عقوبات واشنطن على وزراء لبنانيين.. تصويب ضد بيروت وباريس

عقوبات واشنطن على وزراء لبنانيين.. تصويب ضد بيروت وباريس
الخميس ١٠ سبتمبر ٢٠٢٠ - ٠٣:٣١ بتوقيت غرينتش

حين بدأ الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" تحركاته المكوكية وزياراته التي قام باثنتين منها وبقيت ثالثة قبل نهاية العام، اعطى انطباعا انه يحمل تفويضا دوليا بنكهة فرنسية بحكم ان باريس هي (الام الحنون) كما يحلو لها تسمية نفسها بالنسبة للبنانيين، لكن وقبل قيام ماكرون بزيارته الثانية الى لبنان كان ملفتا تصريح السفيرة الاميركية في بيروت "دوروثي شيا" حين سألت عن مبادرة الحل الباريسية حيث قالت ان هذه المبادرة شأن فرنسي.

العالم - كشكول

تصريح "دوروثي" كان يعني ايها اللبنانيون لا ترفعوا سقف توقعاتكم من تحركات الرئيس الفرنسي. وعليه كانت ردة الفعل الاميركية محط ترقب في الوسطين اللبناني والفرنسي. حتى اتى قرار وزارة الخزانة الاميركية بفرض عقوبات على وزير الاشغال السابق "يوسف فنيانوس" ووزير المالية الاسبق "علي حسن خليل". التبرير كان دعم الوزيرين لحزب الله وتقديم خدمات له من خلال منصبيهما كوزيرين كما زعمت الولايات المتحدة.

هناك عدة نقاط لا بد من الحديث عنها في هذا الموضوع..

= الوزيران فنيانوس وحسن خليل تعاملا مع حزب الله كحزب سياسي له شرعيته الشعبية والدستورية، وبالتالي كلام واشنطن عن ان تعاملهما مع الحزب هو فساد يعتبر تدخلا في الشؤون اللبنانية، خاصة وان الادارة الاميركية لها سوابق كثيرة جدا في التعامل مع اطراف غير شرعية وارهابية داخل الولايات المتحدة وخارجها.

= كان ملفتا كلام وزير الخارجية الاميركي "مايك بومبيو" الذي زعم بأن حزب الله يستغل النظام السياسي الفاسد في لبنان للبقاء على الحياة. وان من يساعده يساهم في تمويل الارهاب.

هذا الكلام يعني ان الموقف الاميركي يذهب في اتجاه مختلف تماما عن المقاربة الفرنسية للحل في لبنان تقوم عل ما يلي ..

اولا: الدفع باتجاه انتاج طبقة سياسية او هيكلية سياسية جديدة في لبنان يكون حزب الله خارجها كحزب سياسي ممثل في البرلمان ومنتخب من الشعب. واركان هذه الطبقة الجديدة هم الاطراف التي تحفظت على مبادرة ماكرون وربطت الموافقة عليها باستبعاد الحزب

ثانيا: استغلال الواقع الاقتصادي الصعب في لبنان لتمرير مشاريع واشنطن التي تستهدف اولا واخرا الحزب ومن خلفه بطبيعة الحال ايران والمحور الذي تقوده في المنطقة. ومن هنا جاءت العقوبات على الوزير حسن خليل كونه ينتمي لحركة امل الشريك الاساسي لحزب الله في المقاومة وفي السياسة.

ثالثا: محاولة اعادة تعويم القوى السياسية اللبنانية التي عاشت وتعيش على الرعاية الاميركية من خلال حلفاء واشنطن العرب الذين يغدقون الاموال لابقاء هذه القوى موجودة على الساحة السياسية رغم احتراق اوراقها منذ زمن.

وعليه فان ما ينتظر من الموقف الاميركي في المرحلة المقبلة هو التصويب اكثر باتجاه بيروت، عبر محاولة احباط ولادة الحكومة الجديدة والتي قطعت شوطا كبيرا في وقت قياسي بعد زيارة ماكرون، اضافة الى محاولة اعادة الامور الى ما قبل زيارة الرئيس الفرنسي الاولى. واعادة استلام زمام المبادرة من قبل واشنطن مع ما يعنيه ذلك من خطوات تخريبية قد تفوق تلك التي اتخذتها الادارة الاميركية في المرحلة السابقة.

يضاف لذلك سعي ادارة ترامب لعرقلة الانتقال الى مرحلة الصيغة السياسية الجديدة التي بشرت بها مبادرة ماكرون، حتى لا تمنح باريس فرصة الاحتفاء بانجاز حلحلة الاوضاع في لبنان. اقله حتى الانتخابات الاميركية المقبلة في ظل الوضع المترنح لترامب في استطلاعات الراي قبل اسابيع من الانتخابات.

ان تصويب واشنطن رصاصاتها التخريبية باتجاه بيروت وباريس قد يرجع الامور الى نقطة الصفر، وهذا يعني عودة التحركات المبنية على الفتنة والتحريض، وربما اكثر من ذلك. ومن الضروري في هذه المرحلة الاسراع في انتاج الحكومة الجديدة خاصة وان دعما دوليا يتوفر لها في المرحلة الراهنة بحكم الوعود التي اعطاها ماكرون.

حسين الموسوي