اوكرانيا.. المتغطي بالأميركان والغرب والناتو عُريان

اوكرانيا.. المتغطي بالأميركان والغرب والناتو عُريان
الثلاثاء ٠٨ مارس ٢٠٢٢ - ٠٤:٥٠ بتوقيت غرينتش

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ينس ستولتنبرج" حث موسكو اليوم الثلاثاء، على إنهاء الأزمة مع وفي اوكرانيا متعهدا بعدم السماح لروسيا الانتشار أكثر مما وصلت اليه وان حلفه الاطلسي يتحمل مسؤولية ضمان عدم تصعيد الصراع وانتشاره خارج أوكرانيا، وسيحمي ويدافع عن كل شبر من أراضي حلفائه.

العالم - كشكول

تصريحات "ستولتنبرج" جاءت بعد تداعيات معنوية محبطة اطلقها الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" اليوم الثلاثاء في مقطع فيديو تم نشره على التلغرام، اتهم خلاله الغرب بعدم الإيفاء بـ"وعوده" التي اطلقها وقطعها بشأن حماية أوكرانيا من الهجمات الروسية، قائلا "نحن نسمع وعودا منذ 13 يوما، يقولون لنا إنهم سيساعدوننا جويا وإنه ستكون هناك طائرات وإنهم سيسلمونها إلينا.

واقع الامر ان الناتو والغرب والولايات المتحدة يمرون حاليا بفترة قلق عصيبة ومرحلة خوف ورعب من انتشار رقعة الحرب الى خارج اوكرانيا ومن تداعيات اخرى تطال المنطقة رغم انهم هم من اشعل فتيلها بشيطنة اوكرانيا واعطاء وعود تسليحها لتكون دولة نووية قريبة من قلب الدب الروسي.

"زيلينسكي" شخص هذه الحالة بدقة وحمل الغرب الذي لم يحمِ الأجواء الأوكرانية والذي لم يتمكن من اتخاذ قرار لمدة 13يوما مسؤولية التداعيات الامنية و(سقوط ضحايا)، واتهمه بالخوف من التصدي لروسيا قائلا: "الإنسانية التي يجب أن تسود في عواصم العالم، يجب أن تنتصر على الخوف"، مطالبا بإنشاء منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، لكن هذا الخيار تم استبعاده بشكل قاطع من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

التردد والخوف والهلع من انتشار رقعة الحرب الى دول حلف الناتو دفع اوكرانيا للمبادرة بعيدا عن الناتو والولايات المتحدة الاميركية والغرب بالمبادرة لاجراء لقاء ومحادثات مباشرة بين "زيلينسكي" و"بوتين"، حيث قال وزير الخارجية الأوكراني "دميترو كوليبا" يوم امس الاثنين في تصريحات بثها التلفزيون على الهواء مباشرة، "إن بلاده تريد إجراء محادثات مباشرة بين الرئيس "فولوديمير زيلينسكي" ونظيره الروسي "فلاديمير بوتين" لأن كييف تعلم أن "بوتين" هو صاحب القرار في موسكو".

الاذعان الاوكراني بان الحل والربط لتداعيات الازمة كله في قبضة الرئيس الروسي الممسك بها بقوة وان الغرب ومعه الولايات المتحدة وحلف الناتو لا ينفعون سوى في التاجيج الفارغ والوعود الرنانة الجوفاء، الامر الذي دفع الرئيس الأوكراني للتصريح "بحسب بعض المواقع الاخبارية العربية نقلا عن وكالة فرانس بريس"، بالقول بانه لم يعد مهتما بالانضمام للناتو الذي يخشى المواجهة مع روسيا، وان "الوفد المفاوض يمكنه ان يجري التفاوض على كيفية تعايش القرم وجمهوريتي الدنباس معنا واجراء المصالحة معهم"!، وهي اشارة "ان صحت" اميركية تحمل في طياتها معاني الرضوخ للمطالب الروسية!

