كتاب فرنسي عن زنا المحارم يُعري الثقافة الغربية

كتاب فرنسي عن زنا المحارم يُعري الثقافة الغربية
السبت ٢٠ فبراير ٢٠٢١ - ٠٤:٥٣ بتوقيت غرينتش

كثيرا ما كنا ومازلنا نسمع، كلام ادعياء الثقافة من ابناء جلدتنا من المتغربين، من ان الثقافة والتقاليد الاسلامية، هي ثقافة مغلقة وتقاليد متزمتة، تتنافى مع الطبيعة الانسانية، فهي تزيد من معاناة الانسان وتراكم عقده النفسية، عندما تضع حدودا "مصطنعة" بين الرجل والمرأة، على عكس الثقافة الغربية التي لا تضع حدودا امام العلاقة بين الرجل والمرأة، وهو ما يؤدي الى خلق مجتمع متزن خال من العقد النفسية، التي لا يمكن ان توجد في ظل الانفتاح والتحرر من اي قيود.

العالم كشكول

من كثرة سماعنا لهذا الكلام، بات البعض منا يحاول ان يتشبه بالغربيين، حتى لا يُتهم بانه مريض نفسيا ومُعقدا، فهو يسعى بالظهور بمظهر من لا يؤمن بإي حدود للعلاقة بين الجنسين، فإيمانه بهذه الحدود سيعتبر دليلا على انه يعاني من مرض نفسي، لذلك سيكون شعاره الانفتاح دون قيود على الجنس الاخر، ليثبت ايمانه بالثقافة الغربية وبحداثيته وتقدمه ووصوله الى قمة الحضارة الانسانية.

اليوم نسمع اصواتا تصل الينا من هذا الغرب "المتمدن"، تتحدث عن اشياء تتناقض جذريا بما يخبرنا به ادعياء الثقافة لدينا، عن العلاقة بين الرجل والمرأة وحدود هذه العلاقة، وآخر هذه الاصوات كان كتاب "العائلة الكبيرة" للكاتبة الفرنسية كاميّ كوشنير، الذي فجر فضيحة "زنا المحارم" في فرنسا، وخاصة في محيط النخبة الفكرية، الامر الذي جعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، يقرر ان يلقي خطاباً متلفزاً في هذا الشأن ، عقب القضية التي أثارها الكتاب.

كتاب المحامية الفرنسية كاميّ كوشنير، أحدث زلزالاً فور صدوره، وهو يتصدر مذاك قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، لأنه يكشف عن ظاهرة مخيفة، وهي ظاهرة زنا المحارم، ومدى انتشارها داخل المجتمع الفرنسي. والمعروف ان كوشنير هي ابنة الناشطة النسوية وعالمة السياسة المعروفة إيفلين بيزييه والوزير الفرنسي السابق وأحد مؤسسي جمعية "أطباء بلا حدود"، برنار كوشنير.

تتحدث كوشنير في الكتاب ، عن اغتصاب زوج أمهما، أوليفييه دوهاميل، وهو نائب اشتراكي أوروبي سابق ورئيس "المؤسسة الوطنية للعلوم السياسية" العريقة، لشقيقها التوأم فيكتور، وكان في سن الرابعة عشرة. وكتبت تقول :"ثمة تابوهات انتُهكت بلا رادع. وداخل هذه "العائلة الكبيرة" التي لم تكن تؤمن بأي حدود أو محظور لسلوكها".

وحول عدم وجود حدود او محظور في العلاقة بين الجنسين داخل المحيط التي تربت فيه كوشنير وهو محيط أثرياء يعيشون داخل حلقة مغلقة وفقاً لقوانينهم الخاصة، وبالحد الأدنى من الأخلاق. حيث ترسم صورة لمحيط والديها وأصدقائهما وتحصي عاداتهم في نهاية الستينيات، وهي حقبة كانت الحدود التي تفصل بين الإغواء والاعتداء الجنسي فيها ضبابية في فرنسا، وكان الراشدون يتعاملون بكثير من الحرية مع أطفالهم، وبلا خجل. وفي هذا السياق، تستحضر الميول الرومنطيقية الثورية لأمها ولشبكة علاقاتها، ومواقفها التحررية واستهزائها بالأخلاق الكاثوليكية التقليدية، معرية بيئتها غير الصحية وغير المناسبة لأطفال ومراهقين صغار، حيث كان التعري أمام الآخرين مسألة طبيعية، والكبار يغازلون بعضهم بعضاً أمام الصغار ويشجعونهم على التمثل بهم، والانفتاح على الجنس كشرط للنضج، ومن لا يمتثل لذلك كان يخضع للسخرية من الآخرين. وحين حاولت كوشنير يوماً لفت انتباه أمها إلى أن زوجها دوهاميل كان يتحرش بشكل مكشوف برفيقة صديق لها، كان جواب الأم "النكاح حريتنا"!.

السطور الاخيرة التي اقتطفناها من الكتاب، الذي تحدثت فيه كوشنير عن محيط النخب السياسية الفرنسية، هو بالضبط ما حذر منه علماء الدين والاخلاق في جميع الاديان السماوية ومنها الدين الاسلامي، الذين لطالما حذروا من تجاهل الحدود والاعتبارات بين الرجل والمرأة ، بل وبين افراد الجنس الواحد، كما يروج له الغرب، فهذا التجاهل سيساهم في دفع الانسانية الى الانحدار للمستوى الحيواني، بل الى ما هو اكثر انحدارا من المستوى الحيواني، وهذا ما شاهدناه عندما تجاوز الانسان العلاقة الجنسية الطبيعية بين البشر الى العلاقة الشاذة كما عند المثليين ، والتي قام الغرب بشرعنتها، حتى وصلنا اليوم الى زنا المحارم، وهو زنا ، تأنفه حتى بعض الحيوانات.