شاهد.. حقائق صادمة في قطاع المياه الفلسيطيني بعد ضم الأغوار

الثلاثاء ٢٨ يوليو ٢٠٢٠ - ٠٤:١٤ بتوقيت غرينتش

رام الله (العالم) 2020.07.28 – حذر د.عبدالرحمن التميمي مدير مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين من أن عمليات الضم الإسرائيلية للأراضي الفسليطينية سوف تنهي الزراعة الفلسطينية في الأغوار ما سيؤدي إلى عمليات هجرة طوعية للمزارعين الفلسيطينيين بعد أن يصعب عليهم دفع أسعار المياه التي سوف تبيعها إسرائيل لهم، مبينا أن كيان الاحتلال يخطط إلى جعل الفلسطينيين تحت رحمته في مجال الكهرباء كما فعلتها بالنسبة للمياه.

العالم - فلسطين

وفي حوار خاص مع قناة العالم الإخبارية لبرنامج "ضيف وحوار" وعن كمية المياه المتاحة للشعب الفلسيطيني في الأغوار أشار عبدالرحمن التميمي إلى أن 95 بالمئة من مجموع تدفق الينابيع في كل الضفة الغربية هي في الأغوار، كما أن الآبار التي تخدم وتروي الزراعة الفلسطينية حوالي 60 مية منها بالأغوار، بالإضافة إلى أن نهر الأردن هو الحد الشرقي للأغوار، إلى جانب ما تسمى ينابيع غرب البحر الميت فكل هذه هي موجودة في الأغوار، واصفا الأغوار بأنها الخزان الرئيسي الكبير والواعد للزراعة الفلسطينية.

وأشار إلى أنه: يأتي الضفة الغربية سنويا ما نسميه علميا الطاقة المتجددة للأحواض المائية من 650 إلى 700 مليون متر مكعب، والمصدر الرئيسي لها هي الأمطار.

ولفت إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ومنذ عام 1967 وحتى الآن وبسلسلة أوامر عسكرية وقرارات إدارية استولى على 80 بالمئة من مياه الضفة الغربية، مبينا أن هناك 5 بالمئة من المياه لا يمكن استخراجها، وخلص إلى القول إن الفلسطينيين يتبقى لهم 15 بالمئة فقط من المصادر المتجددة للمياه، هذا بالإضافة إلى أن حصة الفلسطينين من نهر الأردن هي صفر بالمئة.

وحول الحصة الفلسطينية من نهر الأردن أوضح عبدالرحمن التميمي أنه ووفق "اتفاق إريك جونسون" المبعوث الأميركي لآيزنهاور في عام 1953 لحل إشكالية تقاسم نهر الأردن كانت حصة الفلسطينين 257 مليون متر مكعب في السنة، لكن بسبب تنفيذ كيان الاحتلال لمشروع "الناقل القطري الإسرائيلي" اي جلب المياه من نهر الأردن إلى داخل إسرائيل وإلى النقب اعتبرت منطقة نهر الأردن منطقة عسكرية، حيث أن هناك 6 إلى 8 كيلومترات على طول النهر في الضفة الغربية لايمكن الدخول إليها على اعتبار أنها صنفت كمنطقة عسكرية، وبذلك أصبحت حصة الفلسطينيين غيرمتاحة، حيث أنه تم تحويله نهر الأردن عمليا إلى داخل إسرائيل.

وفي جانب آخر أشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على المياه الفلسطينية بعدة طرق، الأولى هي بشكل مباشر، حيث أن هناك 32 بئرا إسرائيليا في الضفة الغربية تضخ 150 إلى 170 مليون مترمكعب، كما أن هناك آبار منتشرة في إسرائيل على طول ما يسمى الخط الأخضر تقدر بـ300 بئر وهي تحلب جبال الضفة الغربية من الجهة الغربية.

كما نوه إلى أن الشكل الغيرمباشر للسيطرة على المياه الفلسطينية هي أن الكيان الإسرائيلي يمنع الفلسطينيين من حفر آبار في ما يسمى الحوض الغربي، وبذلك تستفيد إسرائيل بشكل غيرمباشر من حلب جبال الضفة الغربية، لأن الفلسيطينيين غيرمسموح لهم بالحفر، والمياه تذهب طبيعيا باتجاه السهل الساحلي ويتم اصطيادها على طول أقدام الجبال.

كيف فرط اتفاق أوسلو بالمياه الفلسطينية؟

وفي جانب آخر من اللقاء لفت عبدالرحمن التميمي إلى أن البند 40 من اتفاق أسلو المتعلق بالمياه، لم يكن الفلسطينيون مشاركين فيه من الناحية الفنية، مبينا أن الذي وقع اتفاق أوسلو لم يكن يمتلك أي قدرة فنية على قراءة البند 40 من الناحية الفنية.

