بومبيو من 'تل ابيب' للخرطوم.. مهمة فاشلة قبل بدء التنفيذ

بومبيو من 'تل ابيب' للخرطوم.. مهمة فاشلة قبل بدء التنفيذ
الثلاثاء ٢٥ أغسطس ٢٠٢٠ - ٠٣:١١ بتوقيت غرينتش

وصل وزير خارجية الولايات المتحدة الاميركية مايك بومبيو اليوم الثلاثاء السودان في اطار جولة اقليمية تستمر 5 أيام تشمل الإمارات والبحرين، لإقناع مزيد من الدول العربية بتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني في أعقاب خطوة الامارات.

العالم -كشكول

من الثابت ان هذه الزيارة هي الاولى لوزير خارجية اميركا الى السودان منذ 15 عاما، وهي أول رحلة طيران رسمية مباشرة من الكيان الاسرائيلي إلى السودان، حيث جاءت الزيارة رغم العقوبات الاقتصادية الاميركية المفروضة على هذا البلد ورغم وضع اسم السودان على لائحة الدول الداعمة للارهاب، منذ تسعينيات القرن الماضي..

نبذة تأريخية

**، تدهورت العلاقات بين واشنطن والخرطوم، بعد استقبال السودان على أراضيه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي عاش فيه من 1993 إلى 1996 قبل أن ينتقل إلى أفغانستان. وفي عام 1997 خُفضت العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى القائم بالأعمال. ولم يعد السفراء إلا في كانون الثاني/يناير، غير ان عزل البشير غيّر المعطيات. إذ قررت الحكومة الانتقالية الجديدة التي تشكلت في أيلول/سبتمبر 2019 بعد احتجاجات شعبية أنهت 30 سنة من حكم البشير، التقرب من الولايات المتحدة والعمل على إزالة السودان من القائمة الأميركية السوداء للدول المتهمة "بدعم الإرهاب".

** أشارت السلطات السودانية في مطلع آب/أغسطس الجاري إلى استعدادها "لمواصلة العمل مع الإدارة الاميركية لشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والدخول في علاقة شراكة تفيد البلدين".

** اليوم الثلاثاء 25/8/2020 قال بومبيو، أنه استقل أول رحلة رسمية مباشرة من "إسرائيل" إلى السودان، ضمن جولة يقوم بها في الشرق الأوسط، عقب التوصل إلى اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وتل أبيب، وقال في تغريدة على حسابه في موقع (تويتر): "يسعدني أن أعلن أننا على متن أول رحلة رسمية دون توقف من إسرائيل إلى السودان".

بومبيو تحت المجهر.. الاهداف والغايات

ذكرت "صحيفة واشنطن بوست" -نقلا عن 3 دبلوماسيين- أن جولة بومبيو من المتوقع أن تشمل الإمارات والبحرين وسلطنة عمان وقطر والسودان و"إسرائيل"،عمة خارطة، فيما اوضح مصدر اخر أن كوشنر سيزور كلا من السعودية والمغرب والبحرين وسلطنة عمان و"إسرائيل"، ما يشير الى ان التركيز الصهيوأميركي الاساس يتمحور حول الامارات والسعودية والبحرين وسلطنة عمان اضافة الى الفاعل الاساس "كيان الاحتلال الاسرائيلي"..

بغض النظر عن فبركات الاستثمار المتبادل وفذلكات الاقتصاد، الغاية واضحة من معالم نقاط الانتشار السياسي الدبلوماسي الاميركي الاسرائيلي وهي السيطرة على المياه الخليجية والتوغل الى عمقها الاستراتيجي اسرائيليا بقوة الدبلوماسية الطارئة".. "عسكريا وأمنيا" والتي وجدت محط أرجل لها وترحيبا مبيتا منذ امد بعيد من قبل حكام الدول الخليجية.

تحويلة فاشلة

الولايات المتحدة جاءت المنطقة بهدف اسقاط جمهورية ايران الاسلامية بعد محاصرتها من كل الجهات، اثر فشل عميلها صدام في اسقاطها على مدى 8 سنوات، مفتعلة شتى الذرائع والاعذار والمسببات للوصول الى المنطقة وقد فعلت.. احتلت افغانستان ثم العراق وبين ذلك تم بناء قواعد عسكرية ضخمة جدا في عيديد في قطر ودول خليجية اخرى ثم في العراق بعد احتلاله..

فشلت اميركا فشلا ذريعا في اتمام حصارها لإيران (360 درجة) منذ عهد بوش الابن حيث مرت الولايات المتحدة بظرف اقتصادي لا يحسدها عليه احد في الازمة المالية التي هددت حتى اوروبا في حينها، ما دفع الولايات المتحدة للتخفيف من تواجدها العسكري والاعتماد في تمرير مخططاتها على قوى اقليمية وخليجية ومحلية، كحرب السعودية لليمن وحرب التكفيريين بمساعدة تركيا لنفوذ التكفيريين والدواعش الى لسوريا ثم العراق.

اليوم.. الولايات المتحدة تريد التخلص نهائيا من ملف تواجدها العسكري المكلف في المنطقة بعد مرارة فشلها في الاعتماد على اقوى قوة همجية تكفيرية متوحشة جاءت بها من شتات الارض الى سوريا ثم الى العراق المتمثلة بعصابات جماعة "داعش" الوهابية التي تصدى لها ابناء العراق.. وكنسوها من ارضهم وطردوهم شر طردة.. ما دفع اميركا الى الانسحاب التدريجي مع تحويل ملفها الامني الى قوى خليجية وافليمية مع وجود الساند له المتمثل بـ"كيان لاحتلال الاسرائيلي"، انها تحويلة فاشلة بامتياز وبكل المقاييس قبل المباشرة في التنفيذ.. لاسباب كثيرة.. في مقدمها تجاهل الولايات المتحدة و"اسرائيل" والدول الخليجية التابعة لهما الدور الشعبي المقاوم الذي سيلفظهم بقوة من كل المنطقىة..

