تصفية زعيم الارهاب 'القرشي'.. على من تضحك أميركا؟

تصفية زعيم الارهاب 'القرشي'.. على من تضحك أميركا؟
الجمعة ١١ فبراير ٢٠٢٢ - ٠١:١٥ بتوقيت غرينتش

هي المسرحية الامريكية المتواصلة التي تُنهي فيها، حياة حلفائها واتباعها عند الحاجة، مسرحية يستل فيها الرئيس الامريكي، والذي يترنح في اضعف فترات حكمه، ويعاني الفشل السياسي على المستوى الداخلي والخارجي، يستل ورقة تحمل اسما دسماً، ومطلقا ما اسماه عملية للمارينز الامريكي، والمنطقة المستهدفة هي بلدة اطمة في ريف ادلب شمالي سوريا، اي على بعد حجر من الحدود مع تركيا، ليقتل زعيم داعش. 

العالم - كشكول

لا تستغربوا هي الولايات المتحدة الامريكية التي في نفس اليوم الذي قتلت فيه الزعيم التكفيري، كانت تنقل عناصره بالمروحيات الى الحدود العراقية وقاعدة التنف، وهي ذاتها واشنطن التي تحاول ان تتوزع ارباح انزال ادلب، مع دول داخل الاقليم وخارجه، والاستمرار بذريعة محاربة "داعش" كغطاء لتواجده في المنطقة، والاستمرار بوجود الحاجز الجغرافي بين سورية والعراق.

القرشي زعيم "داعش" الذي قتل، هو احد الارهابيين القادمين من خلفية امنية، بحسب سيرته الذاتية، ولا يملك كاريزما القائد الاستراتيجي ولا حتى عقليته، كل في فترة توليه زعامة "داعش"، حالة اشكالية جدلية داخل التنظيم الارهابي، وبعد استلامه لقيادة التنظيم، اعاد ترتيب الهيكلية القيادية في التنظيم بعقلية امنية، وضيق الدائرة حوله، واكتفى بشخصيات عراقية الجنسية، منهم شقيق البغدادي المدعو عواد البدري، وابو محمد المصري وابي هاشم الجزراوي ونايف حمد شياع، بالاضافة الى ابو حمزة القرشي الناطق باسم التنظيم الارهابي، واغلب هؤلاء قادمين من سجن بوكا الامريكي، ما يعني ان الجميع كان تحت نظر وتوجيه المخابرات الامريكية، وان ما جرى هو تحضير لمرحلة مقبلة، لا تخص فقط مناطق تواجد "داعش" في الصحراء السورية والعراقية بل يمتد حتى ادلب، والعلاقة مع جبهة النصرة وابو محمد الجولاني.

إن ما يحضر له الامريكيين في المنطقة، يتجاوز عملية انزال في ادلب، وقتل زعيم "داعش"، وانما هي مرحلة جديدة، تنطلق من حاجة الامريكي والاسرائيلي الى تنظيم جديد، والدليل على ذلك، انه بعد مقتل البغدادي، تحول "داعش" من تنظيم مركزي تحكمه مكاتب وولايات وقادة على الارض، الى تكتيك الذئاب المنفردة واللامركزية، اي انتقل من تركيز قوته العسكرية والامنية في نطاق جغرافي، الى التبعثر في زواية جغرافية اوسع، ومحاولة تشتيت الخصم، وبعد مقتل القرشي، يعتقد ان التنظيم يتجه نحو الية جديدة، يحاول من خلالها السيطرة على الخلايا المنتشرة في اماكن عدة، والتي اصبحت توازي التنظيم الام ضمن قوة عسكرية وامنية تعتمد اللامركزية في عملها، وبالذات ما يجري في افغانستان، ما يعني ان "داعش" قد يلجأ في الفترة المقبلة، الى توسيع دائرة عمل اجنحته في مختلف بقاع العالم، واطلاق اعمال ارهابية لا تخضع لموافقة التنظيم المركزية، ويساهم في نشر الرعب اكثر، واستقطاب ارهابيين جدد، ومن المرشح ان تشهد مناطق مثل افغانستان وباكستان نشاطا ملحوظا للتنظيم، ذلك بسبب رغبة الامريكي زيادة الفلتان الامني في وسط وشرق اسيا، في مواجهة الصين.

اما في سوريا، فأن المرجح في الفترة المقبلة ان تشهد "داعش" حالة صراع داخلي، تصل الى الانشقاقات، مع تصاعد طموح قادة التنظيم من الصف الثاني والثالث، بعد استبعادهم بشكل واضح من قبل القيادات العراقية، ما يعطي المخابرات الامريكية فرصة لاعادة احياء بعض القيادات التكفيرية، ومسميات تنظيمية، للاستفادة منها في المرحلة المقبلة، مثل جماعة جند الله الارهابية، واعادة التوتر الامني والعسكري في مناطق البادية السورية ودير الزور والحسكة والرقة وريف حمص، حيث شكلت بادية دير الزور والرقة البديل لـ"داعش" منذ عام 2017، بعد خروجه من الباغوز واتخاذها مخبأ لخلاياه، وتركزت اوكار "داعش" في عمق الصحراء السورية، في جبل البشري في الجنوبي الشرقي للرقة، والدفينة في جنوب غرب دير الزور، والمناطق الصحرواية الممتدة من تدمر والسخنة من الغرب ومنطقة 55 كيلو من الجنوب، ومحطة الضخ T2 من الشرق، وتساعد طبيعة المنطقة الجغرافية بتضاريسها التنظيم على التخفي في المخابئ الطبيعية من جبال وكهوف، فضلا ً عن اتساع المساحة، التي قد تزيد عن أربعة آلاف كيلو متر مربع، وقد سعت خلايا التنظيم إلى تعزيز وجودها في ريف دير الزور الشرقي وفي مناطق شاسعة بالبادية السورية.

ان انزال ادلب ومقتل زعيم "داعش"، يفتح الباب واسعا امام تساؤلات عديدة، حول ما هو الشكل القادم للتنظيم الارهابي، وما هي الابواب الخلفية التي ستستخدمها الولايات المتحدة الامريكية لاخراج الارهابين منه، بصيغة مختلفة، القادم من الايام سيجيب على تلك الاسئلة، لكن الثابت الاكيد، ان هذا التنظيم بعد سيطرة الجيش السوري على البوكمال، لن تحاول كل وسائل الانعاش في عودته الى الحياة.