العالم - خاص بالعالم
وفي حوار خاص مع قناة العالم الإخبارية لبرنامج "ضيف وحوار"، وبسؤال حمادي الجبالي، وحول دوره في جهود الوساطة للملمة الوضع الداخلي لحركة النهضة وفيما يتعلق بالشأن العام في تونس، وموقعه من حركة النهضة:
قال حمادي الجبالي:" قدمت استقالتي من حركة النهضة منذ ما يقارب الست سنوات، وكانت الاستقالة لاسباب واضحة، وهي كيفية إدارة حركة النهضة ولدي تحفّظات كبيرة، فيما يخصّ الديمقراطية داخل النهضة والشورى، والسياسات داخل البلاد في التحالفات، وما يسمى بالوفاق أو التوافق، وكان لدي تحفظ أيضا.
وأشار حمادي الجبالي إلى انه لم تكن إدارة النهضة حتى اليوم كما عهدتها، منذ انتمائي إليها، وانا ما زلت خارج حركة النهضة ومستقيلا منها، لأسباب مازالت قائمة.
وبسؤال الجبالي حول إطلاقه المبادرة فيما يخص تطيق الخلاف الذي وقع بداخل حركة النهضة بين زعيم الحركة راشد الغنوشي ومن معه وما سمي بمجموعة المئة الذين يعارضون أساسا قيام رئيس الحركة بترشح جديد من أجل ولاية ثالثة على رأس حركة النهضة، فما هو مصير هذه المبادرة؟
شدد حمادي الجبالي أنه من الصعب التحدث عن المبادرة لأنني لم أبادر، بل دعيت من طرف رئيس الحركة راشد الغنوشي والفرقاء الآخرين، وجميعهم تقريبا من أجل بذل الجهد لبناء الحركة ولإعادة إنقاذها إن صح التعبير.
وأشار الجبالي إلى أنه :"بعد اجتماعنا قمت بتقديم المقترحات التي كانت واضحة وصريحة ومكتوبة ويجب أن يكون الرد مكتوباً أيضاً، إلا أنني لم أتلق أي رد، وهذا شيء سيىء، لأنه عندما يتقدم شخص بمقترحات ويطلب الرد على تلك المقترحات والنتيجة عدم الرد والصمت، فهذا مؤشر سيىء، وبالتلي لم أتلق رداً لأن المحتوى لم يعجب راشد الغنوشي، وكان المقترح واضح، والأساس هو البناء الديمقراطي داخل حركة النهضة".
وأضاف حمادي الجبالي:"إن الشورى داخل النهضة ضربت، وغابت تماما، وبالتالي لا سبيل الى التمديد، فالمكتب التنفيذي هو السلطة الوحيدة داخل الحركة، ويدار بالشورى، وان خيار اختيار المكتب التنفيذي أن يتم بمعيار الكفاءة، وكل ذلك يجب أن يذكّر بما كان من قبل، فبالشورى تؤخذ القرارات، وإن قرارات المكتب التنفيذي تعتبر نافذة، ولا يوجد أي قرارات أخرى، ولا تدخل في شأن الحركة من أي كان، وكذلك تحضير المؤتمر بأن يكون واضحا شفافا ديمقراطيا، ولدخول المؤتمر يقترن بعدم تمديد الرئاسة".
وأوضح الجبالي :"تبدو تلك المقترحات قد رفضت تماما بأسلوب لا يعتبر جيداً، ولا بد من الرد عليه".
وحول السيد راشد الغنوشي والذي سبق وان عبّر إعلاميا أنه سيحترم نظام حركة النهضة، ولن يسعى الى تغييره، وأنه لن يترشح لولاية ثالثة، لماذا برأيكم؟
أجاب الجبالي:"لا أريد الدخول في التفاصيل، لأنني أعتبر انه لم يتغير شيء في المواقف، لأنه مع الأسف طغت المصالح الشخصية، والفئوية، وقد سبق وأن قلت لجميع من قابلتهم" لم أعد أرى مشروعا ما يسمى بمشروع النهضة"، لأنني رأيت مشاريعاً شخصية، ومصالحاً شخصية، وهذا لا يبني حركة، لأن الحركة تبنى على النضال، والمناضلين وشعار المناضل يعطي ولا يأخذ، والآن هو العكس".
وحول فيما إذا لازال النضال موجودا لدى حركة النهضة حتى اليوم؟
بيّن حمادي الجبالي :"أشك في ذلك كثيرا، فهذه الحركة حركة مناضلة، قامت على الشورى، على الديمقراطية التي دخلت في أحلك ظروفها، ونحن نحمل أحكام الإعدام ونناضل من أجل نصرة الحرية في الداخل، واصبحت اليوم تدعو الى التمديد وغيره، ولا تسود الديمقراطية فيها، وتعتبر الحركة اليوم الرافعة الوحيدة في المجتمع التونسي، وحتى تكون رافعة لابد وان تصلح نفسها قبل أن تصلح غيرها، وهنالك شوط كبير لقطعه من أجل إصلاح الحركة، وإلا ضاعت".
