اوكرانيا وتداعيات الأمن الغذائي العالمي.. هل تكتسح المجاعة الارض؟

اوكرانيا وتداعيات الأمن الغذائي العالمي.. هل تكتسح المجاعة الارض؟
الثلاثاء ٠٨ مارس ٢٠٢٢ - ٠٨:٢٣ بتوقيت غرينتش

يقال ان اوروبا وعموم الدول الغربية تعيش حاليا حالة من الفزع خوفا من تداعيات إقحام رؤوسها في معضلة حرب قد تكون بواطنها نووية على الأغلب تحرق الأرض وتهلك الزرع والضرع.

العالم - يقال ان

التخوف تحديدا في احتمالية ان تتسبب الحرب في بعثرة الموارد الاستراتيجية للطاقة وتعطيل خطوط امداد (النفط والغاز) اضافة الى بعثرة السلة الغذائية للعالم وخصوصا (القمح) الامر الذي قد يتسبب في مجاعة عالمية تكتسح دول العالم باجمعها في ظرف استثنائي تزايد معه النمو السكاني اضعافا مضاعفة عما كانت عليه اعداد السكان في الحربين العالميتين الاولى والثانية.

تشابه كبير بين مسببات الحرب العالمية الثانية وهذه الحرب الدائرة رحاها اليوم في شرق اوروبا، من حيث الاطماع البشرية والتمدد على حساب بلدان اخرى ما يضعضع الخارطة الجيوسياسية للعالم.

من بين الأسباب التي أدت لاندلاع الحرب العالمية الثانية كان الغزو الذي ابتدأته ألمانيا لبولندا في 1 سبتمبر 1939م، إضافة إلى إعلان بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا في 3 سبتمبر 1939م، واليوم تدور احداث الحرب في نفس المنطقة تقريبا لما لهذه المنطقة من اهمية استراتيجية تفوق التخيل من ناحية الثروات الطبيعية والطاقة بمكوناتها الجيولوجية ومشتقاتها التي تستخرج من جوف الأرض.

اسعار النفط الى اين؟

مع عبور أسعار النفط الخام سعر الـ 100 دولار للبرميل اثر انتشار القوات الروسية في منطقتين انفصاليتين بشرق أوكرانيا، قد يشهد العالم أحد أسوأ السيناريوهات على الإطلاق على غرار ما حصل خلال أزمة السبعينيات، حين تم إعاقة إمدادات الغاز الطبيعي والنفط والمواد الخام الأخرى، في وقت يرتفع فيه الطلب العالمي عليها.

في هذه الاثناء حذرت روسيا من تصاعد مخاوف تنبئ باندلاع حرب على الطاقة بين روسيا والغرب بعد أن دفعت الولايات المتحدة حلفاءها إلى حظر واردات النفط الروسية عقابا لموسكو.

وقد أجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن امس الاثنين اتصالا عبر الفيديو مع زعماء فرنسا وألمانيا وبريطانيا، ودعاهم إلى دعم حظر واردات النفط الروسية، وشددت اليابان عقوباتها اليوم الثلاثاء إذ جمدت أصول 32 آخرين من مسؤولي روسيا وروسيا البيضاء والمسؤولين التنفيذيين لشركات تربطها علاقات وثيقة بالحكومة.

بالمقابل حذرت روسيا من أنها ربما تُقدم على وقف تدفق الغاز عبر خطوط الأنابيب من روسيا إلى ألمانيا ردا على قرار برلين الشهر الماضي وقف افتتاح خط أنابيب "نورد ستريم 2"، حيث تمد روسيا أوروبا بـ40% من احتياجاتها من الغاز.

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك أمس الاثنين إن من حق روسيا اتخاذ قرار مماثل وحظر ضخ الغاز عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1"، محذرا من أن أسعار النفط قد تزيد لأكثر من مثليها إلى 300 دولار للبرميل إذا حظرت الولايات المتحدة وحلفاؤها النفط الروسي.

وحامت أسعار النفط اليوم قرب أعلى مستوياتها في 14 عاما، فيما أكد نوفاك أنه من المستحيل التعويض بشكل سريع عن إمدادات النفط الروسي إلى السوق الأوروبية من مصدر بديل وحذر من أن "ذلك سيستغرق عدة سنوات وسيكون أغلى بكثير على المستهلكين الأوروبيين الذين سيكونون الضحايا الأوائل لمثل هذا السيناريو".

