"غلاء الأدوية"..معضلة تهدد النظام الصحي في المغرب

الثلاثاء ١٤ ديسمبر ٢٠٢١ - ٠١:٢٠ بتوقيت غرينتش

رغم التدابير التي تقول الحكومة المغربية انها اتخذتها من أجل خفض أسعار الأدوية في الثمانية أعوام الأخيرة، إلا أنها تعتبر مرتفعة، خاصة بالنسبة للفئات التي لا تتوفر على تغطية صحية.

العالم - المغرب

ويعتبر ارتفاع أسعار الأدوية من التحديات التي ستواجه تعميم الحماية الاجتماعية، حيث يراد تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وإحداث نظام للمعاشات الخاصين بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يمارسون نشاطا خاصا.

ويذهب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، إلى أن من بين العوامل التي تجعل أسعار الأدوية مرتفعة مقارنة بالقدرة الشرائية للأسر ما يعزى إلى الضريبة التي تصيب الأدوية.

وأوضح الخراطي في تصريح لـ" العربي الجديد"، أن الضريبة على القيمة المضافة التي تطبق على الأدوية تصل في المغرب إلى 7 في المائة، حيث تصيب السعر النهائى الذي يؤديه المستهلك.

ويلاحظ أن غلاء الأدوية يعزى كذلك إلى كون المختبرات التي توفرها في المملكة، تستورد جميع حاجياتها من المادة الأودية المتدخلة في تصنيع الأدوية، ما يساهم في ارتفاع كلفة الإنتاج.

وكان مدير عام الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، عبد العزيز عدنان، قد أوضح أن من بين التحديات التي يواجهها تعميم الحماية الاجتماعية، التي من بينها التأمين الصحي الأساسي، مستوى ما ينفقه المغاربة من أجل الأدوية، حيث اعتبره مرتفعا جدا.

وذهب في ندوة حول الحماية الاجتماعية والنموذج التنموي في الأسبوع المنصرم، إلى أن من غير الطبيعي أن يؤدي المغربي ثمن الدواء بثلاث أو أربع مرات ما يبذله المواطن الفرنسي، الذي يتوفر على قدرة شرائية مرتفعة بسبعة أضعاف.

وكان تقرير برلماني حول المنظومة الصحية بالمغرب، أوصى في المضي بإعفاء الأدوية من الضريبة على القيمة المضافة، ما من شأنه تخفيف الأعباء التي تتحملها الأسر من أجل الاستشفاء.

وشدد التقرير على غلاء الدواء في السوق الوطنية، مقارنة ببلدان مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا.

ودأبت السلطات العمومية في الثمانية أعوام الأخيرة على خفض أسعار الأدوية عبر تحديد أسعار جديدة للعموم وخلق نوع من الانسجام بين القواعد المطبقة على الأدوية المصنعة محليا والمستوردة.

وأفضى خفض الأسعار إلى تراجع هوامش أرباح الصيادلة، فيما طالبت مختبرات بإعادة النظر في أسعار بعض الأدوية التي يعتبرون أسعارها منخفضة كثيرا.

وقد أدى القرار الذي اتخذ منذ 2013 إلى خفض أسعار أكثر من 3000 دواء، غير أن ذلك خفض نشاط الصيادلة بنسبة 20 في المائة، فيما اعتبر صناعيون أن أسعار الأدوية المنخفضة جداً تؤثر على مردودية نشاطهم.

وعمدت الدولة في الوقت نفسه إلى إعفاء بعض الأدوية الموجهة لمعالجة بعض الأمراض مثل السكري والسرطان والكبد، وكذلك بعض اللقاحات من الضريبة على القيمة المضافة.

كان تقرير برلماني حول المنظومة الصحية بالمغرب، أوصى في المضي بإعفاء الأدوية من الضريبة على القيمة المضافة، ما من شأنه تخفيف الأعباء التي تتحملها الأسر من أجل الاستشفاء.

ويعتبر الباحثان بمختبر البحث في البيوتكنولوجيا الطبية، نوفل لواتي ورشيد الجوادي، أن ضعف الولوج إلى الأدوية في المغرب لا يفسر فقط بأسعارها التي تعد مرتفعة، بل كذلك بعدم شمول التغطية الصحية وعدم التكفل ببعض الفئات الفقيرة، بسبب الموازنة المخصصة لهذا القطاع.

ويعتبر الباحثان في المختبر التابع لكلية الطلب والصيدلة بالرباط في دراسة مشتركة لهما، أنه يتوجب على الدولة التدخل من أجل معالجة النقص المالي الذي يحول دون تطور قطاع الصحة والولوج للعلاجات بالنسبة لفئة واسعة من الساكنة.

ويريان أن الأدوية والتجهيزات الطبية لا تستفيد سوى بنسبة 26.2 في المائة من نفقات النظام الصحي الوطني، وهو ما يفسر في تصورهما النقص الذي يسجل في بعض المستشفيات العمومية في التزود داخلياً بالأدوية.

وتفيد البيانات الرسمية بأن من إجمالي الإنفاق في المغرب على الصحة تتحمل الأسر 60 في المائة منه، حيث تبذل تلك النسبة من أجل الاستشفاء والأدوية، علما أن تلك النسبة تفوق ما توصي به منظمة الصحية العالمية التي تحددها في ما بين 10 و25 في المائة.