ماذا في جعبة اميركا؟

ليس هناك ما يعزز ويدعم الموقف الاوكراني ويحثه على الثبات اكثر في تصريحات الولايات المتحدة التي اختصرت توقعاتها على أن تكون الحرب طويلة الأمد، وهو ما يعتقده وزير الخارجية الأميركي "أنتوني بلينكن" الذي يرى في تصريح له خلال جولة أوروبية بأن النزاع في أوكرانيا "قد لا ينتهي قريبا"، كما ان جُلّ ما اعلنت عنه الولايات المتحدة هو ابرازها استعدادها لمساعدة كييف على المقاومة" وانها حريصة في الوقت نفسه على إبقاء النزاع محصورا في هذا البلد وتفادي انتشاره بشكل يتسبب بنشوب "حرب عالمية ثالثة، وهو نفس المعنى الذي صرح به "ستولتنبرج" بتعهده بعدم السماح لروسيا الانتشار أكثر مما وصلت اليه وان حلفه يتحمل مسؤولية ضمان عدم تصعيد الصراع وانتشاره خارج أوكرانيا.

الاكثر من ذلك ان واشنطن تحرص وتتعمد على ابقاء اوكرانيا منزوعة السلاح الاوروبي الغربي وتحذر من ان تسليم الأسلحة الغربية لأوكرانيا قد يصبح أكثر تعقيدا، واكثر من ذلك انها مترددة في خيار تسليم اوكرانيا السلاح الشرقي من دول اوروبا الشرقية اليها كتقديم مقاتلات روسية الصنع من بولند، وذلك ما تسعى اليه كييف حاليا كحد ادنى يعزز قدراتها القتالية على اعتبار أن الطيارين الأوكرانيين متدربون على قيادتها.

نائبة وزير الخارجية الأميركي "ويندي شيرمان" أكدت أمس الاثنين وخلال جولتها الاخيرة التي تستغرق اسبوعا تشمل تركيا وإسبانيا وشمال إفريقيا، انه "من الضروري أن يتوافق ما نرسله مع ما يطلبه الرئيس "زيلينسكي"، لأنه يعرف حاجات جيشه"، في اشارة الى الطائرات الروسية الصنع، غير ان موقف الولايات المتحدة الحقيقي متخوف جدا من أي خيار يمكن أن يفسره فلاديمير "بوتين" على أنه تصعيد كبير، لتفادي أن تعتبر موسكو إحدى دول الحلف الأطلسي "مشاركة" في النزاع في أوكرانيا، ففي حال هاجمت روسيا دولة عضو في الحلف الأطلسي، فإن كل الدول الأخرى الحليفة وفي طليعتها الولايات المتحدة ملزمة بمساعدتها بموجب المادة الخامسة من ميثاق الحلف التي تعهد الرئيس الاميركي "جو بايدن" بالالتزام بها.

لذا ومن هذا المنطلق، ترفض واشنطن والحلف الأطلسي بشكل قاطع ما تطالب به اوكرانيا وتصر على تنفيذه بل ويطالب به الرئيس الاوكراني "فولوديمير زيلينسكي" بصورة ملحة من فرض منطقة حظر جوي فوق أوكرانيا، إذ أن ذلك يعني أن تكون طائرات الحلف على استعداد لإسقاط مطاردات روسية، ما "يمكن أن يقود إلى حرب شاملة" بحسب "بلينكن"، غير ان ادارة "بايدن" وبعد تمنعها عن طرح هذا الاحتمال، أقرت في نهاية المطاف أمام إصرار أوكرانيا بأنها تدرسه بشكل "حثيث"، بدون أن تورد جدولا زمنيا أو تقدم التزاما حازما.

ويخشى البعض في الواقع أن تكون هذه الخطوة كافية لتوسيع بقعة النزاع، بدون أن تحدث عمليا تغييرا كبيرا في توازن القوى في الجو، والى اشعار اخر ستبقى اوكرانيا تقاسي مرارة الحرب لوحدها دون تدخل مباشر من الناتو الدول الاوروبية واميركا، ما ينطبق عليها المقولة المشهورة في منطقتنا العربية "المتغطي بالاميركان عريان".

السيد ابو ايمان