ما سر صمت السعودية على تطبيع الإمارات.. ولماذا تحدث كوشنر نيابة عنها؟

ما سر صمت السعودية على تطبيع الإمارات.. ولماذا تحدث كوشنر نيابة عنها؟
الأحد ١٦ أغسطس ٢٠٢٠ - ٠٥:٣٢ بتوقيت غرينتش

ما خلف صمت السعوديّة على تطبيع الإمارات العلاقات مع إسرائيل؟ ولماذا يتحدّث كوشنر بالنيابة عنها عن “سلامها الحتميّ” مع الدولة العبريّة؟.. هل لتهديدات إيران بتغيير التعامل مع أبو ظبي وحرق تركيا سفارتها في ليبيا أي تأثير في قرارها؟ وماذا يعني التنويه بأنّ القرار الإماراتي اتّخذ على انفراد وسياديّاً؟

العالم- الامارات

اتّخذت العربيّة السعوديّة، موقف الصّامت، والمُتجاهل حول ما يجري في شقيقتها الإمارات، وإقدام الأخيرة على سلامٍ كاملٍ وشاملٍ مع إلاحتلال، وهو ما طرح تساؤلات حول صمتها هذا، والذي قد يعني مُوافقتها، وقد يعني رفضها أيضاً، بالرغم من العلاقات الجيّدة التي تجمعها مع الإمارات، لم يصدر حتى بيان مُقتضب عن المملكة، يشرح من قريب أو بعيد موقفها من هذا التطبيع الإماراتي- الإسرائيلي.

الجميع بلا شك ينتظر الموقف السعودي من هذه الاتفاقيّة، وليس فقط موقفها، بل حتى إقدامها من عدمه على الخطوة ذاتها، حيث يرى البعض أنّ إقبال الإمارات على التطبيع، كان صادماً بعض الشيء، نظرًا لأن دعوات التطبيع الإعلاميّة، كانت سعوديّةً بالمقام الأوّل، وبعضٌ آخر يرى أنّ السعوديّة، قرّرت خوض التجربة من خلال الإمارات، والبناء عليه، وردّات الفعل.

مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، بدا وكأنّه اتّخذ موضع الناطق باسم الحكومة السعوديّة في ظل صمت الأخيرة تماماً، وقال بصيغة التأكيد، إنّ تطبيع العلاقات بين إلاحتلال، والسعوديّة، “أمر حتمي”، ويتحدّث مستشار دونالد ترامب أيضاً، عن دول أخرى مُهتمّة جدًّا بالمُضي قدماً، وهنا يُشير كوشنر إلى دول ترغب في السلام مع إسرائيل، يُقدّر مُعلّقون أن تكون البحرين، السودان، ويجري الحديث عن المغرب أيضاً.

صمتت المملكة أيضاً، ولم تُعلّق على تأكيدات كوشنر بسلامها الحتمي مع إلاحتلال، لا بالتأكيد، أو بالنفي، وهو ما يطرح تساؤلات حول حقيقة الموقف السعودي من السلام مع إلاحتلال، فالسعوديّة بالنهاية، هي صاحبة المُبادرة العربيّة التي أطلقها الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، والتي تنص على قيام دولة فلسطينيّة، وانسحاب إلاحتلال من جميع الأراضي العربيّة المُحتلّة مُنذ العام 1967، مُقابل اعتراف عربي وتطبيع علاقات مع إلاحتلال.

لم يتحقّق أي سطر من المُبادرة العربيّة، بل ذهبت إسرائيل، إلى خطّة الضم الأخيرة للضفّة الغربيّة، وغور الأردن، وحوّلت الدولة الفلسطينيّة إلى ممرّات، ومنزوعة السلاح، الإمارات يقول المُناصرون لخطوتها، وكأنها قدّمت مبادرة جديدة، تمنع خطّة الضم أو تجمّدها بالأحرى، وهو ما قدّمه الإعلام الإماراتي، بمثابة الإنجاز، ليبقى السؤال، هل تبقى السعوديّة مُتمسّكةً بمُبادرتها العربيّة، أم أنّ في جُعبة قيادتها الجديدة مُفاجآت جديدة، أو حلول وسط تجمع بين الرأي الإماراتي بالاتفاق مع إسرائيل، والرفض الفلسطيني له، فالموقف المُعلن للمملكة، الوقوف بجانب “الأشقّاء الفلسطينيين”، حتى قيام دولتهم المُستقلّة، وعاصمتها القدس الشرقيّة.

