تشكيلة ميقاتي.. مهمة صعبة وليست بالمستحيلة!

تشكيلة ميقاتي.. مهمة صعبة وليست بالمستحيلة!
الثلاثاء ٢٧ يوليو ٢٠٢١ - ١٠:٢٨ بتوقيت غرينتش

حصل رجل الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي على أغلبية أصوات النواب اللبنانيين خلال المشاورات البرلمانية ليوم أمس الاثنين لتكليفه بتشكيل حكومة جديدة في هذا البلد.

العالم - كشكول

الرئيس المكلف نجيب ميقاتي سبق أن ألف حكومتين في لبنان؛ الأولى مؤقتة بين نيسان/أبريل وتموز/يوليو 2005، والثانية من حزيران/يونيو 2011 حتى آذار/مارس 2013، أكد خلال لقائه الرئيس ميشال عون ان مهمة تشكيل الحكومة اللبنانية صعبة والمهمة تنجح إذا تعاون الجميع، لذا اكد انه سيقوم بتشكيل الحكومة وفق المبادرة الفرنسية لمصلحة لبنان واقتصاده.

النقطة الاساسية التي اكد عليها ميقاتي هي تعاون الجميع معه، وذلك شرط نجاح الحكومة في وقت لم يجمع البرلمان على التصويت له وقد حصل على 73 صوتا من أصل 118 نائبا مقابل 42 صوتا لم تُسمِّ، وصوت واحد للسفير اللبناني السابق نواف سلام.

وضمن المؤشرات اعلاه فقد سمت ميقاتي الكتل النيابية (التنمية والتحرير، الوفاء للمقاومة، المستقبل، القومية الاجتماعية، الوسط المستقل، اللقاء الديمقراطي، التكتل الوطني، بالإضافة إلى النوّاب: جهاد الصمد، جان طالوزيان، ميشال ضاهر، إدي دمرجيان، عبد الرحيم مراد، عدنان طرابلس، إيلي الفرزلي وتمام سلام)، مقابل كتل لم تسمّ أي شخصيّة (كتلة الجمهورية القوية و لبنان القوي، ضمانة الجبل، كتلة النواب الأرمن، بالإضافة إلى النوّاب: فيصل كرامي، الوليد سكرية، أسامة سعد، شامل روكز، جميل السيد)، أمّا النائب فؤاد مخزومي فسمّى نواف سلام، مع غياب النواب (طلال أرسلان، نهاد المشنوق، مصطفى الحسيني) عن استشارات النوّاب.

الكتل النيابية التي التقاها رئيس الجمهورية ميشال عون الاثنين، أجمعت على الاسراع بالتشكيل وان تعمل الحكومة الجديدة على التعجيل في معالجة القضايا الحياتية والمعيشية، الامر الذي اكده الرئيس عون أمام كل الكتل التي التقاها أنه سيقوم بكل الجهود للإسراع بتشكيل الحكومة.

السؤال الذي يطرح في ذهن كافة المتابعين للشأن اللبناني هو مدى نجاح الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في هذه المهمة الصعبة التي تحاول خيوط محلية واقليمية ودولية استثمارها للحد الاعلى من الاستثمار لتكون ضمن سياقات أجندة وسياسات ترتأيها دول حريصة على مستقبل الكيان الاسرائيلي أكثر من حرصها على لبنان وما هي العوامل او العوائق الفعالة والمتداخلة في هذا المجال؟ والاهم من ذلك هو مدى قدرة نجيب ميقاتي على تشكيل الحكومة اللبنانية واخراج لبنان من الفراغ السياسي ومدى قدرته على رسم ملامح النجاح لمسيرته التي وصفها خلال لقائه الرئيس ميشال عون بانها مهمة صعبة وانها ستنجح إذا تعاون معها الجميع.

إن العامل الأهم في نجاح الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في تشكيل حكومة جديدة قبل المؤتمر اللبناني الدولي الذي تبنته فرتسا في 4 آب/أغسطس (الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت) هو ضرورة إخراج لبنان من الفراغ السياسي وتعيين رئيس وزراء وحكومة، في وقت يواجه فيه هذا البلد انهيارا اقتصاديا يراه البعض انه ارباك مفتعل نزولا عند اجندة اقليمية ودولية ترتأي احباط لبنان وشعبه سياسيا واقتصاديا وخدميا الى الدرجة التي وصفها البنك الدولي بان ما يمر به لبنان من ازمات هو واحد من بين ثلاث أشد أزمات في العالم منذ 1850.

انها نفس الاجندة التي دفعت سعد الحريري رئيس الحكومة المكلف السابق الى الانسحاب والاعتذار عن تشكيل حكومة جديدة في منتصف تموز/يوليو الجاري بعد رجوعه من فرنسا، رغم الضغوط الدولية التي مارستها بشكل خاص فرنسا على السياسيين اللبنانيين ودفعهم باتجاه تشكيل الحكومة، انها الاجندة السعودية التي عززت فشل القوى السياسية اللبنانية في تأليف حكومة منذ 11 شهرا، وتحديدا منذ استقالة حكومة حسان دياب إثر انفجار مرفأ العاصمة في الرابع من آب/أغسطس 2020، حيث كانت معارضة السعودية السبب الرئيسي لاستقالته من مجلس الوزراء ولم يتمكن من الحصول على الضوء الأخضر منها.

كما لم تؤدي الضغوط الدولية التي مارستها بشكل خاص فرنسا على السياسيين اللبنانيين إلى دفع عجلة تشكيل الحكومة، فيما اشترط المجتمع الدولي تأليف حكومة اختصاصيين تنفذ إصلاحات جذرية، في مقابل المساعدات المالية.

العقبة السعودية لازالت قائمة امام تشكيل حكومة نجيب ميقاتي، وأن إزالة هذه العقبة مرهون بمدى قدرة السياسيين اللبنانيين على اقناع السعودية وشخص محمد بن سلمان، وايضا على مدى قدرة فرنسا على اقناعها بتشكيل الحكومة خصوصا بعد ان فقدت فرنسا وجودها في سوريا ونفوذها الذي اكتسبته من خلال اتفاقية "سايكس بيكو"، وايضا بسبب العنتريات السعودية واثارة الضطرابات والحروب والنعرات الفتنوية الدموية في هذا البلد.

الطريق الصحيح الذي يتوجب على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي السير فيه هو تشكيل حكومة ذات مصداقية قانونية وخاضعة للمساءلة لملء الفراغ السياسي دون أي تأخير، حكومة قادرة على التعامل مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الشديدة التي يواجهها لبنان، ولابد من تعاون جميع القادة السياسيين اللبنانيين معا لتأسيس حكومة ذات مصداقية وكفاءة لصالح الشعب اللبناني.

السيد ابو ايمان