أميركا و"اسرائيل" وسياسة الجزرة والعصا الفاشلة

الجديد في امر التطبيع الاخير ان الولايات المتحدة الاميركية والكيان الاسرائيلي يعتمدان سياسة الجزرة والعصا مع الدول التي تسعى للتطبيع، اما للحصول على اسلحة ستراتيجية كالامارات.. بموازاة الاسلحة الاسرائيلية، وذلك حلم لن يتحقق مطلقا فامن "اسرائيل" اولوية استراتيجية حيوية في العرف الاميركي ولن تفرط الولايات المتحدة بهذا الامن الحيوي لاسرائيل، ولن تعطي الامارات (إف 35) مطلقا، او بحلم السودان رفع العقوبات الاميركية الاقتصادية ورفعها من لائحة الدول الداعمة للارهاب.

الى هذا المعني، غرد الناشط الاعلامي اللبناني حسن حجازي قائلا: ان الولايات المتحدة تقول: لن نرفع اسم السودان من لائحة الدول الداعمة للارهاب حتى لو أقام علاقات مع "إسرائيل"، والصهاينة يقولون لن نقبل بتزود الامارات بطائرات اف٣٥ مقابل التطبيع، مضيفا. ان هؤلاء لا يتركون ماءا في وجه من يتعامل معهم لأنهم يدركون أن العملاء لا كرامة لهم.

السودان مثالا.. المهمة الصعبة

دائما ما تواجه مخططات الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاحباط والفشل لقلة وعي الرجل الذي يتخذ قرارات ارتجالية بالاعتماد على مستشارين فاشلين اقل خبرة منه، كما نراه دائما في تعكر صفو تطور خطواته بملف كيان الاحتلال الاسرائيلي الذي تملى ابجدياته عليه من قبل شخص او اشخاص اقل وعيا وخبرة من نفس ترامب كصهره الصهيوني كوشنير.

السودان ليس الامارات، فتكميم الافواه سياسة اتبعتها الديكتاتورية القبلية الخليجية لا يمكن تطبيقها في بلد قام للتو بثورة ضد حاكم طال حكمه 3 عقود من الزمن، اضف ان السودان لا يحكمه شخص واحد بعد الثورة وتسنم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير مسؤولية حكم البلد الذي قاد الانتفاضة الشعبية السنة الماضية، باختصار شديد جدا أن الحكومة الحالية ليست مفوضة لتطبيع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي..

المجلس اعلاه عقد اجتماعا شارك فيه حزب الأمة، ثم اصدر بيانا جـدد فيه الموقف من قضية التطبيع مع الكيان المحتل باعتبار ان التطبيع ليس من قضايا حكومة الفترة الانتقالية المحكومة بالوثيـقة الدستـورية، كما أمّن البيان على حـق الشعب الفلسطينـي في اراضيه وحـقه في حياة حرة كريمة.

الكيان لم يرعوي رغم فشله السابق

أعلن رئيس وزراء الإحتلال بنيامين "نتن اسرائيل" بعد "اجتماع في شباط/فبراير جمعه مع الفريق البرهان في أوغندا"، قال إنهما اتفقا على "بدء التعاون الذي سيؤدي إلى تطبيع العلاقات بين كيانه الحتل ودولة السودان"، غير ان حكومة السودان نفت بعد ذلك تناول قضية "التطبيع" خلال اللقاء.

ودلالة على أن عملية التقارب هذه ستكون صعبة، أقيل المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية حيدر بدوي من منصبه بعد أن اعترف ضمنياً وبصورة مفاجئة في 18 آب/أغسطس بوجود اتصالات بين بلاده و"إسرائيل". ونفى وزير الخارجية السوداني حينها ذلك.

في غضون ذلك، رحب نتانياهو بتصريحات بدوي قائلاً إن "إسرائيل والسودان والمنطقة كلها ستستفيد من اتفاق السلام وستبني معًا مستقبلاً أفضل لجميع شعوب المنطقة".

زيارة بومبيو.. فاشلة بامتياز

التقى رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان بالوزير الأمريكي، وذلك في مكتبه بالقصر الجمهوري بالخرطوم، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء السودانية "سونا"، دون التطرق لتفاصيل أخرى، حيث جاء لقاء البرهان وبومبيو، بعد وقت قصير من اجتماع الأخير برئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك الذي طالب بفصل التطبيع عن العقوبات.

قال فيصل محمد صالح المتحدث باسم حكومة السودان، إن حمدوك طلب فصل تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" عن القرار الأمريكي بحذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقد ابلغ حمدوك بومبيو بأن الحكومة الحالية لا تملك تفويضا لاتخاذ قرار بشأن تطبيع العلاقات مع "إسرائيل".

واوضح صالح في البيان "حول الطلب الأمريكي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل أوضح رئيس الوزراء للوزير الأمريكي أن المرحلة الانتقالية في السودان يقودها تحالف عريض بأجندة محددة لاستكمال عملية الانتقال وتحقيق السلام والاستقرار في البلاد وصولا لقيام انتخابات حرة، ولا تملك الحكومة الانتقالية تفويضاً يتعدى هذه المهام للتقرير بشأن التطبيع مع إسرائيل، وأن هذا الأمر يتم التقرير فيه بعد إكمال أجهزة الحكم الانتقالي".