حوار القاهرة الثاني بين المأمول والمُتاح

حوار القاهرة الثاني بين المأمول والمُتاح
الثلاثاء ١٦ مارس ٢٠٢١ - ٠٣:٤٠ بتوقيت غرينتش

مع اقتراب الربيع هل سيزهر بيان مارس ؟ أم أن برودة بيان فبراير ستمتد الى أوراق البيان الثاني !! ساعات تفصلنا عن النتيجة لكن المعطيات قد لا تدفع كثيرا للتفاؤل ، ففي حوار الفصائل الفلسطينية في فبراير علت سقف التوقعات ثم باغتنا البيان الختامي بصيغة خجولة حيث اكتفى بالإعلان عن الانتخابات التشريعية وتفاصيلها .. ثم نقطة آخر السطر ، على أن يُكتب السطر التالي منتصف مارس في حوار جديد رُحِّلت إليه كافة القضايا الخلافية التي يعتبر واحد منها كفيل بتفجير حقل من الألغام .

العالم - قضية اليوم

وها نحن اليوم في قلب مارس حيث غادرت الفصائل الفلسطينية أرضها لتلتقي على أرض الكنانة حيث يحمل كل فصيل أجندته ويلتقط كل منهم أنفاسه لأن الحوار هذه المرة ستُبنى عليه المواقف وستُحَدَد من خلاله البوصلة وسيعود كل فصيل ليعرف الى أين سيسير بمركبه السياسي، ولكن ما وصل لأسماعنا قد يدفعنا للتكهن بأن هذا الحوار قد لا تفتح فيه السلطة الفلسطينية كل النوافذ لتمر منه نسائم الاتفاق على برنامج وطني موحد أو حتى الاتفاق على الأسس التي تُمكن من إعادة بناء منظمة التحرير ، وبعض ما دفعنا لعدم التفاؤل في هذا الجانب هو تصريح هشام كحيل المدير التنفيذي للجنة الانتخابات المركزية الذي قال بأن لجنة الانتخابات ستشارك في اجتماع الفصائل الذي سيعقد في السابع عشر من الشهر الجاري في القاهرة، وستركز في نقاشها على "أمن العملية" الانتخابية بشكل أساسي, وهو ما يفسر توجه السلطة للحوار في القاهرة للترتيب للانتخابات فقط وقد سبق ذلك تصريحات من حركة الجهاد الاسلامي عبرت فيها عن خشيتها من عدم تجاوز نقاط الخلاف في البرنامج السياسي لاسيما وأن لديها محددات كانت قد أعلنت الحركة أنها على أساسها ستخوض انتخابات المجلس الوطني ولكن يبدو أنها قد علمت بشكل مسبق بأن الملفات الهامة لن تُناقش في هذا الاجتماع وإن نوقشت فباب التوصل لنقاط التقاء ليس مفتوحا على مصراعيه وأن السلطة ستبقى تدور في فلك العموميات حتى تصل الى يوم الحسم في الانتخابات التشريعية ومن ثم يفرض المنتصر شروطه ، ولكن هذا الطرح لا ينسجم مع الفصائل الفلسطينية ، لذلك تبقى الخشية من انفجار الأوضاع قبل مايو هي الأقرب للتقدير ، وهو ما لا يتمناه أي فلسطيني ولكن تجارب الحوار السابقة تُبقي الشك أمام أعين الفلسطينيين إلا إذا كان الرهان هو على التغيرات الدولية في عهد بايدن فالسلطة يبدو أنها تراهن على الضغط الدولي والاقليمي والعربي والذي قد يكون ممر أمانها للوصول لصندوق الاقتراع لكنه لن يكون أمانها للفوز لاسيما في ظل حالة الانقسام التي تشهدها حركة فتح إلا اذا حدثت مفاجآت على غرار الخدع الانتخابية التي قد تُستخدم كورقة أخيرة .. وأياً كانت النوايا فإن الأهم هو أن حوار القاهرة هذه المرة إن أتى ببيان خجول يعيدنا لمربع الحد الأدنى من التوافق فهذا يعني أننا ذاهبون باتجاه إدارة الانقسام وليس انهائه والصدام بين البرامج السياسية قد يُبقي القضية الفلسطينية تراوح مكانها ، بل إنه قد يتسبب في تراجعها فالانتخابات جزء من الحل لكن في غياب الديموقراطية الكاملة في كافة الملفات ربما تتحول الانتخابات التشريعية إلى سوط على رقاب الفلسطينيين الذين يتوقون للعودة لبرنامج سياسي وطني تحرري لمواجهة الاحتلال بقلب رجل واحد .

إسراء البحيصي