في رسالتكم الى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وصفتم ما يحدث داخل حركة النهضة اليوم بـ" المحنة "، وهذه الكلمة ارتبطت اساساً، بما تعرضت له حركة النهضة زمن الديكتاتورية، لماذا استدعيتم هذه الصفة اليوم، هل هي واقعية وهل وصل الأمر إلى المحنة؟
اعتبر حمادي الجبالي أن:"محنة السجون ومحنة المعاناة هي أخف علينا من تلك المحنة، حيث أن محنة اليسر هي أخف من محنة العسر، وان الحبيب بورقيبة و زين العابدين بن علي، قد تكسرت شوكتهما على صخرة صمّاء، داخل الحركة واسمها "وحدة القيادة ووحدة الحركة" والآن بأنفسنا وأخشى أن يصدق فينا قول الله عز وجل (( يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ )) صدق الله العلي العظيم.
وفي جانب آخر اعتبر حمادي الجبالي :"من الغريب والشعب التونسي من مآسي ويعاني الإحباط وكل شيء، ونحن كما كان نداء تونس في انشغال، ومن اشتغل بالمناصب وبالمصالح فأين مشاغل المواطن البسيط الذي لديه شغل ولا مأوى من هذه القضايا؟!
وفيما إذا كان قد تحوّل راشد الغنوشي الى مصدر خلاف أو الى العائق أمام أي إصلاح حقيقي داخل حركة النهضة؟
قال الجبالي :"للأسف نعم وقلت له يا أخي الكريم، أنت رئيس حركة، ورئيس الحركة هو كالأب، لايمكن أن تكون طرفاً، فهل رأيت أب داخل عائلته يكون طرفا ضد أحد أبنائه، فلا يمكن لقائد أو رئيس حركة أن يكون طرفاً. فلم يقم بالإجابة على الاطلاق مع الأسف".
وأوضح حمادي الجبالي في المبادرة، على تفاصيلها، أن جوهر الخلاف القائم بين الأطراف الفاعلة في الحركة يدور حول مسألة التمديد من عدمه لرئيس الحركة لدورة جديدة في المؤتمر القادم.
واعتبرالجبالي أن:" التوضيح في هذه المسالة ضروري جدا لإيقاف نزيف التجاذبات التي انتقلت لوسائل الإعلام، وتساهم كل يوم في تردي صورة الحركة وصورة رئيسها، وتستنزف الرصيد المعنوي من رأس مال الحركة الذي عرفت به في الأوساط الداخلية والخارجية، وتحولت هذه المسألة الخلافية إلى مادة إعلامية وجب العمل على إنهائها والحسم فيها".
وأوضح الجبالي:"من مقتضيات ذلك، أن يعبر رئيس الحركة عن التزامه بتطبيق جميع فصول القانون الأساسي للحركة وعدم نيته تغيير أي فصل فيه، وأن المؤتمر القادم سيحدد مستقبل الحركة وأي تغيير يقره سيحترم مبدأ عدم الرجعية في تطبيقه".
وطالب الجبالي في مبادرته بمنح الأمين العام الجديد صلاحيات حقيقية في تشكيل المكتب التنفيذي والأجهزة التابعة له، وإعداد جدول أعماله بالتنسيق مع رئيس الحركة وإدارة جلساته ومتابعة تنفيذ قراراته، مع الالتزام في تركيبته باحترام مبدأ الكفاءة أولا وقبل كل شيء، واعتبار مختلف وجهات النظر والمقاربات السائدة، من دون أن ينزلق ذلك التمشي إلى ضرب من ضروب المحاصصة بين مجموعات الرأي داخل الحركة.
واقترح الجبالي في نص المبادرة مكتبا تنفيذيا يجمع أغلب الشخصيات التي تقف على هذا الجانب أو ذاك، من بينها علي العريض رئيسا للمكتب السياسي، وعبد اللطيف المكي رئيسا لمكتب الصحة والشؤون الاجتماعية، ونور الدين البحيري رئيسا لفضاء الحكم، ورفيق عبد السلام رئيسا لمكتب الدراسات والاستشراف، وسمير ديلو ناطقا رسميا باسم الحركة، وغيرهم.
وبخصوص مستقبل الغنوشي، يرى حمادي الجبالي أن من عوامل نجاح المهمة الموكلة إليه وإصلاح الوضع وتجاوز الأزمة التوافق حول الدور المستقبلي لرئيس الحركة، مؤكدا أن هذا الدور يقر بأهميته الجميع من دون استثناء، ولكنهم يختلفون في توصيف دائرته وحدوده وتحديد الموقع الملائم الذي تتحقق من خلاله الأغراض المنشودة.
وكانت قد تعددت المبادرات في حركة النهضة التونسية من أجل وضع حد للخلافات والاستقالات التي طاولت الحركة في الفترة الأخيرة.
وكان قد اعتبر رئيس الحركة راشد الغنوشي، أن الأحزاب كلها في تونس تشهد خلافات، معربا عن يقينه من تجاوز هذه الأزمة واستيائه في نفس الوقت من خروجها إلى وسائل الإعلام.
وبخصوص قضية ترشحه لرئاسة الحركة مجددا، وهو الموضوع الخلافي الأبرز مع معارضيه، قال الغنوشي إنه لم يعلن لحد الآن عن نيته في الترشح، وأن للحركة مؤسسات وقوانين يجب احترامها كاملة، وأن مؤتمر الحركة هو سيد نفسه مثل بقية مؤسسات الحركة، وهو ما لا ينفي نيته الترشح ولا يؤكدها في نفس الوقت.
للمزيد من التفاصيل إليكم الفيديو المرفق..
ويتم مناقشة موضوع الحلقة من برنامج " ضيف وحوار" مع ضيف الحلقة :
- حمادي الجبالي رئيس الوزراء التونسي الأسبق
التفاصيل في الفيديو المرفق ...