ماسر ترميم منزل "لورانس العرب" بالسعودية وما علاقته بقلاع اليهود بخيبر؟

ماسر ترميم منزل
الأحد ٠٦ سبتمبر ٢٠٢٠ - ٠٤:١٧ بتوقيت غرينتش

هل تعتبر العربية السعودية “مطبعة” مع "إسرائيل"، سؤال ترفض الأوساط السعودية الإجابة عنه بنعم، فالسماح بمرور الطائرات الإسرائيلية الأجواء، لا يعني تطبيعا، وإنما تلبية لطلب “الشقيقة” الإمارات، فالمملكة أكدت على لسان وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان، تمسكها بالمبادرة العربية التي تنص على قيام دولة فلسطينية مقابل السلام، بالرغم من السماح لطائرات الدولة العبرية مرور أجوائها.

العالم- السعودية

لم ولن تتصافح الأيدي السعودية الرسمية، مع الإسرائيليين، هذا على الأقل إصرار بعض النشطاء على تفسير حالة الغموض التي تعيشها بلادهم، أمام حالة التطبيع الإماراتية، في البداية كان تفسير أولي سعودي للسماح بأول رحلة طيران مباشر بين تل أبيب- أبو ظبي، أنه تلبية لطلب أمريكي، وأن الطائرة كانت تحمل وفدا للحليف الأمريكي على متنها، على رأسه جاريد كوشنر، لم تمض ساعات للمفارقة، حتى أعلنت السعودية السماح لطيران دولة الاحتلال الإسرائيلي العبور، في مشهد يختصر على الإسرائيليين مشقة السفر، واستخدام طرق جوية بديلة.

وفي هذا التوقيت الحساس والتاريخي، وفيما تسلط العيون العربية والإسلامية على المشهد النهائي لخادمة الحرمين السعودية، وعلاقتها مع الدولة الصهيونية، إلى جانب خطبة لإمام الحرم عبد الرحمن السديس، تحكي التعامل مع اليهود، وفصل الولاء والبراء معهم، في خطوة دينية عدها معلقون تمهيدا للتطبيع، ها هي المملكة تعلن وبعد سنوات طويلة من الإهمال، “ترميم” منزل كان قد سكنه ضابط المخابرات البريطاني لورانس العرب توماس إدوارد في مدينة ينبع غربا.

الهدف من الترميم وفق تقرير لصحيفة “تلغراف” البريطانية، هو جذب السياحة للمنطقة، لا يبدو اختيار التوقيت عابرا بالنسبة لمتتبعي الدلالات التاريخية، والسياسية، ومحصورا بالسياحة فقط، فالسعودية دخلت في عصر الانفتاح منذ مدة طويلة، ومنحت التأشيرة السياحية، وبدأت بتطوير المعالم السياحية المحلية، وبيت الضابط البريطاني المذكور وفق منتقدين لا يجلب لتاريخها عناصر الجذب فيه، حيث كان “لورانس” مسؤولا عن تقسيمات سايكس بيكو التي لحقت بالدول العربية لاحقا، بعد قتال الدولة العثمانية، وهزيمتها في الحرب العالمية الأولى.

واللافت في اهتمام السلطات السعودية بترميم منزل الذي يعتبره البعض جاسوسا بريطانيا، نجح في خداع العرب، تحت عنوان الثورة العربية الكبرى، انتهت بتقسيم دولهم بين الفرنسيين، والبريطانيين، أن لورانس العرب، كان باعتبار الحليف الأساسي للشريف حسين، ودعمه في ثورته ضد العثمانيين، والشريف الهاشمي، هو الخصم اللدود، للملك السعودي المؤسس عبد العزيز، ونزاعهما التاريخي على مكة، بعد الحياد البريطاني المفاجئ، انتهى بتخليه عن العرش لابنه الملك علي بن الحسين، لكن جيش الإخوان بقيادة الملك عبد العزيز سيطر على الحجاز وضمها إلى مملكته، الحجاز، ونجد، وملحقاتها.

ووفق بعض المؤرخين، لم تكن شخصية لورانس العرب، من الشخصيات، التي دعمت قيام دولة عبد العزيز، وأساسها الديني القائم على العقيدة الوهابية، بل كان من الشخصيات التي حذرت من الملك عبد العزيز، وهو ما يطرح تساؤلات معلقين، حول سر اهتمام السعودية، بمنزل هذه الشخصية، وإن كان إعادة ترميم منزله، هو إعادة استحضار لشخصية ساهمت في هزيمة الدولة العثمانية، في وقت يعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى ماضي أجداده، ورغبته بالتوسع الجغرافي، حيث كانت يوما ما، إدارة الحرمين، تتبع للسلاطين العثمانيين، والعلاقات السعودية- التركية، ليست بأفضل حالاتها.

خطوة ترميم منزل لورانس العرب كما يرى مراقبون، قد لا تنتهي عند هذا الحد، وقد تكون خطوة تتبعها خطوة ترميم “حصون وقلاع اليهود” في خيبر، والتي كان يسكنها اليهود قرب المدينة المنورة، وللأسباب المعلنة ذاتها، وهي جذب السياحة للمنطقة، وقد يكون الإسرائيليون (اليهود) معنيون بالمقام الأول بزيارة تلك المعالم، التي تعود لأجدادهم.

وبحسب صحف سعودية محلية، تمنع السلطات السعودية زيارة معالم خيبر، وفور وصولك إلى هناك للزيارة، سيتم ضبطك، وتحويلك إلى الشرطة، ولا يمكن لأي شخص زيارتها، إلا بالحصول على خطاب رسمي، ومحاذير المنع هذه تجدر الإشارة إلى أنها مذكورة في تحقيق لصحيفة “عكاظ” منشور منذ خمس سنوات، ولعل هذه المحاذير ستتبدل، في حال التطبيع، أو على الأقل حصول السياح الإسرائيليين، على تأشيرة بجواز أجنبي للدخول للسعودية، وزيارة حصون الأجداد التي بقيت، فيما آثار النبي وصحابته، هدمت بفعل التوسعة للحرم المكي.

وكان نبي الإسلام محمد ص، قد اتخذ قرار غزو خيبر في الغزوة الشهيرة، بعد أن اتخذ اليهود منها مركزا للتأليب، والتشكيك بدعوة النبي محمد، وتحريض القبائل العربية عليه، وهو ما اضطره لغزوها السنة السابعة للهجرة.

*خالد الجيوسي - رأي اليوم