وأشار إلى أن في البند 40 من اتفاق أوسلو يتضمن: 6 عثرات أو ثغرات كبيرة أدت إلى ما نحن فيه، فأولا من الناحية المؤسساتية يتحدث الاتفاق عن أن العلاقة بين السلطة الوطنية وشركة "ميكارون" وليس بين السلطة والحكومة الإسرائيلية، وهو يرتكز على أسس تجارية، وكأننا زبائن عند شركة ميكارون، فهي تتحكم بك كما تشاء، وهذا ما حدث، حيث أنهم وبعد شهرين من الاتفاق زادوا الأسعار.

واشار إلى أن الأمر الثاني في اتفاق أوسلو هو أن نهر الأردن لم يذكر في الاتفاق لا تصريحا ولا تلميحا، والأمر الثالث هو أن الاتفاق يقول في البند الأول إن إسرائيل تعترف بالحقوق المائية للفلسطينيين، لافتا "لكنها في البند الخامس تقول إن حقوق الملكية لهذه المصادر سيتم التفاوض عليها في المفاوضات النهائية، وتفسيره أنني اعترفت بحق الاستعمال لكم وليس حق التملك."

وأضاف أن الأمر الرابع هو أن إسرائيل أبقت المصادر في يدها وتحت سيطرتها، فيما يقوم الفلسطينين يقومون بشراء المياه وتوزيعها، أي أنهم وكلاء توزيع فقط.

ونوه إلى أن إسرائيل قالت اتفاق أوسلو إن احتياجات الشعب الفلسطيني للمياه هي من 70 إلى 80 مليون متر مكعب لأغراض الشرب المستقبلية، لكن هذا المستقبل كان ينتهي في ذهن المفاوض الفلسطيني في عام 1999، فيما أن الرقم لحد الآن ما زال هو ورغم الارتفاع الكبير في السكان والحاجة المائية، وذلك لأنهم لم يحددوا أي مستقبل.

وقال د.عبدالرحمن التميمي: "في اعتقادي فإن المفاوض الفلسطيني الذي ذهب لتوقيع اتفاق أسلو لم يكن يمتلك المعلومات الصحيحة ولا يثق بآراء الخبراء الفلسطينيين، وفي الوقت ذاته لم ير الصورة المتكاملة بعلاقة المياه مثلا بالمستوطنات أوالقدس أو اللاجئين، ولذلك قام الإسرائيليون بتطبيق البند 40 بشكل كامل، وهو البند الوحيد الذي طبقته كاملا، لأن جميع مواده كانت بصالحهم.

ماذا تربح إسرائليل وماذا يخسر الفسلطينيون من ضم الأغوار؟

وفيما أشار إلى أن الكيان الإسرائيلي يرى في الأغوار بعدا استراتيجيا طويل الأمد، أوضح أن الأغوار من الناحية المائية هي عبارة عن خزان مائي يخدم منطقة زراعية من الدرجة الأولى عالميا، لأنها منطقة منخفضة، واصفا إياها بأنها عبارة عن "بيت بلاستيك طبيعي"، كما أشار إلى أنها تشكل مساحة كبيرة بالنسبة للضفة الغربية، أي 27 بالمئة.

وأشار إلى أن إسرائيل تستطيع ومن الناحية الاقتصادية أن تنتج زراعات وتصدرها من الأغوار في نفس الوقت الذي تكون أوروبا فيه تحت الثلج.

وأوضح أن: إسرائيل تصدر من الأغوار النباتات الطبية الطازجة والنباتات العطرية الطازجة والزهور، ولذلك فإن الأغوار مجدية اقتصاديا، حيث أن حوالي 11 ألف مستوطن ينتجون حوالي 800 مليون دولار.

ولفت مدير مجموعة الهيدروليجيين الفلسطينيين إلى أن الأمر الثاني هو أن "استراتيجية إسرائيل المائية لعام 2030" تقول وبشكل علني إن المياه الجوفية الموجودة في الضفة الغربية سوف تسخدم لتوسعة الاستيطان الحضري والصناعي والزراعي.. حيث يتم عمليا الآن التوسع الصناعي في سلفيت فيما يتم التوسع الزراعي في الأغوار، وخلص إلى أن جميع المياه المتاحة في الإغوار سوف تكون بخدمة التوسع الاستيطاني الزراعي.

وأشار إلى أن "استراتيجية إسرائيل المائية لعام 2030" تقول بوجود 12 محطة تحلية من البحر، 4 منها أنشأت و4 تحت الإنشاء و4 مخطط لها مستقبليا.

وبين أنه و في سنة 2025 سيكون هناك فائض عن حاجة إسرائيل بحوالي 220 ميلون متر مكعب، "ويقولون بالحرف الواحد إن زبائن هذه المحطات وعلى أسس تجارية سيكون الفلسيطينين." مشيرا إلى أن محطة عسقلان فعلا تبيع غزة الآن 5 ملايين متر معكب سنويا.

