بين شروط إردوغان و'اسرائيل' المتبادلة.. مصالح مشتركة وحقوق مضيعة

بين شروط إردوغان و'اسرائيل' المتبادلة.. مصالح مشتركة وحقوق مضيعة
الثلاثاء ١٩ يناير ٢٠٢١ - ١١:٢٥ بتوقيت غرينتش

يقال ان سلطات الاحتلال الاسرائيلي وضعت جملة شروط بوجه تركيا إردوغان كي تعيد العلاقات بينهما كاملة، منها إغلاق مكتب حركة المقاومة الاسلامية "حماس" باسطنبول ووقف أنشطة الأسرى المحررين المرتبطين بـ"كتائب القسام".

العالم - يقال ان

هذا ما افاد به الموقع الالكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية نقلا عن مصدر دبلوماسي صهيوني الذي قال إن "أردوغان كان سيكون سعيدا جدا بعودة سفيرنا إلى أنقرة، لكن ما يهمنا هو نشاط حماس في تركيا" حسب تعبيره، ولذلك تشير التقديرات إلى أن "إسرائيل" ستطلب من تركيا إغلاق مكتب حركة المقاومة الاسلامية "حماس" في اسطنبول والحد من نشاطها كشرط لتطبيع العلاقات.

جوهر القضية

لا يخفى ان العلاقات التركية الاسرائيلية مر عليها حتى الان اكثر من 7 عقود إذ بدأت في عام 1949 كإعتراف دبلوماسي، وهي علاقة مستمرة متواصلة انتابتها "حالها حال الكثير من العلاقات الدبلوماسية"، حالات من "المد" و"الجزر" غير انها لم تتغير طبيعتها كعلاقات تحالفية استراتيجية ثابتة بين الطرفين.

من بين موجات الجزر ولو على مستوى "ذر الرماد في العيون"، ما وصلت اليه العلاقات الإسرائيلية التركية (إلى حدودها الدنيا) بعد حادث الغارة الاسرائيلية على أسطول غزة.. تلك "العملية العسكرية التي شنتها قوات الاحتلال الاسرائيلي ضد ست سفن مدنية من "أسطول الحرية لغزة" في 31 مايو 2010 في المياه الدولية في البحر الأبيض المتوسط"، قامت اثرها تركيا باستدعاء سفيرها وألغت مناورات عسكرية مشتركة ودعت إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي.

في حينها أشار أردوغان بشدة إلى الغارة على أنها "مجزرة دموية" و"إرهاب دولة (حسب اعتباره لها بانها دولة)"، وانتقد الكيان الاسرائيلي في خطاب ألقاه أمام الجمعية الوطنية التركية الكبرى التي عقدت نقاشًا حول ما إذا كانت ستفرض عقوبات على الكيان الإسرائيلي، وخرجت في النهاية ببيان ينتقد الهجوم باعتباره غير قانوني، ويطالب حكومة الاحتلال بالاعتذار ودفع تعويضات، ومحاكمة المتورطين، بينما دعا الحكومة التركية إلى إعادة النظر في العلاقات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي واتخاذ "اجراءات فعالة".

شروط اردوغان

أوضح إردوغان "قبيل زيارته لغزة التي كانت مقررة في أبريل 2013"، للصحيفة التركية "حريت" أن هناك ثلاثة شروط يجب أن تفي بها "إسرائيل" لاستئناف العلاقات الودية بين بلده وكيان "اسرائيل":

** الاعتذار عن الغارة.. ** منح تعويضات للأسر المتضررة من المداهمة.. ** رفع الحصار الإسرائيلي عن غزة..

دخل الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما على الخط التركي الاسرائيلي في 22 مارس 2013، اعتذر اثر ذلك نتنياهو عن الحادث في مكالمة هاتفية استمرت 30 دقيقة مع أردوغان، قائلا إن النتائج لم تكن مقصودة؛ وقبل رئيس الوزراء التركي الاعتذار ووافق على الدخول في مناقشات لحل قضية التعويضات.. هكذا..

آخر موجات المد في العلاقات الدبلوماسية بين تركيا و"اسرائيل"، كان في تعيين الدبلوماسية "إيريت ليليان" الخبيرة في الشرون التركية، التي كانت سفيرة الكيان الصهيوني لدى بلغاريا، كرئيسة للسفارة الإسرائيلية في أنقرة.