حاولت الإمارات فيما يبدو، الإيحاء بأنّ قرارها التطبيعي اتّخذ على انفراد، حين أكّدت أنه وليد “قرار سيادي”، وحرصت على تجنيب السعوديّة الإحراج، حين قالت إنه لم يتم التشاور حوله مع السعوديّة، والدول المُجاورة الأخرى، وهو ما قد ينسف الفرضيّات التي تقول إن قرار السعوديّة تابع للإمارات، أو العكس، والجدل المُثار حوله، هذا عدا عمّا يتردّد من أنباء وجود ضغوطات أمريكيّة على دولة خليجيّة أخرى مثل الكويت للتطبيع، جرى نفيها كويتيّاً، وتوضيحها أمريكيّاً، بالقول إنّ القرار سيادي ويعود للقيادة الكويتيّة.

إسرائيل، ورئيس وزرائه بنيامين نتنياهو، حاولوا خلط الأوراق الإماراتيّة، حين برّرت الأخيرة مرارًا وتكرارًا اتفاقها مع الدولة العبريّة التطبيعي، رغم ما حمله من صفة “قرار سيادي”، فنتنياهو سارع لنسف المُبرّر الذي دفع الإمارات للتطبيع، وقال إنه لم يتنازل عن خطّة الضم، فيما تتحدّث الصحافة الإسرائيليّة، وبعض من المسؤولين الفلسطينيين، عن التخلّي الإسرائيلي عن الضم، بدفع أمريكي، وقبل حتى الاتّفاق الإماراتي، على الأقل حتى ظُهور نتائج الانتخابات الأمريكيّة، واستبدال إنجاز صفقة القرن لترامب، بتحقيق السلام مع الإمارات أمام ناخبيه، وهو العاجز في جميع الملفّات الداخليّة، والخارجيّة.

زيارة المسجد الأقصى، والمُقدّسات، واحدة من الأمور التي اندفع إليها الإماراتيّون، في تبرير التطبيع مع إسرائيل، حيث هذا الاتفاق، يسمح للرحلات بين البلدين، وكان الأمر جليّاً، وسريعاً، حين سُمِح لمُراسلي القنوات الإسرائيليّة، التصوير في دبي، وخلفهم برج خليفة الشهير، وحديث أحد المُراسلين عن شُعوره، وهو أمام أحد أهم معالم دولة الإمارات القويّة، هذا المشهد كان قد حصل في العاصمة السعوديّة الرياض، حين استقبل أحد النشطاء السعوديين، إسرائيليين في منزله، وهي زيارة أثارت الكثير من الجدل، حول ظُروفها، ومدى رضا السلطات السعوديّة عنها، وإن كانت تهيئةً للسلام القادم بين البلدين.

السعوديّة اليوم بُحكم الواقع، أمامها الكثير من العقبات التي قد تمنعها من الإقدام على خطوة السلام، على عكس الإمارات التي وضعت نفسها في مرمى التهديدات الإيرانيّة، والتركيّة، بعد انفتاحها على إسرائيل، فعاهلها (السعوديّة) خادم الحرمين الشريفين، ويُمثّل رمزيّة دينيّة للكثير من العرب والمُسلمين، ومُنافستها مع إيران (الشيعيّة) وزعيمة محور المُقاومة والتي نجحت في إفشال المشروع الأمريكي في استمرار فرض حظر بيع السّلاح لها، وهي التي تدعم حركات التحرّر والكفاح بالسّلاح، والمال، هذا عدا أنها (المملكة) تخوض حرباً مع الذراع الإيراني في اليمن (أنصار الله)، والأخيرة تُعاديإلاحتلال، وستجد المزيد من الذرائع لقصف “الرياض المُطبّعة”.

ولعلّ تهديدات إيران، التي وصفت الاتفاق الإماراتي بالمُخز والخيانة بتغيير طريقة تعاملها مع الإمارات بعد التطبيع، إلى جانب حرق سفارة الإمارات في طرابلس ليبيا بإيعازٍ تركيّ، وتهديد الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان بسحب السفير، لهو مشهد كافٍ، لما سيكون عليه حال المملكة، هذا في حال افتراض رغبتها بالسلام، ليبقى السؤال الأقوى مطروحاً بين المُراقبين، ماذا استفادت الإمارات من هذا الاتفاق، لتستفيد منه السعوديّة من بعدها، يتساءل مراقبون.

خالد الجيوسي - راي اليوم