وفيما أشار إلى أن أسعار المياه في فلسطين هي الأعلى عالميا، أوضح د.عبدالرحمن التميمي أنه معروف في العالم أن المتر المكعب من استهلاك الماء يجب ألا يتجاوز 0.02 بالمئة من دخل المواطن، "ولكن نحن في بعض القرى بمنطقة الخليل تذهب حوالي 22 بالمئة من دخل المواطن لشراء المياه."

كما لفت إلى أن الأغوار تعتبر محطة طبيعية تنتج الطاقة الشمسية الرخيصة، وقال: بالتالي إسرائيل سوف تكمل موضوع المياه والطاقة والإنتاج الزراعي بأرخص الأثمان في الأغوار، وفي نفس الوقت تبيعها لأوروبا بأغلى الأثمان، وفي الوقت ذاته ستبيعنا الطاقة والمنتوجات.

ونوه إلى أن نتنياهو كان قد أشار مؤخرا إلى أن المزارعين الإسرائيليين كانوا مستأجرين حينما كانت تل ابيب قد استأجرت المغراقة في الأردن، ولكن هو الآن يقول نحن مستعدين أن نؤجر للفلسطينيين المزارعين ونبيعهم مياه كأي مستأجر، وخلص إلى أنه و"بالتالي فإن المستأجر الفلسطيني للاراضي في الأغوار سوف لن يكون قادرا مستقبليا على دفع أثمان المياه، وبالتالي سيهاجر طوعا."

وقال مدير مجموعة الهيدروليجيين الفلسطينيين "في تقديري بعد 3 أو 4 سنين من الضم -وهو مايجري عمليا على الأرض- سوف لن تكون هناك زراعة فسلطينية مروية في الأغوار."

وأضاف: كما أننا سوف نخسر فرصة هائلة جدا في إنتاج الطاقة الشمسية، وبالتالي سوف نصبح زبائن مياه وكهرباء لإسرائيل، وهذا ما هو موجود، حيث نشتري 100 بالمئة من طاقتنا من "شركة إسرائيل" و"شركة القدس" هي موزع فقط، يريدون أنص نصبح في المياه نفس وضعنا في الكهرباء!

كما ولفت التميمي إلى أن إسرائيل لديها مشكلة الاكتضاض السكاني داخل المدن، وبما أن الأغوار هي في أفضل حالة من حيث المناخ والاقتصاد من حيث جذب السكان إليها، فسوف يتم نقل سكان وبإغراءات كثيرة إلى الإغوار، هذا في حال أن ليس هناك سكان فلسطينيون كثيرون.

ماذا يخبىء شمال البحر الميت في عملية الضم؟

وفي جانب آخر من اللقاء لفت مدير مجموعة الهيدروليجيين الفلسطينيين إلى أن هناك ثلاث قضايا في شمال البحر الميت بعد الضم، وأوضح أنه وبعد الضم: سوف لن يكون لنا أي امتداد على نهر الأردن، حيث إذا كان لنا امتداد على شمال بالحر الميت بالقانون الدولي آنذاك سوف نكون شركاء في نهر الأردن لأنه يصب في البحر الميت وهو جزء منه، والضم سيحرمنا هذا الحق.

كما لفت إلى أن الضم سيحرم الفلسطينيين من فرصة اقتصادية للاستثمار في شواطىء البحر الميت كما يستثمر الإسرائيليون في السياحة وإنتاج الملح وغيرها.

وأضاف أن: الأمر المهم الآخر هو أن عدد كبير من الينابيع منها عين جدي والفشخة التي تعطي حوالي 200 متر مكعب يمكن اصطياد مياهها في سفوح الجبال قبل أن تتملح، وسنكون محرومين من هذا ايضا.

ونوه د.عبدالرحمن التميمي أنه و"في موضوع رؤيتنا لإدارة ملف المياه والأرض نحن أسيري اللحظة.. أي أننا نفكر باللحظة ولا نرى السياق التاريخي وإلى اين ذاهبة الأمور.. فنحن عندما وقعنا اسلو كان عدد سكان المستوطنين لا يتجاوز 150 ألف لكن الآن نحن نتحدث عن 800 ألف نسمة، وهذا واقع يجب الانتباه إلى التعامل معه."

وخلص إلى القول: إن الزمن في الذهن الفلسطيني -لا السياسي ولا حتى جزء من الخبراء- غيرموجود، والزمن يعني تغير مؤشرات، وللأسف إن تغير المؤشرات ليس في صالحنا.

واختتم التميمي إلى أن: "الشعب الفلسطيني بحاجة إلى منظومة تفكير مختلفة، عمودها الفقري أن الحركة الصهيونية تريد فلسطين كاملا، وبالتالي يجب أن تكون مطالبتنا بفلسطين كاملة."

شاهدوا الفيديو المرفق..