وحسب الموقع الالكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية، "لقد تم تعيينها لهذا المنصب في سفارة الكيان المحتل لفلسطين بأنقرة، كرسالة حسن نية من جانب هذا الكيان المصطنع بالمنطقة لزيادة الاتصالات الدبلوماسية مع تركيا، وفحص ما إذا كان من الممكن فتح صفحة جديدة في العلاقات" بين الطرفين.

إردوغان يمد يده لمصافحة خجولة.. ما الجديد؟ ولماذا الان؟

أفادت تقارير إسرائيلية قبل نحو شهر أن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، يسعى إلى الوساطة بين حليفتيه، "إسرائيل" وتركيا، في محاولة لإعادة العلاقات بينهما، و"شرع باتخاذ خطوات عملية" في هذا الاتجاه، فيما أعقب تعيين السفيرة "ليليان" تصريحات صحفية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكد خلالها أن "بلاده ترغب في علاقات أفضل مع إسرائيل".

الرغبة التركية هذه "التي افصح عنها اردوغان" في بناء علاقات "أفضل" مع الكيان الاسرائيلي جاءت في وقت ضغطت فيه اميركا وحكومة الاحتلال لتوزيع الادوار في مسرحية الاعتراف العربي المذل بهذا الكيان اللقيط، ودفعت بعدة دول عربية خليجية اضافة للسودان للتطبيع عسى ان يعطي ذلك شرعية دولية واقليمية لهذا الكيان المغتصب الذي اقترف جرائم حرب لا تعد ولا تحصى بحق الفلسطينيين اصحاب الارض التي احتلها بالقوة.

الملاحظ أنه رغم ابداء الاستعداد التركي للتقارب مع الكيان الاسرائيلي اشترطت حكومة الاحتلال هذه المرة جملة شروط منها كما اسلفنا (إغلاق مكتب حركة المقاومة الاسلامية "حماس" باسطنبول ووقف أنشطة الأسرى المحررين المرتبطين بـ"كتائب القسام")..

لا يخفى ايضا ان تركيا كانت ومنذ بدء احتلال فلسطين تقف الى جانب هذا الكيان، وكانت تتعاون بشكل وثيق معه استخباراتيا وعسكريا واقتصاديا، وهذا هو أحد اسباب القوة التي كانت تتمتع بها "اسرائيل" ولا تزال والتي بواسطتها تمكنت من الحاق الهزائم المتتالية بدول العرب دولة تلو الاخرى.

قراءة ما بين السطور..

يرى متابعون للشأن التركي ان هدف اردوغان الاساس من التقارب مع الكيان الاسرائيلي هو توقيع اتفاقية تحديد حدود المنطقة الاقتصادية المحصورة بين تركيا و"اسرائيل" بالبحر، ومثل هذا الاتفاق يخفف من التوتر بين تركيا والكيان الاسرائيلي، ويكون على حساب قبرص واليونان، لان هذا المنطقة حتما ستأكل من المنطقة الاقتصادية لقبرص اليونانية واليونان.

وفي السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي الخبير بالشأن التركي بركات قار، أن تصريحات اردوغان في هذه الفترة لها معان كبيرة محلية واقليمية، مشيرا الى ان العلاقات بين تركيا والكيان الاسرائيلي لم تنقطع ابدا، لكن كانت هناك ملفات عالقة حول قضايا كثيرة، وكان هناك تخفيض بالعلاقات الدبلوماسية فقط، الا ان التجارة مستمرة بل انها تضاعفت.

الخارطة السياسية للمنطقة توزعت فيها الادوار واتلمصالح وتسعى "اسرائيل" بقوة لضمان مصالحها في المنطقة ومنها بناء علاقات قوية مع دول التطبيع العربي وعدم خسارة عمقها الاوروبي وتوظيف تركيا لجعلها قدوة للتطبيع لمن لم يطبع بعد اضافة لتصفية المقاومين الفلسطينيين واخلاء الساحة التركية منهم والاهم من كل ذلك اضعاف الدولة السورية من خلال دعم الجماعات المسلحة، في شمال سوريا لاضعاف حكومة الرئيس السوري بشار الاسد كما يقوم الكيان الاسرائيلي بنفس الدور بدعم الجماعات المسلحة بشكل مباشر في جنوب سوريا.

السيد ابو ايمان