال تجديد الدبلوماسية مع إيران وتنشيط الاتفاق النووي الإيراني..".

وأشار كلاي رامزي، الخبير في شؤون إيران في جامعة ماريلاند، إلى أن بايدن صرح في إبريل أنه في الوقت الراهن، ينبغي على الولايات المتحدة إزالة جميع حواجزها أمام التجارة الإنسانية مع إيران، موضحا أنه "إذا كان بايدن هو الرئيس في يناير، فإن هذا يمكن أن يحدث بسرعة كبيرة. وإذا بدأت حكومة إيران في تقليص مستوى برنامجها النووي، فإن اجتماعا لجميع دول خطة العمل الشاملة المشتركة -- الولايات المتحدة وإيران والأوروبيين وروسيا والصين -- قد يعقد".