الفزع يلف اوروبا والعالم

ليس صعباً أن نلحظ حالة الفزع التي تعيشها أوروبا، والغرب عموماً، فهذه أول حرب مباشرة منذ الحرب العالمية الثانية، بين الدول الغربية الكبرى، وعادة ما تتصارع الدببة والصقور في الحروبعلى الموارد مثل النفط والغاز والقمح، وتعتبره سلاحا أساسيا في المعركة.

وزير الزراعة الألماني جام أوزدمير اعلن في بيان اليوم الثلاثاء، ان "إمدادات الغذاء آمنة في ألمانيا والاتحاد الأوروبي، ولكن يمكن توقع المزيد من النقص في بعض الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي - خاصة في المناطق التي يرجع النقص فيها حاليا إلى قضايا مثل الجفاف". . مشيرا الى "إنها القواعد"، وملمحا في الوقت نفسه االى أن "ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية لا يمكن استبعاده في الدول الصناعية".

المانيا التي تتراس هذا العالم مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى (مجموعة الاقتصادات السبعة المتقدمة في العالم)، قررت ان تستضيف قمة لوزراء الزراعة لهذه المجموعة الصناعية الكبرى لبحث تأثير الأزمة الأوكرانية على الأمن الغذائي، ولمناقشة تأثير العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا على الأمن الغذائي العالمي وكيفية تحقيق الاستقرار في أسواق الغذاء على أفضل وجه، إذ يمكن لأزمة أوكرانيا أن تعطل الإمدادات الغذائية العالمية.

المشكل الاساس.. أين؟

اساس المشكلة ابتدأها الغرب الاوروبي واميركا اللذين هددا بجر اوكرانيا الى معسكرهم الغربي ما دفع الروسي بالشعور بتهديد الأمن الغربي له عبر اوكرانيا، لذا باغت الروسي اوكرانيا للدفاع عن امنه القوميا ولدفع الخطر عن روسيا، لكن أين أصبحت اوكرانيا؟.. الان بحسب تقدير الغرب بحاجة إلى 500 مليار دولار من أجل إعادة بناء ما دمرته الأحداث في اوكرانيا..لمصلحة من؟ لمصلحة السياسات الامنية التي تحرك وتحرض الأمور باتجاه استخدام اوكرانيا والقوى السياسية والسلطة في اوكرانيا لتهديد أمن روسيا.

انه امر يتماشى مع أهواء اميركا وتعزيز مصالحها في هذه المنطقة الحيوية الغنية بامدادات القمح الذي يصدر لمختلف انحاء العالم. والغاز الروسي الذي يغطي اوروبا، ومع احتدام الصراع والتوتر غير المسبوق بين روسيا والغرب، ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا بشكل ملحوظ في الاسبوعين الاخيرين، لاسيما بعد إعلان ألمانيا تعليق المصادقة على تشغيل مشروع الغاز "نورد ستريم 2"، وتأكيد مسؤولين أميركيين أن هذا الخط لن يعمل أبدا.

في هذه الاثناء حذر خبراء في السياسة والزراعة من أن الصراع الروسي الأوكراني سيتسبب في اضطرابات قد تعصف بتجارة القمح، ويمكن أن تتسبب في زيادة أسعاره العالمية بين 10% و20% او حتى اكثر مع اطالة مدى الازمة.

ان أزمة اليوم ذات أبعاد تتجاوز حدود أوكرانيا، فالعالم قد انقسم الى قسمين اثنين قلَّ فيه المحايدون الذين تسعفهم حظوظهم المستقبلية بأخذ موقف النأي عن ما يدور في الغرب.

دول العالم انقسمت اليوم بين مؤيد للاطماع الغربية الاميركية في الاستحواذ على اوكرانيا وجعلها سكينة نووية في خاصرة روسيا مدينا روسيا ومتبنيا عقوبات عليها طمعا بالعطف الاميركي المستقبلي خصوصا وان اميركا كانت تراقب مثل النسر في (تصويت الجمعية العمومية للامم المتحدة على قرار إدانة الاجتياح لأوكرانيا)، تراقب الدول المؤيدة لها او التي لم تصوت على ادانة روسيا، وبين من يعول على روسيا من خلال رؤية متزنة تاخذ بعين الاعتبار مجريات واقع الاحداث المفتعلة اميركيا وغربيا بتحريك اوكرانيا ودفعها لأن تكون رقما تنمريا نوويا عدوانيا جديدا مجاورا لروسيا، التي اعلنت في "تصويت الجمعية العمومية"، انها ترصد المواقف الدولية ولن تنسى او تتناسى تلك المواقف المصطفة الى جانب المعسكر الاورواميركي.

السيد ابو ايمان