لبنان وآفاق الإدارة الفرنسية لملف الداخل

الأربعاء ٠٢ سبتمبر ٢٠٢٠ - ٠٨:٤٢ بتوقيت غرينتش

أكد وزير الخارجية اللبنانية الأسبق د.عدنان منصور أن لبنان مازال يعاني من تداعيات النظام الطائفي الذي أنشأته فرنسا قبل 100 عام،

وفيما رأى أن فرنسا ليست اللاعب الوحيد في لبنان شدد على ضرورة الأخذ بالاعتبار أيضا الدور الأميركي والذي لا يريد أن تضم الحكومة كل الأطراف اللبنانية بدون استثناء.

وفي حوار مع قناة العالم الإخبارية لبرنامج "مع الحدث" أشار الوزير عدنان منصور أن زيارة ماكرون تأتي في إطار العلاقات التاريخية اللبنانية الفرنسية، كما تزامنت مع مئوية لبنان الكبير، وأضاف أن: فرنسا هي التي أنشأت هذا البلد الكبير، ومن الصدف أن الدولة العلماينة الفرنسية هي التي أسست لنظام طائفي في لبنان.

وأكد قائلا: لا زلنا منذ مئة سنة ونحن نعاني من تداعيات هذا النظام الطائفي، على اعتبار أن هذا النظام لم يستطع أن ينشىء دولة مدنية، وأن يعزز الوحدة الوطنية في الداخل، وأن يجمع الشعب اللبناني كله في إطار قومي مشترك ورؤية مشتركة اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية، بل العكس وجدنا أن البلد ومنذ 100 عام يأخذ منحى مغايرا لما يجب أن يكون في لبنان، وأفرز هذا النظام مؤسسات طائفية على مختلف المستويات.

وشدد على أن الذي يستطيع أن يوفر لماكرون الضمانات بالإصلاحات هي الطبقة الحاكمة الآن والأحزاب السياسية التي تقبض على الدولة والمؤسسات، مضيفا: فهي التي عليها أن تقوم بالإصلاحات، فهناك ملفات كثيرة لا يمكن السير للأمام مع الإبقاء على هذه الملفات من دون أن نجد لها الحل المناسب.

وفيما رأى أن فرنسا لا تريد أن تتدخل مباشرة، إذا كان البيت اللبناني لا يريد التغيير والإصلاح، قال عدنان منصور: حتى الآن لا نستيع أن نعول على هذه الطبقة الحاكمة، فهي لم تخطو أي خطوة حتى الآن.

ونوه الوزير اللبناني الأسبق إلى أن: فرنسا ليست اللاعب الوحيد في لبنان، وعلينا أن نأخذ بالاعتبار أيضا الدور الأميركي، فالأوراق ليست كلها في يد فرنسا.

وأوضح أن ماكرون لم يختزل خلال زيارته فريقا على الساحة السياسية والتقى كل قادة الأحزاب بما فيها حزب الله، مضيفا: ففرنسا تريد حكومة في لبنان تضم كل الأطراف بدون استثناء، ولكن هل هذا هو نفس التوجه الأميركي أيضا؟ لا أتصور، فهناك تحفظ أو رفض أميركي لأي دور لحزب الله داخل المؤسسة السياسية اللبنانية.


من جانبه أكد الباحث بالعلاقات الدولية ماجد نعمة أن نظرة الرئيس الفرنسي إلى المشكلة اللبنانية كأنها مشكلة لبنانية فقط إنما هو خطأ، مشددا على أن إمانوئل ماكرون غير قادر على فرض نظام سياسي خاص على لبنان.

قال ماجد نعمة إن تركيبة النظام في لبنان إنما ليست من شأن فرنسا، ولا يجب أن يكون من اختصاصها، بل إنما هي قضية تخص الشعب اللبناني ولا أحد غيره.

وقال: "عندما أنشأت فرنسا لبنان في عام 1920 على أساس طائفي، وخاصة بعد الدساتير اللاحقة التي أنجزت آنذاك، كانت تعرف ماذا تريد أن تفعل، فهي كانت تريد إضعاف البلد."

وبشأن المواصفات التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي إمانوئل ماكرون خلال زيارته لبيروت بشأن النظام السياسي في لبنان قال ماجد نعمة إن ماكرون: بكل تأكيد لا يستطيع وهو أعجز من أن يفرض الدولة العلمانية في لبنان، فالمقاربة خاطئة من أساسها.

وأوضح أن: النظر إلى المشكلة اللبنانية كأنها مشكلة لبنانية فقط إنما هو خطأ، وكيف يمكن إن يدعو ماكرون إلى حل الأزمة اللبنانية -بكل تشعباتها- وهو طرف في صراع مثلا ضد سوريا؟

وقال إن ماكرون يرتكب مجازفة خطيرة جدا بأقواله، مبينا: فما قاله لا يقال مباشرة للأطراف اللبنانية، وقد سمعنا لغة التهديد، هو يقول لا يتدخل في شؤون لبنان، وفي نفس الوقت يطالب بدستور وميثاق جديد.

وفيما لفت إلى أن الحكومة اللبنانية لم تشكل بعد وأن هكذا قرارات لا تتخذ بمثل هذه السهولة، أشار إلى أن: هناك رئيس الجمهورية وصلاحياته المحدودة باتفاقية الطائف، وهذا ما يضعف السلطة على اتخاذ القرارات الجذرية.

وشدد ماجد نعمة بالقول: يجب على اللبنانيين أنفسهم أن يتداعوا لمؤتمر وطني تأسيسي لإعادة النظر بهذا المأزق الخطير الذي يمرون به.

وخلص إلى القول إن ماكرون يريد من زياته أيضا أن يحافظ على ما تبقى لفرنسا من نفوذ اقتصادي وسياسي في لبنان، لأن للبنان بات أكثر من خيار واحد، حيث جائت الزيارة بعد العروض الصينيية التي تقدمت بها بكين مؤخرا، إذ هي قادرة أيضا على تعويم الوضع الاقتصادي اللبناني.